حوار / «كي أمثّل... أريد فيلماً يتحدث عن الصراع العربي - الإسرائيلي»

معين شريف لـ «الراي»: متمسكون بأرضنا وعندما يصل «الموس» إلى الذقن... هناك حديث آخر

1 يناير 1970 03:34 م
• الفنانون يقولون إنهم إذا تبنوا موقفاً معيناً يُمنعون من السفر... أصبحوا مثل فكر العدو الصهيوني

• الأعمال العربية المشتركة كشفت الممثل اللبناني ... إذ لا يوجد صدق في أدائه
يستعدّ الفنان معين شريف لطرح عمل جماعي يتناول العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو أجرى اتصالات مع عدد من الفنانين للمشاركة في العمل، ولكن يبدو أن الاعتذارات بالجملة.

شريف انتقد عبر «الراي» مواقف الفنانين «الصامتة» حيال ما يجري في غزة «وهذا السكوت جريمة في حق الانسانية وفي حق اخوتهم»، مؤكداً «أن الله وهب الفنان موهبة وعليه أن يستخدمها كرسالة لتصويب المسار»، ومشيراً إلى «أن أهم شيء هو أن يشعر الإنسان بأنه مرتاح الضمير عندما ينظر إلى وجهه في المرآة أو عندما ينام على وسادته، خصوصاً أن العمر الذي نعيشه هو ممرّ من حياة الفناء إلى حياة البقاء».

وتحدث عن خلافاته مع بعض الفنانين الذين كانوا لا يتركونه في مرحلة البدايات وعندما وصلوا ابتعدوا عنه «لأنهم يخافون أو يرتعبون من موقفي السياسي».

• بين مسلسلات رمضان وأحداث غزة وقبلهما «المونديال» التي كان هناك تزامن بينها، كيف لامستَ تفاعل الناس مع هذه المواضيع؟

- يقول المثل «ناس ايدها بالنار وناس ايدها بالماء»! وضْع الناس مضحك، خصوصاً الصمت العربي حيال ما يجري في غزة وإخواننا في فلسطين المحتلة.

• وكيف تفسر كل هذا الصمت؟

- الشعوب ليست صامتة، والسلاح الأخير الذي بقي لنا هو الشعوب العربية التي لاتزال تتذكر قضية اسمها فلسطين وأن هناك قبلة للمسلمين والمسيحيين هي القدس المحتلة.

• وكيف رصدتَ مواقف الفنانين حيال ما يجري في غزة؟

- الله وهبنا موهبة وُلدت معنا من أجل أن تكون لدينا كلمة ورسالة وهدف في مسيرتنا الفنية وأن يكون لنا دور كفنانين في تصويب مسار الناس، وتصحيح الخطأ في البوصلة. كل فنان مسؤول أمام الله أولاً. ومَن وهبه الله محبة الناس يجب أن يتحمل مسؤولية، وسكوت الفنان حيال ما يجري في غزة جريمة في حق الإنسانية وفي حق اخوتهم. قبل مدة، «قامت الدنيا ولم تقعد» لأنهم حرروا فيلاً من قيوده، وانشغل الرأي العام العالمي به، ولكن أطفال غزة يذبحون يومياً وأصبحوا أرخص من الفيل مع احترامي للفيل، لأنني مع الرفق بالحيوان. تخيّلي أن الإنسان صار أرخص من الحيوان بكثير.

• كيف تفسر موقف الفنان عمرو مصطفى الذي هاجم الفلسطينيين وقال إن المصريين اعتادوا على مشاهدة الدماء ودعا حركة «حماس» إلى التحالف مع «داعش»؟

- هذه وجهة نظره، وهو يحلل الأمور بطريقته الخاصة. وبشكل عام، يُعتبر سكوت الفنانين تجاه ما يحصل في غزة جريمة.

• هل ترى أن الفن هو مجرد تجارة بالنسبة إلى بعض الفنانين؟

- لا شك في أن هناك فنانين هم رمز للقضية، وبينهم مارسيل خليفة وجوليا بطرس ووديع الصافي الذي هو استاذي ومعلمي وموجهي. هؤلاء لم يستخفوا بالقضية.

