فوضى سياسية «منظّمة» في لبنان تطيح بالاستحقاقات
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
11:12 ص
يتّجه الوضع الداخلي في لبنان قدماً نحو مشهد فوضوي على المستوى السياسي يعكس حالة انعدام الأفق وضياع البوصلة حيال أزمة الفراغ الرئاسي فيما تتخبّط القوى السياسية في معاركها الصغيرة، تارةً حول ملفات اجتماعية واقتصادية وخدماتية وطوراً حول التداعيات الدستورية والمؤسساتية لأزمة الفراغ.
ولعلّ ما يعكس هذا الواقع بأكثر وجوهه تعبيراً هو انعدام أيّ حركة سياسية جدية في اتجاه البحث عن مخرج لأزمة الفراغ التي يبدو كأنها شَلّت، مع اقتراب انصرام شهرين من بدئها عقب نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، كل قدرة لدى القوى الداخلية على إحداث ثغرة في جدار الأزمة.
وتبدي أوساط واسعة الاطلاع لـ «الراي» اعتقادها بان البلاد مقبلة على جملة جولات سياسية متلاحقة بعد عيد الفطر، وسط السباق القائم بين الجهود لإجراء الانتخابات الرئاسية كأولوية لا يمكن تجاوُزها باي امر آخر والعجز عن إتمام هذا الاستحقاق والاستعاضة عنه تالياً بالتكيّف الطويل مع الانتظار. ولذا بدأ يتصاعد الكلام على التمديد لمجلس النواب من الآن كخطوة حتميّة لا مناص منها مع ان اي فريق او كتلة نيابية لا يؤيد علناً هذه الخطوة.
وتشير الاوساط الى ان المسار الراهن في لبنان سيجعل التمديد لمجلس النواب يمرّ من دون اي عواقب خارجية نظراً الى ان الفراغ الرئاسي أثبت ان لبنان لم يعد أولوية لدى القوى الخارجية المؤثرة، كما ان هذه القوى لا تعنى الا بالاستقرار الأمني في لبنان، وهو الامر الذي باتت القوى الداخلية اللبنانية تجمع عليه بل وتتصرف بوحيه، بدليل ان مجلس الوزراء يبدو كأنه في انطلاقة متجدّدة عقب التوافق على منهجية عمله في الأسبوعين الأخيرين بما يعني ان الكل مسلّمون بالمضي نحو تسهيل عمل الحكومة ما دامت قراراتها تُتخذ بالاجماع. كما ان الهاجس الأمني الذي يشكل أولوية الاولويات اللبنانية حالياً، جعل الشراكة القائمة داخل الحكومة تتخذ زخماً إضافياً، وهو الامر الذي سيشكل لاحقاً الذريعة الاولى للتمديد لمجلس النواب وتكوين غالبية مسانِدة للتمديد تمكّن من تمريره في اللحظة المؤاتية. فحتى لو كرر وزير الداخلية نهاد المشنوق كل يوم تأكيداته انه بدأ التحضيرات لإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون الانتخاب الساري المفعول والمسمى قانون الستين، فان ذلك لا يعني اطلاقاً ان إمكانات اجراء هذه الانتخابات في المرحلة الفاصلة عن نوفمبر المقبل ستكون متاحة وسهلة. وما دامت الإفطارات في شهر رمضان قد ألغيت لدى غالبية الأطراف بنسب عالية بفعل المخاوف الأمنية، فكيف يمكن الاتجاه الى اجراء الانتخابات النيابية وسط هذا المناخ؟
وتقول الاوساط نفسها انه ربما تكون تلك الذريعة الظاهرية للتمديد، لكن الأهم هو ان لا ارادة سياسية في تغيير الواقع اللبناني راهناً على الأقل، ولذا سيكون الدفع نحو إجراء الانتخابات النيابية، فيما يتعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بمثابة نفخ في الهواء بلا اي جدوى.
وتعتقد هذه الاوساط ان الواقع الاقليمي الناشئ عن تطورات العراق سيدفع القوى الخارجية أكثر فأكثر نحو دعم حكومة الرئيس تمام سلام في كل قراراتها وبمسارها التوافقي بين مكوّناتها السياسية الامر الذي يجعل المعادلة الامنية التي تشكل العمود الفقري للحكومة أحد الركائز الاساسية التي ستمرّ عبرها كل المراحل المفصلية الآتية على لبنان ما دام انهاء الفراغ الرئاسي متعذراً حتى أمد طويل.