التغريب ... تيار مشبوه يهدف إلى نقض عرى الإسلام والدعوة إلى التبعية للغرب في كل توجهاته (1-2)
إعداد عبدالله متولي
1 يناير 1970
04:47 ص
التغريب هو تيار فكري كبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، يرمي إلى صبْغ حياة الأمم بعامة، والمسلمين بخاصة، بالأسلوب الغربي، وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• بدأ المشرقيون في العالم الإسلامي مع نهاية القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر بتحديث جيوشهم وتعزيزها عن طريق إرسال بعثات إلى البلاد الأوروبية أو باستقدام الخبراء الغربيين للتدريس والتخطيط للنهضة الحديثة، وذلك لمواجهة تطلع الغربيين إلى بسط نفوذهم الاستعماري إثر بدء عهد النهضة الأوروبية.
• لما قضى السلطان محمود الثاني على الإنكشارية العثمانية سنة 1826م أمر باتخاذ الزيِّ الأوروبي الذي فرضه على العسكريين والمدنيين على حد سواء.
• أصدر السلطان العثماني عبد المجيد منشوراً 1255هـ/ 1839م يسمح فيه لغير المسلمين بأن يلتحقوا بالخدمة العسكرية.
• استقدم السلطان سليم الثالث المهندسين من السويد وفرنسا والمجر وانجلترا وذلك لإنشاء المدارس الحربية والبحرية.
• قام محمد علي والي مصر، والذي تولى سنة 1805م، ببناء جيش على النظام الأوروبي، كما عمد إلى ابتعاث خريجي الأزهر من أجل التخصص في أوروبا.
• أنشأ أحمد باشا باي الأول في تونس جيشاً نظامياً، وافتتح مدرسة للعلوم الحربية فيها ضباط وأساتذة فرنسيون وإيطاليون وإنجليز.
• افتتحت أسرة القاجار التي حكمت إيران كلية للعلوم والفنون على أساس غربي سنة 1852م.
• منذ عام 1860م بدأت حركة التغريب عملها في لبنان عن طريق الإرساليات، ومنها امتدت إلى مصر في ظل الخديوي إسماعيل الذي كان هدفه أن يجعل مصر قطعة من أوروبا.
• أنشأ كرومر كلية فيكتوريا بالإسكندرية لتربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا أداة المستقبل في نقل ونشر الحضارة الغربية.
قال اللورد لويد (المندوب السامي البريطاني في مصر) حينما افتتح هذه الكلية سنة 1936م: «كل هؤلاء لن يمضي عليهم وقت طويل حتى يتشبعوا بوجهة النظر البريطانية بفضل العشرة الوثيقة بين المعلمين والتلاميذ».
• كان نصارى الشام من أول من اتصل بالبعثات التبشيرية وبالإرساليات ومن المسارعين بتلقي الثقافة الفرنسية والإنجليزية، كما كانوا يشجعون العلمانية التحررية وذلك لعدم إحساسهم بالولاء تجاه الدولة العثمانية، فبالغوا من اظهار إعجابهم بالغرب ودعوا إلى الاقتداء به وتتبع طريقه، وقد ظهر ذلك جلياً في الصحف التي أسسوها وعملوا فيها.
• كان المستشرق مستر بلنت: يطوف هو وزوجته مرتدياً الزي العربي، داعياً إلى القومية العربية وإلى إنشاء خلافة عربية بغية تحطيم الرابطة الإسلامية.
• قاد قاسم أمين 1865 – 1908م وهو تلميذ محمد عبده، الدعوة إلى تحرير المرأة وتمكينها من العمل في الوظائف والأعمال العامة. وقد كتب تحرير المرأة – 1899م والمرأة الجديدة 1900م.
• وكان طه حسين 1889- 1973م من أبرز دعاة التغريب في العالم الإسلامي، حيث تلقى علومه على يد المستشرق دور كايم وقد نشر أخطر آرائه في كتابيه الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر.
يقول في كتابه الشعر الجاهلي ص 26: «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا أيضاً، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي».
- ويقول بعد ذلك: «وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح «. كما أنه ينفي فيه نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أشراف قريش.
- لقد بدأ طه حسين محاضرة له في اللغة والأدب بحمد الله والصلاة على نبيه ثم قال: «سيضحك مني بعض الحاضرين إذا سمعني أبدأ هذه المحاضرة بحمد الله والصلاة على نبيه لأن ذلك يخالف عادة العصر». (مجلة الهلال، عدد أكتوبر ونوفمبر 1911م).
• ازدهرت حركة التغريب بعد سيطرة الاتحاديين عام 1908م على الحكم في الدولة العثمانية وسقوط السلطان عبد الحميد.
• وفي سنة 1924م ألغت حكومة مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية مما مهد لانضمام تركيا إلى الركب العلماني الحديث، وفرض عليها التغريب بأقصى صورة وأعنفها.
• علي عبدالرزاق: نشر سنة 1925م كتابه الإسلام وأصول الحكم الذي ترجم إلى الإنجليزية والأردية. يحاول فيه المؤلف أن يقنع القارئ بأن الإسلام دين فقط وليس ديناً ودولة. وقد ضرب سميث مثلاً به عندما أشار إلى أن التحررية العلمانية والعالمية لا تروج في العالم الإسلامي إلا إذا فسرت تفسيراً إسلامياً مقبولاً، وقد حوكم الكتاب والمؤلف من قبل هيئة العلماء بالأزهر في 12/8/1925م وصدرت ضده إدانة أخرجته من زمرة العلماء. وكان يشرف على مجلة الرابطة الشرقية، كما أقام حفل تكريم لأرنست رينان في الجامعة المصرية بمناسبة مرور مئة سنة على وفاة هذا المستشرق الذي لم يدخر وسعاً في مهاجمة العرب والمسلمين.
• وكان محمود عزمي من أكبر دعاة الفرعونية في مصر، درس على أستاذه دور كايم الذي كان يقول له: «إذا ذكرت الاقتصاد فلا تذكر الشريعة ، وإذا ذكرت الشريعة فلا تذكر الاقتصاد»..
• وكان زكي مبارك في مقدمة تلاميذ طه حسين. درس على أيدي المستشرقين، وسبق له أن قدم أطروحة للدكتوراه في الغزالي والمأمون مهاجماً الغزالي هجوماً عنيفاً، لكنه رجع عن ذلك فيما بعد وكتب مقاله المعروف إليك أعتذر أيها الغزالي.
• ويعتبر محمد حسين هيكل 1888 – 1956م رئيس تحرير جريدة السياسة في الفترة الأولى من حياته من أبرز المستغربين، وقد أنكر الإسراء بالروح والجسد معاً انطلاقاً من نظرة عقلانية حياة محمد. لكنه عدل عن ذلك وكتب معبراً عن توجهه الجديد في مقدمة كتابه في منزل الوحي.
• وكان الشيخ أمين الخولي وهو من مدرسي مادتي التفسير والبلاغة بالجامعة المصرية، يروج لأفكار طه حسين في الدعوة إلى دراسة القرآن دراسة فنية بغض النظر عن مكانته الدينية، وقد استمر في ذلك حتى كشفه الشيخ محمود شلتوت سنة 1947م.