عراجي غداة تفقُّد عرسال: البلدة مع الدولة والجيش
أمامة لـ «الراي»: سلّمنا رئاسة الحكومة فيديو يُظهر 7 عسكريين وقائمة مطالب من «داعش» بينها «مبادلة بآخرين»
| بيروت – من آمنة منصور |
1 يناير 1970
12:43 م
ما زالت بلدة عرسال الواقعة على التخوم الشرقية للحدود مع سورية في دائرة الضوء بعد نحو أسبوع على انتهاء المعارك الضارية التي دارت على مداخلها وفي جرودها بين الجيش اللبناني وجماعات مسلحة من «داعش» و«جبهة النصرة».
واستمرت عرسال في عين الحدَث اللبناني من زوايا عدة: واقع البلدة بعدما دخلها الجيش اللبناني في اعقاب المعارك، مصير عسكريين من الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي كانوا خطفوا من الجماعات الارهابية، والمساعي الجارية لـ «تضميد جراح» هذه البلدة اللبنانية التي دفعت أثماناً باهظة.
وكان لافتاً امس انه في الوقت الذي قام قائد الجيش العماد جان قهوجي بزيارة تفقدية للوحدات العسكرية المنتشرة في عرسال وجوارها، كانت هيئة العلماء المسلمين التي تتولى الوساطة للإفراج عن العسكريين اللبنانيين، تسلم الحكومة اللبنانية شريط فيديو يظهر سبعة مخطوفين من الجيش.
عضو «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ عدنان إمامة الذي يواكب الملف عن كثب ويضطلع بدور كبير فيه كشف لـ «الراي» أن الشريط الذي تم تسليمه الى رئاسة الحكومة «يتضمن مجرد تعريف عن العسكريين وبالقطاع الذي ينتمي إليه كل منهم»، لافتا إلى «أننا لن نتكلم بالأسماء، وتركنا هذا الأمر لعهدة رئاسة الحكومة».
وأوضح أن «هذا الفيديو هو من جهة واحدة من الخاطفين هي «الدولة الإسلامية»، فيما هناك جهة أخرى هي «جبهة النصرة» التي تحتفظ بأكثر من هذا العدد بكثير»، مشيرا إلى «أننا نطمئن الرأي العام إلى أن ليس هذا كل ما عند الخاطفين من عسكريين، إنما هذا العدد هو عند الدولة الإسلامية، ونحن سلمنا هذا الشريط المتضمن لشهادة سبعة عسكريين بأنهم أحياء وبصحة جيدة، ورئاسة الحكومة هي التي تقدّر مصلحة نشر أو عدم نشر هذا الشريط».
وأكد أن «هذا الشريط هو بادرة حسن نية كي يحصلوا على تجاوب من الحكومة في التفاوض وتلبية المطالب»، مضيفاً: «سلمنا مع شريط الفيديو قائمة بمطالب هذه الجهة الخاطفة، وتمنينا على الحكومة أن تكون إيجابية في التعاطي معها، وأن نتمكن من رد خبر عليهم بما يمكن تحصيله منها للتوصل إلى الإفراج عن العسكريين».
ولفت امامة إلى أن «الخاطفين ذكروا لنا منذ بداية التفاوض، أن هناك فارقاً بالأعداد الموجودة بين أيديهم عن الأعداد التي أعلنت عنها المؤسسة العسكرية»، قائلا: «هم قالوا لنا انهم يتحملون مسؤولية العسكريين الموجودين بين أيديهم، أما الأعداد الكبيرة التي تتحدث عنها قيادة الجيش (كانت أعلنت عن 22 مفقوداً قالت انهم ربما يكونون اسرى وتم إطلاق ثلاثة منهم قبل انسحاب المسلحين من عرسال) فلتذهب لتبحث عن جثث ربما تكون موجودة في جرود عرسال أو مناطق القتال. الآن «الدولة الإسلامية» أعلنت أنها تحتفظ بسبعة جنود وأنهم على قيد الحياة وبصحة جيدة وسلّمتنا مقاطع فيديو عنهم، وسنحصل إن شاء الله على نفس الأمر من جبهة «النصرة» ومعها أعداد أكبر بكثير من هذا العدد. وما عدا هذه الأعداد التي ستنشر يُعتبر في الباقون في عداد المفقودين».
وعما رشح من تحذير لهيئة العلماء بانسحابها من المفاوضات إزاء عدم مرونة الحكومة اللبنانية، قال: «هذا صحيح، ولكن بعد أن سلمنا اليوم كبادرة حسن نية هذه الفيديوات، فإن الحكومة قدرت لنا هذا الموقف ووعدتنا بأن التعاطي سيكون جيداً. وقالوا لنا انتظرونا لساعات أو يوم أو يومين لنتمكن من إجابتكم على مطالب الخاطفين».