• في رمضان تنصبّ الأنظار على الممثلين، بينما المطربون شبه مغيّبين عن الأضواء، فهل هذا الوضع يجعلك تتمنى أن تكون ممثلاً؟

- حتى اليوم لم أقتنع بفكرة التمثيل. الدراما اللبنانية، مع احترامي لمحاولات البعض، لا تزال متأخرة بعض الشيء.

• ولكن الفنان اللبناني يركز على الأعمال العربية المشتركة؟

- وجودهم فيها «مبين تركيبة» ولا يوجد صدق في الأداء. راقبتُ بعض المسلسلات التي تضم مزيجاً من الممثلين اللبنانيين والسوريين والمصريين ولم أصدّق الممثل اللبناني، ووجدتُ أن هناك فارقاً شاسعاً في الأداء بين الممثل اللبناني وزملائه. الأعمال العربية المشتركة كشفت الممثل اللبناني. ووجود الممثلين المخضرمين فيها كدرجة ثانية، مع أن أبطال العمل ليسوا بمستواهم نفسه، يعني أن الأبطال موجودون في مواقع ليست لهم.

• في حال عُرض عليك دور مناسب في عمل راق، هل يمكن أن تتراجع عن قرارك؟

- يجب أن تشبه القصة معين شريف كي أظهر فيها كممثل. أريد عملاً قريباً من فكري وشخصيتي وقناعاتي كي أنجح بإيصال الفكرة إلى الناس.

• وأيّ الأعمال تشبهك؟

- شاهدتُ فيلماً عن فلسطين لا أعرف اسمه، ولكنه أعجبني كثيراً. أريد فيلماً يتحدث عن الصراع العربي - الإسرائيلي. هو صراع مستمر منذ العام 1948 ولم يجد له حلاً له حتى اليوم. هم شبه أقنعوا الناس أنه واقع فرض عليهم ويجب التكيّف معه، والتكيّف مع هكذا واقع هو أمر خطير جداً. وأنا أخاف أن يعملوا من أجل أن تنسى الأجيال القادمة قضيتها. نحن كفنانين نحمل مسؤولية أيضاً من أجل منع تكريس هذه الفكرة من خلال تقديم أعمال خالدة تتناول موضوع الصراع العربي - الإسرائيلي.

• للأسف، غالبية الفنانين لا يهمهم سوى جمع المال؟

- الفنانون يقولون إنهم إذا تبنوا موقفاً معيناً يمنعون من السفر. الدنيا مصالح وهم أصبحوا مثل فكر العدو الصهيوني.

• ولكنك تأذيتَ فعلاً من مواقفك السياسية؟

- هذا صحيح. ولكن الأهمّ من كل ذلك: هل أنا مرتاح الضمير عندما أنظر إلى وجهي في المرآة أو عندما أضع رأسي على وسادتي؟ راحة الضمير أهمّ من كل مصالح الدنيا ويجب ألا ننسى أن الحياة الدنيا ليست سوى حياة لعب ولهو، ودار الآخرة هي الأبقى لكل الناس. العمر الذي نعيشه ممر من دار الفناء إلى دار البقاء، ولنقم بعمل صالح واحد في حياتنا.

• من يتابع مسيرتك الفنية يلاحظ أنك تتبنى خطاً فنياً خاصاً بك، فأنت مقلّ في إطلالاتك الإعلامية، لا تظهر في برامج «التوك شو» الفنية وبرامج الهواة. كفنان، هل يمكن القول إنك تغرد خارج السرب؟

- أريد من هذه الحياة السترة فقط وليس الثروة التي يبيعون من أجلها قيمهم ومبادئهم وكرامتهم وشرفهم.

• هم يريدون الشهرة أيضاً؟

- الشهرة تحصيل حاصل! كلنا مشهورون ويمكننا تحقيق الشهرة بأسهل السبل. يكفي أن نقوم بعمل شنيع وأن ننزل إلى الشارع وأن يقوم الآخرون بتصويرنا بكاميرا هواتفهم الخلوية وطرْح الفيديو على «الفايسبوك» أو المواقع الالكترونية، فنصبح من المشاهير. الشهرة ليست هدفاً، بل وسيلة أريد استغلالها بطريقة صحيحة.

