معلومات لـ «الراي» عن مفاوضات غير سهلة نتيجة تعدُّد الخاطفين ومطالبهم
«النصرة» أطلقت عنصريْ أمن لبنانيين من المخطوفين لديها
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
12:58 م
• الشيخ أمامة لـ «الراي»: إطلاق العنصرين بادرة حسن نية
نأمل أن تتلقفها الحكومة اللبنانية
رغم الاشارة الايجابية التي شكّلها إطلاق «جبهة النصرة» امس، اثنين من عناصر قوى الامن اللبنانيين الذين كانوا محتجزين لديها منذ اندلاع المعارك مع الجيش اللبناني في بلدة عرسال وجرودها وعلى أطرافها في 2 اغسطس الجاري، فان هذا التطور لم يرفع منسوب التفاؤل الى حد توقُّع نهاية قريبة لهذا الملف الذي يشمل ايضاً نحو 15 رجل امن وما لا يقلّ عن 13 عسكرياً ما زالوا في الأسر.
واذا كان تسليم «جبهة النصرة» (كما علمت «الراي») الشيخ مصطفى الحجيري ووفداً من هيئة العلماء المسلمين العنصريْن في قوى الامن مدين حسن وكمال المسلماني أتى امتداداً لرسائل حسن النية التي كان هذا التنظيم وجّهها قبل انسحاب مسلّحيه وعناصر «داعش» من عرسال حين أطلق 3 عسكريين من الجيش و3 رجال امن، فان التطور الذي حصل امس، لا يعني ان الطريق بات معبداً امام طيّ هذا الملف الذي تسوده تعقيدات ليس اقلّها تعدّد الجهات التي تحتجز العسكريين وعناصر الامن الموزعين في شكل اساسي بين «النصرة» و«داعش» وسط عدم استبعاد وجود رهائن لدى تنظيم عماد احمد جمعة (كان بايع «داعش») الذي انفجرت احداث عرسال بعيد توقيفه من الجيش اللبناني، وهو ما يعني امكان تضارُب «دفاتر الشروط» بين كل منها.
والأكيد ان المفاوضات التي تتم عبر هيئة العلماء المسلمين مع «داعش» و«النصرة» تجري في شكل منفصل مع كل منهما، ووفق «سلة شروط» مختلفة، بدليل ان «داعش» كانت سلّمت لوحدها قبل خمسة ايام (عبر هيئة العلماء) شريط فيديو الى الحكومة اللبنانية يُظِهر 8 عسكريين من الجيش لديها مع مطالب بينها حماية مخيمات النازحين السوريين وعدم التعرض للقاطنين فيها ولا للجرحى في المستشفيات اضافة الى بند يتعلق «بالمبادلة بآخرين» رُبط كشف أسمائهم بتجاوُب السلطات اللبنانية مع البنود الاولى وتردد ان بينهم موقوفين متشددين في سجن رومية وربما عماد جمعة.
والواضح ان إطلاق عنصريْ الامن امس جاء من خارج سياق المسار التفاوضي الذي تعتمده «داعش»، من دون ان يتضح اذا كانت «النصرة» أرفقت الافراج عنهما بإعلان شروطها التي لم تكن بعد قد تقدّمت بها.
ورغم الكتمان الشديد الذي أحيطت به عملية استعادة الرهينتين، ابلغ عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ عدنان امامة الذي يضطلع بدور مهم في ملف الاسرى العسكريين الى «الراي» أن عنصري الأمن كانا محتجزين لدى «جبهة النصرة»، موضحاً ان «لدى الجبهة ثلاثة جنود من الجيش و17 عنصراً من القوى الأمنية، ومع إطلاق الإثنين بات لديها 15 عنصراً من القوى الأمنية و3 من الجيش وهم جميعاً على قيد الحياة وبصحة جيدة».
