تضامُن شامل مع غزة ومسيحيي الموصل في وجه إسرائيل و«داعش»
«استرخاء» سياسي في لبنان عشية الفطر واستعدادات لدينامية ما بعد العيد
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
11:20 ص
يدخل لبنان عطلة عيد الفطر على وقع «استرخاء» سياسي شكّلت «اشارة العبور» اليه خلاصات الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء التي أحيت العمل بـ «بروتوكول التعاون» بين مكوّنات «الحكومة الرئاسية» بعد «اهتزاز» ركائز عملها «الإجماعي - التوافقي»، وصولاً الى استعادة البرلمان يوم امس مشهدية الالتئام كمؤسسة ولو من البوابة السياسية تحت عنوان التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة ومع المسيحيين العراقيين في الموصل.
والواقع ان غالبية القوى السياسية في بيروت تترقب انعكاسات هذين التطورين بعد عطلة العيد، على صعيد توسيع اطار التوافق الذي أملى انضباط كل القوى السياسية مجدداً تحت سقف التسوية التي أنتجت الحكومة، ليشمل ملاقاة قوى 14 آذار لرئيس البرلمان نبيه بري الذي كان قدّم ما يشبه «اعلان النيات الحسنة» من خلال إرجاء قضية قوْننة صرف رواتب موظفي القطاع العام عبر مجلس النواب شهرين وتغطية تأمينها بآلية أقرّتها الحكومة، وذلك عبر تسهيل إقرار ملف سلسلة الرتب والرواتب وتمويلها وصولاً لإقرارها في جلسة تشريعية كانت قضية رواتب القطاع العام احد البنود الخلافية على جدول أعمالها التي أزيلت.
وتدفع الواقعية السياسية بدوائر مراقبة في بيروت الى الفصل بين مساريْ الانفراج الحكومي الذي أفضى ايضاً الى إنهاء ملف الجامعة اللبنانية وطي واحدة من آخر «الموروثات» الامنية من زمن الوصاية السورية المتمثلة بوثائق الاتصال الصادرة عن مخابرات الجيش اللبناني ولوائح الإخضاع الصادرة عن الأمن العام (ألغيت)، وبين انعكاسات هذا المناخ التبريدي، ولو امتدّ الى استعادة عجلة التشريع «الاضطراري» في البرلمان، ليشمل الانتخابات الرئاسية التي تبقى حساباتها وديناميتها أكثر تعقيداً وامتدادتها أبعد بكثير من المسرح اللبناني الذي بات مفتوحاً على الساحتين السورية والعراقية و«لهيبهما».
ورغم ان الاقتناع راسخ بان الفترة الفاصلة عن 12 اغسطس موعد الجلسة العاشرة لانتخاب رئيس جديد لن تفضي الى إحداث اي اختراق في جدار هذا الملف، فان الدوائر السياسية ترى ان هذا التاريخ الذي يسبق بثمانية ايام موعد الدعوة التي يفترض ان توُجّه الى الهيئات الناخبة في اطار التحضير للانتخابات النيابية قبل ثلاثة اشهر من انتهاء ولاية البرلمان الممددة (في 20 نوفمبر)، يشكّل عامل ضغط اضافياً في محاولة كسر المراوحة الرئاسية عبر استكشاف آفاق مروحة جديدة من الأسماء «التسْووية».
ورغم التسليم الذي أفرزته المبادرة الاخيرة للرئيس رفيق الحريري بملاقاة من الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط بان «رئاسية لبنان اولاً» اي قبل الاستحقاق النيابي وهو ما عنى عملياً توفير الأرضيّة السياسيّة لتمديد جديد للبرلمان وسحب ورقة من يد العماد ميشال عون المتمسك بانتخابات نيابية وفق قانون كل طائفة تنتخب نوابها في محاولة لتغيير الموازين في مجلس النواب وضمان انتخابه رئيساً، فان الدوائر السياسية نفسها ترصد السلوك الذي سيعتمده عون بعد إدراكه ان «التمديد 2» لمجلس النواب صار أمراً واقعاً واذا كان ذلك سيجعله يعجّل في مرحلة الانتقال من مرشح رئاسي الى ناخب رئيسي ولا سيما ان «خريطة الطريق» التي رسمها الحريري قبل ايام تجاوزت عملياً اي امكان للتوافق عليه رئيساً.