• لنفترض أنك عضو لجنة تحكيم في برنامج للهواة، ألا تعتقد أنك تتحمل مسؤولية كفنان، من خلال حرصك على تخريج مواهب فنية جديدة؟

- ولهذا السبب لم ولن تشاهديني في يوم من الأيام في موقع الحكم. لقد شاهدتُ العديد من هذه البرامج، وللأسف «أخذوا كسرة» ولم يعد هناك إفساح في المجال لعامل الوقت بين برنامج وآخر، مع أن هذا الأمر ضروري جداً. وهنا تستحضرني تجربة المخرج سيمون أسمر في برنامج «استديو الفن» الذي كان يقدم البرنامج مرة واحدة كل أربع سنوات. وهو كان يفعل ذلك إفساحاً في المجال أمام المواهب الجديدة كي تبرز وتفرض نفسها. أما اليوم، فإن عدد هذه البرامج يفوق عدد المواهب، وكل ذلك بهدف جذب المشاهدين.

• هل ترى أن هذه البرامج وُجدت لخدمة النجوم أم الهواة؟

- بل لخدمة النجوم، والهواة هم مجرد وسيلة أو سلعة.

• ربما تجربة محمد عساف هي الأبرز في هذا المجال؟

- فوجئت عندما ذُكر اسمه أمامي. أنا لم أشاهده عندما كان مشاركاً في البرنامج، ولذلك لا يمكنني أن أقيّم صوته وموهبته. اسأليني عن أحد أعرفه.

• هو فنان من غزة؟

- أتمنى له الحظ والتوفيق.

• مَن يلفتك بين الفنانين الذين تخرّجوا في برامج الهواة؟

- برهنت الأيام أن برامج الهواة لا تصنع فناناً، بدليل أنه لم يبرز من بين الأسماء التي تخرّجت في هذه البرامج سوى تلك التي تملك الموهبة. لا يوجد برنامج يصنع فناناً، بل الله هو الذي يمنح الإنسان الموهبة التي لا يمكن أن يعطيه إياها أي برنامج. الموهبة تكون أو لا تكون، ولا يمكن أن تُعلّم أو أن تدرّس.

• أشرتَ إلى أن الشهرة سهلة جداً، ومن الملاحظ أنك مطارَد بنوع معين من الاشاعات التي تتحدث عن حوادث إطلاق النار وكأنك تترأس مجموعة من المسلحين؟

- الفنان معرض للاشاعات دائماً، وهي ليست بالأمر الجديد، بل هي موجودة منذ أيام الحامولي وزرياب والموصلي، مروراً بزمن الجيل الفني الذي سبقنا وصولاً إلى وقتنا الحالي. الاشاعة هي توأم الشهرة.

• ولكن الاشاعات التي تطاردك تدور حول موضوع واحد. فهل هناك مَن يضمر لك الأذى أو أن أصولك البعلبكية هي السبب؟

- ربما المسألة لها علاقة بجغرافية بلدتي، ولكن هذه الاشاعات لا تهمني. الناس يعرفونني جيداً، وكذلك الإعلام الذي يعرف جيداً أنني لست من هذه الفئة.

• يشكل الفنانون الذين ينتمون إلى منطقة بعلبك، الأكثرية على الساحة الفنية في لبنان، ولكن اللافت أن العلاقة بينكم ليست في أفضل أحوالها؟

- ربما هذا الأمر له علاقة بالمبادئ. ما بيننا هو خلاف مبادئ وليس خلافاً فنياً.

• بأي معنى؟

- كل فنان لديه قناعاته وفكره واتجاه معين أو بوصلة يسير من خلالها.

• هل تشير إلى مبادئ سياسية أو اجتماعية؟

- ربما الابتعاد عني هروب من المسؤولية.

• أي مسؤولية؟

- المسؤولية الفنية.

• هل تقصد أن الفنانين يخافون أن يُصبغوا بصبغة سياسية معينة إذا اقتربوا منك؟

- ربما هم يعتقدون أنهم إذا قالوا لي مرحبا أو إذا خرجنا للعشاء معاً فإنهم «سيُحسبون عليّ» أو يُعامَلون بالمثل. موقفي في عدوان يوليو 2006 عرّضني للمساءلة في المطارات الأجنبية، وربما هم يخافون أو يرتعبون من موقفي السياسي.

