«بروفايل شركة» / «الخليجي» برأسمال مصغّر... الآتي أصعب ؟
| كتب رضا السناري |
1 يناير 1970
08:43 ص
• التويجري: خطتنا مبنية
على «هدم» الديون
... وتطورات إيجابية قريباً لمعالجة
«رأس المشكلة»
• 750 ألف دينار إيرادات «الخليجي» سنوياً و1.6 مليون خدمة دينها
• «بيتك» ساعد الشركة في بداية الأزمة بإعادة هيكلة ديونها الخارجية
... ومازال يؤمن بملاءتها وقدرتها على السداد
• العلي: الدائنون والمدينون لم يعرفوا ثقافة التمويل طويل الأجل قبل الأزمة
... الشركات كانت تجدد ديونها بالتلفون
• الشركة تتحضر لدفع استحقاق في شهر فبراير المقبل بـ 3.4 مليون دينار
• نتائج الربع الثاني جاهزة ولن تمثل أي عقبة أمام عودة السهم للتداول
تحقق «بيت الاستثمار الخليجي» إيرادات سنوية بنحو 750 ألف دينار، في حين أنها تحتاج إلى 1.6 مليون دينار لخدمة دينها. كيف تسد الشركة هذه الفجوة؟ وهل يكون تخفيض رأس المال الي ينفذ حالياً، كافياً للمعالجة؟
قبل 10 سنوات تقريبا التقى الرئيس التنفيذي السابق لبيت الاستثمار الخليجي بدر العلي مع نائب الرئيس التنفيذي الحالي بشار التويجري صدفة عند مدخل الشركة، لم يعرف العلي وقتها ان الشاب الذي عرف نفسه بالموظف الجديد الذي يقضي يوم عمله الأول بالشركة هو الشخص نفسه الذي سيزكيه ليخلفه في قيادة الشركة والعمل على الخروج بها من ازمتها بعد 9 سنوات تقريبا.
عندما تأسست «بيت الاستثمار الخليجي» في 1998 بمساهمة بيت التمويل الكويتي (اكبر المساهمين بحصة تقارب 20 في المئة)، كانت مثالاً لطموح الشركات الكويتية في ذلك الوقت إلى تأسيس شركات خليجية تعمل في مجالات مختلفة و الاستثمار العقاري خارجياً، سواء من خلال الاستثمار المباشر أو عبر الصناديق، وبعد انتهاء سنوات التأسيس استطاعت الشركة في العام 2006 بناء ميزانية عكست وقتها مركزا ماليا قويا بموجودات تقارب قيمها 127 مليون دينار مقابل مطلوبات بنحو 57 مليونا.
لكن قبل اسبوعين اضطرت «الخليجي» التي يتمثل نشاطها في تقديم أعمال الاستثمار وخدمات الاستشارات المالية المتعلقة بها وفقا لاحكام الشريعة الإسلامية، إلى اخذ موافقة مساهميها على تخفيض رأسمال الشركة بنسبة 63 في المئة من 44.2 مليون دينار إلى 16.4 مليون، لإطفاء رصيد الخسائر المتراكمة البالغ 26.78 مليون دينار، مع الغاء 10 ملايين سهم للموظفين تم اصدارها في سنوات سابقة ولم يتم تخصيصها.
وقبل ذلك خفضت الشركة خسائر سابقة من ميزانيتها في 2012 نحو 8.7 مليون دينار من خلال الاحتياطات الموجودة في الشركة بهذا الوقت ومع ذلك لاتزال ديونها تقدر بـ 36 مليونا، علما بان القيمة الدفترية لسهم الشركة بعد تنفيذ هذا التخفيض ستصبح 100 فلس، فيما تجاوزت مستويات المخصصات وخفض التقييمات التي كونتها «الخليجي» في آخر 5 سنوات 25 مليون دينار، تشكل منها المخصصات على الشركات التابعة لها والاستثمارات المباشرة 60 في المئة اما الـ 40 في المئة فمبنية على الصناديق والمحافظ العقارية.
