الدليل الفقهي
1 يناير 1970
07:09 ص
هذا تلخيص وتهذيب, لكتاب الطلاق, من كتاب العلامة الصنعاني: «سبل السلام شرح بلوغ المرام», بعد أن نشرنا في العام السابق كتاب النكاح منه, و«البلوغ» هو للامام الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب الكتاب الفذ: «فتح الباري شرح صحيح البخاري», اجتهدت في تسهيل عرض مسائله, وما زدته من اشياء يسيرةٍ جعلته بين معقوفين, فأسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا به, وأن يجعله في موازيننا يوم نلقاه.
الفرقة بين المتلاعنين(1)
هل يُشترط لإيقاع الفُرقة بين المتلاعنَين حكمُ الحاكمِ أو أنها تقع باللعان نفسه؟
1 - قوله: «ثم فرَّق بينهما» دال على أن الفرقة بينهما لا تقع إلا بتفريق الحاكم لا بنفس اللعان, وإلى هذا ذهب كثير مستدلين بهذا اللفظ في الحديث، وأنه ثبت في الصحيح بأن الرجل طلقها ثلاثا بعد تمام اللعان وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولو كانت الفرقة تقع بنفس اللعان لبين - صلى الله عليه وسلم - أن طلاقه في غير محله. عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - في قصة المتلاعنين - قال: فلما فرغا من تلاعنهما قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم » متفق عليه .
2 - وقال الجمهور: بل الفرقة تقع بنفس اللعان، وإنما اختلفوا هل تحصل الفرقة بتمام لعانه، وإن لم تلتعن هي؟ فقال الشافعي تحصل به، وقال أحمد لا تحصل إلا بتمام لعانهما، وهو المشهور عند المالكية وبه قالت الظاهرية واستدلوا بما جاء في صحيح مسلم من قوله - صلى الله عليه وسلم - ذلكم التفريق بين كل متلاعنين.
وقال ابن العربي: أخبر - صلى الله عليه وسلم – بقوله: « ذلكم» عن قوله: «لا سبيل لك عليها», قال: وكذا حكم كل متلاعنين، فإن كان الفراق لا يكون إلا بحكم، فقد نفذ الحكم فيه من الحاكم الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بقوله: « ذلكم التفريق بين كل متلاعنين « قالوا: وقوله: «فرَّق بينهما» معناه: إظهار ذلك وبيان حكم الشرع فيه لا أنه أنشأ الفرقة بينهما. قالوا: فأما طلاقه إياها فلم يكن عن أمره - صلى الله عليه وسلم - وبأنه لم يزد التحريم الواقع باللعان إلا تأكيدا، فلا يحتاج إلى إنكاره وبأنه لو كان لا فرقة إلا بالطلاق, لجاز له الزواج بها بعد أن تنكح زوجا غيره، وقد أخرج أبو داود عن ابن عباس الحديث، وفيه وقضـى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا بيت لها عليه، ولا قوت من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها [وهو حدثٌ حسن].
وأخرج أبو داود من حديث سهل بن سعد في حديث المتلاعنين قال: مضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا.
وعن عليٍّ وابن مسعود قالا مضت السنة بين المتلاعنين ألا يجتمعا أبدا وعن عمر يفرق بينهما، ولا يجتمعان أبدا.
هل اللعان فسخٌ أو طلاق؟
اختلف العلماء في فرقة اللعان هل هي فسخ أو طلاق بائن؟
1- فذهب الشافعي وأحمد وغيرهم إلى أنها فسخ؛ مستدلين بأنها توجب تحريما مؤبدا فكانت فسخا كفرقة الرضاع إذ لا يجتمعان أبدا, ولأن اللعان ليس صريحا في الطلاق ولا كناية فيه.
2 - وذهب أبو حنيفة إلى أنها طلاق بائن؛ مستدلا بأنها لا تكون إلا من زوجة فهي من أحكام النكاح المختصة فهي طلاق إذ هو من أحكام النكاح المختصة, بخلاف الفسخ، فإنه قد يكون من أحكام غير النكاح كالفسخ بالعيب.
وأجيب بأنه لا يلزم من اختصاصه بالنكاح أن يكون طلاقا كما أنه لا يلزم فيه نفقةٌ ولا غيرُها.
سقوط حدِّ القذف عن الزوج بإقامته اللعان:
في حديث لعان هلال بن أمية أنه قذف امرأته عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشريك ابن سحماء الحديث عند أبي داود وغيره, قال الخطابي فيه من الفقه أن الزوج إذا قذف امرأته برجل بعينه ثم تلاعنا، فإن اللعان يسقط عن الزوج حدَّ القذف؛ وذلك أنه «قال - صلى الله عليه وسلم - لهلال بن أمية البينة أو حد في ظهرك, فلما تلاعنا لم يتعرض لهلال بالحد» ، ولا يروى في شيء من الأخبار أن شريك ابن سحماء عفا عنه, فعلم أن الحد الذي كان يلزمه بالقذف سقط عنه باللعان.
الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية
كلية التربية الأساسية