• ولكن ملحم زين يتحدث علناً عن موقفه السياسي؟

- لم أقصد شخصاً معيّناً بكلامي. أنتِ تحدثتِ عن مطربين ولم تذكري أسماء، اسأليهم! في بداياتهم الفنية كنت قريباً من الجميع، وعندما كانوا بحاجة إلى صداقاتي كانوا «صبحني مسّاني: آلو» وإذا لم نكن نلتقي كنا نتواصل هاتفياً، حتى أنهم كانوا يوجدون الأعذار أو الحجج كي يلتقوا بي. لكن لا أعرف ما الذي يحصل لهم بعد أن يصبحوا مشهورين.

• كانت لديهم مصلحة من وراء رفقتك؟

- لا أعرف، استنتجي بنفسك.

• أشرتَ أكثر من مرة إلى أنك تريد أن تطرح ألبوماً جديداً، ولكنك لم تفعل ذلك حتى اليوم. فما سبب كل هذا التأخير؟

- أعمالي موزعة بين الاستديوهات وأنا جاهز تماماً ولكن ينقصني الظرف المناسب.

• أي ظرف؟

- الجو العام. أنا لا أعيش في كوكب آخر، بل على الأرض. العالم العربي يمرّ اليوم في أخطر مرحلة وهناك خريطة جديدة ترسم له وأنا أشتمّ الرائحة.

• تقصد أن هناك مخطط تقسيم يُرسم للعالم العربي؟

- هكذا يبدو. عندما ينمّون الفكر التكفيري والمذهبي ويشجّعون على الجريمة والتنكيل وعندما يشجعون القوي على الاستقلال في منطقة ما، فكل هذه الأمور تشير إلى أن هناك مخطط تقسيم يرسم للعالم العربي.

• في حال وقع التقسيم. كيف يمكن أن تتصرف؟

- نحن من هذه الأرض، وهذه الأرض هي جزء منا، ونحن متمسكون بأرضنا. نحن نتأثر حالياً بما يحصل للناس، ولكن عندما يصل «الموس» إلى الذقن هناك حديث آخر.

• ماذا تقصد؟

- كل شيء حلو بوقته.

• هل يمكن أن تحارب على الأرض؟

- لا تتوقعي شيئاً قبل أن يحصل. حالياً نحن نلفت النظر ونطرح أغنيات، والأولوية عندنا اليوم هي تقديم عمل جماعي ينفذه أكثر من مطرب من أكثر من دولة عربية، ويمكن حتى استجلاب مطرب أجنبي كي يغني معنا. حتى لو لم نحقق شيئاً يكفينا شرف المحاولة.

• هل هناك مشروع من هذا النوع؟

- نعم، أنا أسعى بكل إمكاناتي لعمل مماثل.

• هل لمستَ تجاوباً من الفنانين الذين اتصلتَ بهم من أجل هذا الموضوع أم انهم خائفون ومترددون؟

- حتى اليوم لم يستنكر أحد ما يحصل مع أطفال غزة، وهذا الوضع يذكرني بما حصل في حرب يوليو 2006 عندما نفض العالم كله يديه وقال «اصطفلوا انتوا جبتوا الحرب لأنفسكم». ويتكرر اليوم الشيء نفسه مع غزة، إذ يقال لهم «أنتم اعتديتم عليهم وليسوا هم من احتلوا بلدكم».

• هل يمكن أن تنفذ العمل بمفردك في حال رفض الفنانون التعاون معك؟

- «إذا لم يبق في الميدان إلا حديديان، مضطر حديديان يصرّخ لحالو».

• من هم الفنانون الذين اتصلتَ بهم؟

- لا أريد أن أذكر أسماء كي لا أفضحهم. ربما بعد المحاولة الثانية «بيمشي الحال»، كي لا يظنوا أنني أتاجر بالقضية أو أحاول أن أسجّل موقفاً.

• وهل العمل جاهز بين يديك؟

- نعم جاهز، وهناك العديد من الأعمال المركونة في الأدراج.