فما الخطأ الذي حدث وادى إلى استمرار «الخليجي» في قائمة الشركات المتعثرة، لاسيما وان الرئيس التنفيذي السابق والرئيس بالوكالة الحالي يقولان ان جميع موجودات «الخليجي» غير مسمومة وكانت قيمها قبل الأزمة المالية العالمية تعادل 2.5 من مطلوباتها وهو معدل صحي لشركات الاستثمار كما ان «بيتك» يقف وراء الشركة باعتباره المالك الاكبر والدائن الوحيد؟
وحققت «بيت الاستثمار الخليجي» خسائر عن العام الماضي بلغت 1.76 مليون دينار، وكان آخر إغلاق لسعر السهم في البورصة يبلغ 22 فلسا.
يعترف التويجري الآتي من خلفية تمويل الشركات بفضل عمله في البنك الوطني 7 سنوات، ان حجم المديونية المتبقية على الشركة والتي تعود جميعها إلى «بيتك»، يمثل التحدي الابرز في وجه الادارة التنفيذية، فمعدل الدين ورغم تخفيضه قبل اشهر إلى 36 مليون دينار لايزال مرتفعا قياسا بموجودات الشركة التي تراجعت نحو 70 في المئة إلى 53 مليونا، قياسا بفترة الطفرة، مع الاخذ بالاعتبار ان حجم ايرادات «الخليجي» يقارب 750 الف دينار سنويا بالإضافة الى بعض التخارجات المربحة مقابل خدمة دين بـ 1.6 مليون دينار ونحو 800 ألف دينار ما بين مصاريف وايجارات سنوية، وجميعها ارقام صعبة استدعت من مسؤولي الشركة ومجلس إدارتها مراجعة خطط الشركة خصوصا بعد ان اكتنفت الشكوك مستقبلها وقدرتها على السداد.
ومن الواضح من البيانات ان «الخليجي» لم تحصل على أي خصومات من «بيتك» لسداد مديوناتها بخلاف إعادات الهيكلة التي نفذتها غالبية الشركات المتعثرة والتي حصلت من خلالها على خصومات من الجهات الدائنة بلغت في بعض المطارح 50 في المئة من قيمة الدين، وهو ما يفسره التويجري بان «بيتك» الذي ساعد بيت الاستثمار الخليجي في بداية الأزمة من خلال إعادة هيكلة ديونه الخارجية يؤمن بملاءة الشركة وقدرتها على السداد مستقبلا، بخلاف الشركات الاخرى التي تواجه شكوكا واضحة بشأن مستقبلها.
وبعيدا عما اذا كان التويجري مقتنعا برأي «بيتك» ام انه يقبله من باب المجاملة للمالك والدائن نفسه، فانه يبدي تفاؤله بمستقبل «الخليجي» ويقول «لست محبطا...فالسوق تغير والدائن بات أكثر تفهما والديون تراجعت نسبيا وجميعها مؤشرات على احتمال ان يكون لدينا تطورات ايجابية قريبا مثل ايجاد حلول للدين الذي يمثل لنا رأس المشكلة».
ويكشف الصعود السريع والهبوط الاسرع لـ «الخليجي» عن المخاطر التي واجهت شركات الاستثمار الكويتية، وتتمثل في اعتمادها على قروض قصيرة الاجل مقابل استثمارات طويلة الاجل، وهو ما يبرره العلي بان جميع الدائنين والشركات لم يعرفوا قبل الأزمة ثقافة التمويل طويل الأجل نظرا لمتطلباتها المالية المعقدة وليس اقلها طريقة بناء المخصصات لدى الداين والمدين، كما ان الشركات كانت تحصل على تجديد لديونها بالتلفون والبنوك كانت تعرض التجديد دون طلب مزيد من الضمانات.