الا ان اوساطاً مطلعة تعتبر ان عون لم يبلغ بعد هذه المرحلة، وترى انه سيكمل بلعبة «عضّ الاصابع»، مستفيداً اولاً من عدم استعجال طهران و«حزب الله» حتى الساعة بت الملف الرئاسي قبل انقشاع الرؤية في اكثر من ملف اقليمي او في ما خص الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي، ومراهناً ثانياً على ان التطورات في الموصل يمكن ان تشكل عنصر ضغط وإحراج لـ«تيار المستقبل» والسعودية تدفع للسير به رئيساً كـ «بدل عن ضائع» هو حقوق المسيحيين التي تهدرها «داعش» في العراق، وساعياً الى رسم معادلة «إما انا رئيساً وغير ذلك يكون شراكة مع داعش في الجرم».
وتتوقف هذه الاوساط السياسية عند الحملة التي بدأ يشنّها نواب من كتلة عون على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على خلفية انتقاداته العنيفة للنواب الذين لا يؤمنون نصاب جلسات الانتخاب وصولاً الى وصفهم بأنهم «مرتهنون لمصالحهم ومكبلون في آرائهم وحرياتهم ومرتهنون لمصالح شخصية أو فئوية من الداخل ولارتباطات مؤسفة مع الخارج»، وهو ما اعتُبر بمثابة اشارة اضافية الى ان عون ماض في لعبة «الهروب الى الأمام».
وفي موازاة ذلك، وعلى وقع الاهمية التي عُلقت على المحادثات التي بدأها نائب وزير خارجية ايران للشؤون العربية والافريقية امير عبد اللهيان في بيروت مع كبار المسؤولين والتي تركّزت على عناوين الساعة في لبنان والمنطقة، فان جلسة التضامن النيابية مع الشعب الفلسطيني في غزة، ومع المسيحيين العراقيين في الموصل بوجه العدوان الاسرائيلي وممارسات تنظيم داعش عكست مشهد توافق سياسي نادرا واثار ارتياحاً في بيروت القابعة في شرنقة من الخوف جراء استمرار التهديدات الارهابية والمخاوف من تمدُّد كرة النار في غزة الى اراضيه.
وقد تضمّنت جلسة التضامن مع غزة ومسيحيي الموصل كلمات لكل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ورؤساء الكتل النيابية، الذين اعربوا عن إدانتهم للوحشية الاسرائيلية واشادوا ببطولات الشعب الفلسطيني ومقاومته، قبل ان يصدر بيان عن الجلسة عبّر عن وحدة الموقف اللبناني من هذين الموضوعين.
وعشية الجلسة كان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله دعا الدول العربية والإسلامية الى تقديم كل أشكال الدعم الى «المقاومة الفلسطينية» في مواجهة الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، بما فيها التسليح، مؤكداً أن «حزب الله لم يبخل بالدعم والمؤازرة».
وظهّر نصر الله في خطاب ألقاه لمناسبة يوم القدس حيث أطلّ شخصياً من وراء ستار خشبي في مجمّع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، في ظهور هو الاطول من نوعه منذ عدوان يوليو عام 2006 (استمر نحو ساعة)، التباينات مع «حماس» حول الملف السوري ولكنه قال ان مسألة غزة «لا لبس فيها ولا غبار حتى لو بقيت الخلافات على الموضوعات الأخرى فغزة اليوم يجب أن تكون فوق كل اعتبار وكل الحسابات والحساسيات».
واذ أكد «أن الحزب يتابع بدقة وبالتفاصيل كل مجريات المعركة القائمة الآن» اعلن «اننا كنا وسنبقى نقف الى جانب كل الشعب الفلسطيني والى جانب المقاومة في فلسطين بكل فصائلها، ولن نبخل بأي شكل من اشكال الدعم التي نستطيعها ونقدر عليها، وسنقوم بكل ما يجب أن نقوم به»، ومتوجهاً «للصهاينة»: «أنتم اليوم في غزة في دائرة الفشل في بيت العنكبوت فلا تذهبوا الى أكثر من ذلك الى دائرة الانتحار».