نساء مسلمات / الشهيدة الحية

1 يناير 1970 01:30 م
(أم ورقة) قالت للنبي صلى الله عليه وسلم عند الخروج إلى بدر: يا رسول اللَّه ائذن لي في الغزو معك، أُمَرِّضُ مرضاكم؛ لعل اللَّه أن يرزقني شهادة. فقال لها صلى الله عليه وسلم: «قري في بيتك، فإن الله تعالى يرزقك الشهادة» [أبو داود].

وتلك نبوءة نبَّأ بها رسولَ اللَه صلى الله عليه وسلم العليمُ الخبير، فعُرفت بعد ذلك رضي اللَّه عنها بالشهيدة.

أسلمت وحسن إسلامها، وكانت تحافظ على الصلاة، ودروس العلم، وحفظ القرآن الكريم، وتحرص على جمع آياته، وكان صلى الله عليه وسلم يقصدها في زياراته لبيوت الأنصار، ويطمئن على صحتها وحالها. ورغم ما يُروى عن ثراء بيتها إلا أنها كانت تفيض حبَّا للناس وتواضعاً.

وما إن أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن تظل في بيتها -حين سألته الخروج للجهاد- حتى بادرت بالطاعة وحسن الاستماع لكلامه.

وقد اشتهرت أم ورقة بالعبادة والزهد وتلاوة القرآن، وكانت قد استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذناً، فأذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها وتصلي بهم، فكانت تؤمّ المؤمنات المهاجرات [أبو داود]، وكان (حين يريد أن يزورها يقول لأصحابه -رضى اللَّه عنهم-: «انطلقوا بنا نزور الشهيدة» [ابن عبد البر في الاستيعاب].

كانت مرجعاً أميناً، عاد إليه الخليفة أبو بكر الصديق عند جمعه القرآن الكريم من البيوت وصدور الحفظة.

ولما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، فكان لابد من وقوع ما أُخبر به، ففي خلافة الفاروق عمر -رضي الله عنه- كان لدى أم ورقة جارية وغلام يقومان بخدمتها، فأحسنت إليهما، غير أنه لم يكن منهما سوى الغدر والخيانة؛ فقاما في الليل فقتلاها ثم هَرَبَا. فلما أصبح عمر قال: واللَّه ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة، فدخل الدار فلم ير شيئاً، فدخل البيت (مكان الصلاة)، فإذا هي ملفوفة في جانب البيت فأرسل في طلب العبدين الهاربين، فَصُلِبَا في المدينة على ما ارتكباه من الإثم، فكانا أول مصلوبين في المدينة. فكان عمر بن الخطاب يقول: صدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين قال: «انطلقوا بنا نزور الشهيدة» [ابن عبد البر].

إنها «أم ورقة» بنت عبد اللَّه بن الحارث بن عُويمر بن نوفل الأنصارية ويقال لها: أم ورقة بنت نوفل.