من الآداب الاسلامية / آداب معاملة الحيوان(1)
1 يناير 1970
01:30 م
حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته أن رجلا كان يمشي بطريق، فاشتد عليه العطش فبحث عن ماء ليشرب، فوجد بئرًا فنزل فيها وشرب، ثم خرج، فرأى كلبًا يلهث ويأكل التراب المبلل من شدة العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني. فنزل البئر فملأ حذاءه بالماء، ثم أمسكه بفمه، وصعد إلى أعلى البئر، وسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له. فقال الصحابة: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (في كل ذات كَبِد رَطْبَة أجر) [متفق عليه].
***
خلق الله الإنسان وكرمه، وسخر له الحيوانات لتخدمه في قضاء حوائجه؛ فيستفيد من لحومها وألبانها، ويرتدي الملابس من صوفها وجلودها، ويتخذ من بعضها زينة وطيبًا. قال تعالى: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون. وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم. والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} [_النحل: 5-8].
ومن الآداب التي يلتزم بها المسلم عند تعامله مع الحيوان:
شكر الله على هذه النعمة: وذلك بحسن استخدامها والاستفادة منها، وأداء حق الله فيها من الزكاة والصدقات.
الرحمة بالحيوانات: المسلم يوفر للحيوانات الطعام والشراب والمكان المناسب، وقد كانت العرب تهتم بالخيول، وتحرص على تربيتها، وانتقاء سلالاتها الجيدة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح وجه فرسه بردائه. ورأى الصحابي الجليل أبو قتادة قطة تبحث عن ماء لتشرب، فأمال لها الإناء حتى شربت وانصرفت.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة دخلت النار؛ لأنها حبست قطة ومنعتها من الطعام والشراب، فقال: (دخلت امرأة النار في هِرَّة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدْعها تأكل من خشاش (حشرات) الأرض) [متفق عليه].
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا؛ فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة) [مسلم].
عدم تحميلها ما لا تُطيق: المسلم لا يشق على الحيوان بتحميله ما لا يطيق، فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم بستانًا لرجل من الأنصار، فوجد جملا، فلما رأى الجملُ النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ، وانهمرت الدموع من عينيه، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجمل، ومسح خلف أذنيه فسكت، ثم سأل عن صاحبه، فجاء فتى من الأنصار، فقال: أنا صاحبه يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها؛ فإنه شكا إلى أنك تُجيعه وتُدئبه (تتعبه وترهقه) [أبو داود].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق، ويرضى به، ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم (التي لا تتكلم) فأنزلوها منازلها (أريحوها في المواضع التي اعتدتم الاستراحة فيها أثناء السفر) [مالك].