ولعل هذا النموذج هو ما اثار مشاكل مكررة في بورصة الكويت وأثارت علامات استفهام حول الاعتبارات التي قادت الادارات التنفيذية لهذه الشركات إلى اتخاذ قرارتها الاستثمارية التي تمتعت بأعلى معدل مخاطر دون ان يقابل ذلك تهيئة ميزانية الشركة لأي ضغوطات مالية مستقبلية على غرار اختبارات الضغط التي بدأت تجريها البنوك بعد اندلاع الازمة المالية.
ويؤكد التويجري وجهة نظر العلي في ان الأزمة المالية هي التي وضعت «الخليجي» في مواجهة التعقيدات المالية التي تعترضها منذ 7 سنوات تقريبا، وان نموذج اعمال الشركة لم يحمل منذ تأسيسها مخاطر مرتفعة بخلاف اعمال العديد من شركات الاستثمار التي تعرضت إلى أزمة بسبب قرراتها المتهورة، وان مشكلة الشركة الرئيسية اعتمادها على قروض قصيرة الآجل مقابل استثمارات طويلة الآجل.
وعمليا، تسببت الخريطة الائتمانية لـ «الخليجي» في زيادة الضغط المالي عليها إلى الحدود التي ادت بعد اندلاع الازمة المالية إلى استحواذ بنوك اميركية دائنة للشركة على عدة عقارات عائدة لها في الولايات المتحدة الأميركية بعد ان تراجعت قيم الضمانات المقدمة لهذه الجهات الدائنة، وهو الاجراء الذي يتيحه القانون الاميركي للجهات التمويلية في حال انكشفت ضمانات العميل عن معدل معين، ما دفعها إلى اعادة هيكلة ديونها مع «بيتك» على خمس سنوات تدفع منها قسط كل 6 اشهر.
وفي هذا الخصوص يقول التويجري ان خطته مبنية في الاساس على تخفيض مديونية الشركة إلى المعدلات التي تتناسب مع مقدرة الشركة على السداد المستدام، علما بان الشركة تتحضر لدفع استحقاق في شهر فبراير المقبل بـ 3.4 مليون دينار.
ويوضح التويجري ان خطته لسداد مديونية الشركة مبنية على عدة حلول يتم بحثها منذ فترة، والادوات التي نراها متوافرة بالسوق هي رسملة الدين، أو زيادة رأس المال، أو تخفيض الدين من خلال مبادلة أصل مع احد الدائنين، أو اقناع الدائن بالغاء جزء من المديونية، فيما يلفت إلى ان الشركة انجزت تخارجات مهمة في السوق الأميركي ومنطقة الخليج وأيضا تم عمل صفقات لتبادل أصول مقابل أصول مع شركات أخرى وهذا تم مع الكويتية للاستثمار، فيما تخطط الشركة للتخارج من الأصول غير الاستراتيجية وتركز على الأصول المدرة للدخل.
اما بالنسبة لنموذج اعمال الشركة المرتقب، يفيد التويجري ان شيئا لن يتغير على صعيد نشاط الشركة قياسا بالفترة الماضية اقله على المدى القريب، فالتحرك الابرز في المرحلة المقبلة سيكون على مقابلة الديون، إذ لا توجد مقدرة حقيقية لدى «الخليجي» على الدخول في استثمارات جديدة، سواء بسبب عدم المقدرة المالية على ذلك، أو لكون خطة الهيكلة لا تسمح للشركة بالدخول في اي استثمارات جديدة قبل تخفيض قيم المديونية وتكلفتها.
يشار إلى انه يوجد في مجلس إدارة «الخليجي» 3 اعضاء مستقلين وهو ما يعتبر نموذجا يتوافق مع متطلبات هيئة أسواق المال، ومن المقرر ان تستوفي الشركة جميع متطلبات الحوكمة خلال 2014، فيما يبلغ عدد موظفي الشركة حاليا نحو 25 موظفا نزولا من 75.