وكشف أن «من المطالب، المطلب الإنساني بايصال مساعدات للنازحين في عرسال، ضمان أمن المخيمات بألا تستباح من الجيش بعد أن يسلم الخاطفون مَن بأيديهم وألا ينتقم الجيش ويتشفى من النازحين، وثالثا موضوع سلامة الجرحى لأن هناك معلومات عن أن بعض الجرحى يقتلون في أسرّتهم، والأمر الرابع هو مطلب تبادل دون تحديد أسماء في الفترة الحالية حتى تبدي الحكومة مرونة في التعاطي».
وحول إذا دخل موضوع الموقوفين الإسلاميين على الخط من ضمن المطالب، أجاب: «لم يصرح الخاطفون حتى هذه اللحظة مَن يريدون، لبنانيين أم سوريين أم فلسطينيين. فهم وضعوا بنداً يتضمن فقط مبادلة بآخرين، وهذه المسألة تُركت عامة حتى تبدي الحكومة مرونة في التعاطي مع المطالب الأخرى ليصبح بالإمكان أن نعرف بمن يريدون مبادلة من بأيديهم من أسرى». وختم: «في حال كانت الحكومة مرنة في التعاطي فهذا أمر طيب ويجعلنا نندفع في إكمال المبادرة، أما إن كان تجاوب الحكومة سلبياً أو ستبقى متشددة في التعاطي فربما تكون الهيئة مضطرة للانسحاب أو تعليق المبادرة خلال أيام معدودة، لأن الهيئة غير قادرة على الانتظار طويلا في هذا الجو المكفهر والمحتقن في الساحة اللبنانية، حيث كل الجهات تصوب السهام عليها، فيما الهيئة عبارة عن جهة علمائية تسعى إلى الخير ولا تملك السلطة أو أي وسيلة للضغط».
هذا وكان وفد من نواب كتلة الرئيس سعد الحريري قصد عرسال للوقوف على ما خلفته الأحداث التي شهدتها من دمار ومآسي. عضو الكتلة النائب عاصم عراجي، الذي كان من ضمن الوفد، أشار لـ «الراي»، إلى أن «الزيارة كانت لتفقد الأضرار والاستماع إلى شكوى المواطنين وآرائهم ولندرس نحن وإياهم خريطة طريق للمستقبل القريب لما يجب أن يحصل في عرسال من الناحية الأمنية ودخول الدولة بجيشها ومؤسساتها الاجتماعية والصحية إليها».
وأوضح أن الوضع «كان مستقراً جداً»، قائلاً: «مررنا في غالبية أحياء عرسال، وتفقّدنا معظم البلدة وشاهدنا آثار الدمار وأخذنا رأي فعاليات عرسال الذين أكدوا تعطشهم لدخول الدولة إلى بلدتهم بشكل قوي من جيش ودرك والمؤسسات الأخرى الصحية والاجتماعية... فهم يريدون الدولة وخيارهم جميعاً الجيش، لأنهم عانوا الأمرّين من وجود المسلحين».
وأشار إلى وجود أضرار في بعض المدارس والمستوصف والصيدليات»، معتبرا أن «المفروض التعويض على هؤلاء الناس، ونحن سنقول هذا الأمر للرئيس تمام سلام». واضاف: «الرئيس سعد الحريري تبرع بمبلغ 15 مليون دولار لعرسال، واحتمال كبير أن يتم من خلالها بناء مستشفى ومدارس. غدا (اليوم) ستجتمع اللجنة المخصصة لدراسة حاجات عرسال، والمؤلفة من نواب المنطقة وأمين عام «تيار المستقبل» أحمد الحريري ومنسق تيار «المستقبل» في عرسال، لنرى حاجات البلدة الضرورية وما يجب القيام به في هذا الإطار بشكل سريع. إذ ممنوع أن يترك أهالي عرسال أرضهم، فإذا استمر هذا الوضع الاقتصادي المتردي ومع وجود نحو 120 ألف نازح سوري سيضطرون في نهاية الأمر الى الرحيل، كأهالي الطفيل وهذا ما نحن نرفضه».
وعما إذا تم بحث موضوع العسكريين والقوى الأمنية المحتجزين لدى المسلحين، أجاب: «بالطبع فهذا موضوع وطني بامتياز، وعودة العسكريين تشكل مع إنماء عرسال أولوية بالنسبة لنا».