يحتفل اليوم باليوبيل الذهبي لإنشائه
ديوان المحاسبة... نصف قرن من العمل على حماية المال العام
1 يناير 1970
12:37 ص
كونا - يحتفل ديوان المحاسبة اليوم باليوبيل الذهبي لإنشائه في السابع من يوليو 1964، الذي جاء استجابة لازدهار الحياة البرلمانية في البلاد وصدور الدستور الذي تنص احدى مواده على انشاء ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله ايمانا بأن المال العام عصب الدولة وعماد نهضتها.
وكان من الواجب استنادا الى ذلك أن يحاط المال العام في الكويت بسياج من الحماية لضمان جبايته كاملا دون نقصان أو تقصير، وإنفاقه في ما يدعم المجتمع ويعود عليه بالنفع دون إسراف أو تقتير.
ونصت المادة 151 من الدستور على أن «ينشأ بقانون ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله ويكون ملحقا بمجلس الأمة ويعاون الحكومة ومجلس الامة في رقابة تحصيل ايرادات الدولة وانفاق مصروفاتها في حدود الميزانية ويقدم الديوان لكل من الحكومة ومجلس الأمة تقريرا سنويا عن أعماله وملاحظاته». وأنشئ الديوان بمقتضى القانون 30 /1964 الذي نصت مادته الاولى على أن «تنشأ هيئة مستقلة للمراقبة المالية تسمى ديوان المحاسبة وتلحق بمجلس الأمة» بهدف تحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة عن طريق ممارسة الاختصاصات المخولة له بموجب قانون إنشائه.
وجاء قرار انشاء ديوان للمحاسبة العامة في البلاد تماشيا مع شعور حاكم الكويت وقتها الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله بالحاجة الى جهاز أعلى يشرف على حسابات الدولة ويدققها لحمايتها وصيانتها من أيدي العابثين. وعقب سنوات من الدراسة والمناقشات والمداولات وفي أحد اجتماعات لجنة الدستور تم تضمين مادة بمشروع الدستور الجديد تنص على انشاء ديوان للمراقبة المالية يعاون الحكومة ومجلس الأمة في المسائل المالية.
ومر ديوان المحاسبة بمراحل عدة منذ انشائه وجاء في السنة الاولى معبرا عن المتطلبات الرقابية التي يجب ان يمارسها الجهاز الأعلى للرقابة في الدولة، وكانت له رؤية ثاقبة في تحقيق رقابة فعالة على جميع أنشطة الدولة وبالتالي فإن ممارسته لاختصاصاته طبقا لهذا القانون جاءت مرتكزة على رقابة مشروعة كانت كافية لتحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة.
وخلال حقبة سبعينات القرن الماضي تبنت الدولة فلسفة التنمية المتسارعة وبرزت أهم ملامحها في اقامة المشروعات التنموية الطموحة في مجالات الخدمات العامة والمرافق والمشروعات الانتاجية في القطاع النفطي اضافة الى استخدام التراكمات الادخارية في تكوين أصول خارجية تدر عوائد تعويضا لضآلة الطاقة الاستيعابية المحلية آنذاك.
ومن أجل ذلك بدأ الديوان بدعم كوادره الرقابية ليتمكن من الوفاء بالمتطلبات الرقابية لتلك المرحلة والانضمام الى بعض المنظمات الرقابية العالمية وتبادل الخبرات والمعارف الخاصة بالعمل الرقابي. ومطلع تسعينات القرن الماضي صدر قانون خاص بحماية الأموال العامة لتحقيق أقصى حماية ممكنة ومد مظلة الحماية لتشمل الاستثمارات خارج الدولة وترتب على هذا القانون أعباء اضافية على الديوان لذلك تم دعمه بجهاز متكامل للوفاء بمتطلبات القانون بما يختص بالجانب الرقابي وبدأ الديوان بممارسة رقابته على الأموال المستثمرة داخل البلاد وخارجها.
واستمرارا لقوة الدفع التي بدأها الديوان لتطوير وزيادة فعالية أدائه وتحسين المستويات الوظيفية للعاملين به وفي ضوء المستجدات المهمة التي مر بها المجتمع آنذاك تبنى الديوان استراتيجية لاصلاح مساره الرقابي استندت الى مجموعة من السياسات التي اختصت بتفعيل العمل الرقابي وتنمية الموارد البشرية وزيادة كفاءة النظم الادارية القائمة. ووجه الديوان اهتمامه في الفترة الاخيرة نحو دعم وزيادة كفاءة جهاز التدقيق بالديوان وأعطى القضايا التي تمس المال العام الأهمية اللازمة وأصدر العديد من التقارير الرقابية التي تضمنت توصيات في شأن دعم المساءلة وزيادة فعالية الادارة المالية للدولة. كما أعطى الاهتمام اللازم لموضوع المخالفات المالية التي تمثل ظواهر عامة وتتكرر في أكثر من جهة خاضعة لرقابة الديوان أو في الجهة الواحدة ولأكثر من فترة مالية لذا يتم اعداد دراسات تحليلية متعمقة لتلك الظواهر للوقوف على الأسباب الحقيقية لتكرارها وتكوين رأي للديوان بشأنها وابلاغه لكل من السلطة التشريعية والأجهزة التنفيذية في الدولة ولاتخاذ الخطوات التصحيحية اللازمة في ضوء رؤية الديوان.
وعمل ديوان المحاسبة على دعم القطاعات المساندة للعمل الرقابي وتفعيل دورها بما يتلاءم مع تطوير أداء الديوان الرقابي وتوسعته خصوصا في ما يتعلق باستخدام التقنيات الحديثة في مجال نظم المعلومات. وبدأ الديوان بممارسة تدقيق الأداء باعتباره أحد المرتكزات المهمة في عالم التدقيق حاليا وجاء منهجه في تدقيق الأداء من أعلى الى أسفل مع تركيز الاهتمام على المسائل والمجالات ذات الأخطار الجوهرية حيث تبدأ أعمال التدقيق بفهم الجهة أو المهمة وطبيعة أعمالها وكيفية عمل قطاعاتها المهمة ونظم التفويض.
ويسمح هذا الفهم بالتركيز على الجوانب المهمة بالجهة وبالتالي تقليل الجهود المبذولة في النواحي الأقل أهمية ويتحقق ذلك بتقسيم عملية التدقيق الى أجزاء ملائمة يمكن تنفيذها مع مراعاة أفضل مدخل في تنفيذ كل جزء وأخذ التدقيق بعين الاعتبار.
وعند تحديد معيار الاهمية والخطورة التي توجب ابلاغ مجلس الأمة والجهة يمكن الاسترشاد ببعض المؤشرات منها حجم الاعتمادات المالية وما يصرف منها وكذلك مدى الانحراف عن المعايير المطبقة والآثار الاجتماعية أو الاقتصادية أو التنظيمية أو البيئية اضافة الى احتمال الأخطار. وتعتمد مصداقية الديوان ومستوى وجودة مخرجاته عند ممارسة تدقيق الأداء على الأعضاء الفنيين ذوي الخبرة والمؤهلين علميا ومهنيا والمتابعين لتطور الفكر الرقابي والملتزمين بروح المبادرة والحكم الجيد على جميع مراحل التدقيق ويكون رئيس مجموعة التدقيق مسؤولا عن أعمال مساعديه ويقدم لهم الخبرة والمشورة ويساعدهم على تنمية الحكم المهني.