وتساهم الشركة في نحو 35 اصلا يضم مساهمات في شركات محلية وخليجية ما بين مدرجة وغير مدرجة، بحصص مختلفة، إضافة إلى استثمارات في صناديق ومحافظ بقيم تقارب 55 مليون دينار، وفي السوق المحلي يأتي في مقدمة الشركات التي تساهم فيها «الخليجي» شركة افكار القابضة وهي شركة غير مدرجة وشركتي عمار للتمويل واركان الكويت العقارية وكلاهما مدرجتان في السوق المحلي، وفي السوق البحريني تساهم الشركة بحصة في شركة إنوفست وهي شركة مدرجة بالسوقين الكويتي والبحريني، إضافة إلى مساهماتها بشركة مدائن العقارية بالامارات ومجان العقارية في سلطنة عمان وعقارات الخليج في المملكة السعودية، إضافة إلى حصة في شركة ايلاف (إبدار حاليا) الزميلة لبيت التمويل.
ورغم اتساع قائمة الشركات التي تساهم فيها «الخليجي» محليا وخليجيا الا انه يلحظ ان العائد من هذه المساهمات متدنٍ جداً، وهو ما يبرره التويجري بصغر غالبية هذه المساهمات والتي تصل قيمها احيانا إلى ربع مليون دينار، كما أن جزءاً كبيراً من الشركات الزميلة واجه تعقيدات مالية ولم تقر أي توزيعات في السنوات الاخيرة، ما قلل من معدل العائد، الا انه يفيد بان خطة «الخليجي» في هذا الخصوص تخفيض مساهمات الشركة في الشركات لتقتصر على 10 أو 15 مساهمة في شركات زميلة، والتخلص من المساهمات المتبقية خصوصا الصغيرة والتي لا تسمح باداراتها او التدخل في ذلك.
وبالنسبة لموعد تحول «بيت الاستثمار الخليجي» إلى الربحية يتوقع التويجري ان تمر الشركة خلال العام بنتائج متذبذبة، فيما من المرتقب ان تتحول إلى الربحية خلال عامين، لكن ذلك مرهون بقدرة الشركة على انجاز تخارجات، وفي هذا الخصوص يكشف التويجري انه توجد استفسارات لشراء بعض أصول الشركة، لكن جميعها لا تخرج عن كونها شفوية ومجرد استفسارات لا ترقى للجدية التي تبنى عليها الحسابات.
وبالنسبة لعودة السهم إلى التداول وما اذا كانت النتائج المالية الفصلية للشركة ستأخر العودة، يوضح التويجري ان عودة السهم مرتبطة بانتهاء الاجراءات المتبعة في خصوص تخفيض رأس المال واخذ الموافقات الرقابية والاعلان الرسمي في جريدة الكويت اليوم، اما بالنسبة لنتائج الشركة عن الربع الثاني فهي جاهزة ولن تمثل اي عقبة امام عودة السهم للتداول.
لا ينكر العلي ان هناك بعض القرارات الاستثمارية التي اتخذتها «بيت الاستثمار الخليجي» قبل الأزمة جاءت دون ان يقابلها التأهيل المناسب لأي مخاطر غير محتملة الا ان من المؤكد ان ايا من ادارات الشركة لم تنفرد باقرار نموذج الاعمال، فجميعها جاءت من خلال اسهامات قدمتها جميع الادارات وشارك فيه اتخاذها جميع المسؤولين كل من ادارته، والبقاء عليها لفترات طويلة كان ارتباطا بالنموذج العام الذي كان يقود جميع الشركات قبل الأزمة، اما التويجري فيقول ان اعتبارات الادارة في «الخليجي» تغيرت تماما بعد اقرار مبادئ الحوكمة، ولم يعد هناك مجال للتحرك بالشركة أي خطوة دون تهيئتها أولا لأي مخاطر غير متوقعة.