ويعني كلام أمامة ان كل العناصر الامنية هم أسرى لدى «النصرة» باعتبار انه بعيد اقتحام فصيلة درك عرسال اُعلن وجود 20 رجل امن مخطوفين (وُضعوا بداية في عهدة الشيخ مصطفى الحجيري) وتم اطلاق 3 قبل انسحاب المسلحين، في حين ان عدد العسكريين المفقودين يبلغ 21 وكانت تقارير تحدثت عن وجود 13 أُسروا لدى اقتحام احد المراكز التابعة للجيش على أطراف عرسال وسط تقديرات بامكان ان يكون الآخرون في عداد القتلى خلال المعارك علماً انه عُثر قبل ايام على جثمان احدهم.
ووضع الشيخ امامة إطلاق مسلماني وحسن في إطار «بادرة حسن نية»، قائلا: «قائد الجيش كان متجاوباً معنا في زيارتنا التي قمنا بها له السبت كوفد، وأبدى نيته المساعدة في كل ما كان في إختصاصه، وذكر أن هناك أشياء ليست من اختصاصه بل من اختصاص السلطتين القضائية والسياسية، وأن علينا أن نراجع المسؤولين في هاتين السلطتين من أجل الاستجابة للمطالب التي يمكن تلبيتها في إطار الواقعية والمعقولية».
تابع: «حملنا هذه الرسالة من قائد الجيش إلى المسلحين، وقلنا انه متعاون وانه قال انهم لو كانوا صادقين في أنهم يريدون الإفراج عنهم (القوى الأمنية والجيش) وأن مطالبهم واقعية، فليبدأوا بإظهار حسن النية عبر الإفراج عن بعض العسكريين، فاستجاب المسلحون لهذه الإشارة وسلموا هيئة العلماء العنصرين من قوى الأمن».
ونوه أمامة بدور الشيخ مصطفى الحجيري «الذي ساعد في الإفراج عن هذين العسكريين»، آملاً من الحكومة اللبنانية أن «تتلقف بادرة حسن النية وتبدي رغبتها في أن يندفع مسار المفاوضات».
في موازاة ذلك، علمت «الراي» ان الجيش اللبناني لم يتدخل في المفاوضات الجارية بالواسطة بين الخاطفين والسلطة السياسية، وسط تأكيدات استقتها «الراي» من مصادر مسؤولة بأن المخطوفين من عسكريين ورجال أمن اصبحوا في ايدي مجموعات متفرقة موزعة في أمكنة عدة من جرود عرسال، اي ضمن الأراضي اللبنانية.
وقالت مصادر مسؤولة في بيروت لـ «الراي» ان الخاطفين لم يظهروا في شريط الفيديو الذي تسلّمته رئاسة الحكومة اخيراً سوى 8 عسكريين من الجيش اللبناني من أصل 21 جندياً، ما يعني تالياً أن المفاوضات لإطلاقهم لن تكون سهلة لأن الخاطفين يحاولون الاستفراد كل على حدة بمطالب معينة، اي لن تكون هناك سلّة واحدة.
وكشفت مصادر امنية لـ «الراي» ان جمعة يمثل الصف الثاني من قيادة المسلحين، بعدما كان الجيش قتل خلال المواجهات في عرسال احد قادة الصف الأول، وهو المعروف بـ «أبو حسن الفلسطيني».
ورأت مصادر امنية ان وجود هؤلاء المسلحين لم ينته في عرسال وهم موجودون في مخيمات النازحين السوريين ويحصلون على مساعدات غذائية وطبية تأتي عن طريق المعونات الرسمية، مما يوفر لهم ولعائلاتهم سبل البقاء.
وأشارت المصادر عينها الى ان وجود هؤلاء بالآلاف ما زال يشكل خطراً على لبنان، لافتة الى ان الجيش اللبناني لن يستطيع وحده المحافظة على أمن البلاد إنطلاقاً من حدودها الشرقية - الشمالية، ما يبرز الحاجة تالياً الى التنسيق مع سورية لوجود قوات «النصرة» و«داعش» في المناطق الحدودية بين البلدين.
وقالت هذه المصادر ان عدد المسلحين الموجودين في المنطقة (عرسال وجرودها) في تزايد مستمر ليس بسبب مشكلات في الحصار المفروض عليهم بل لأن مخيمات النزوح السوري تشكل بيئة حاضنة لهم.