بريد المونديال / الأحصنة السوداء

1 يناير 1970 02:16 م
انا احب المنطق، لا تستهويني كثرة المفاجآت الكروية، لا تعجبني «فورة» المنتخبات. في كرة القدم... انا احب المسلّمات! هذا الرأي قد يتعارض مع الكثيرين، فمتعة هذه اللعبة تكمن في تحقيق العجائب، جمالها عند فوز المجتهد القابع في الظل على الاسم صاحب التاريخ والسمعة، نعم انا على دراية بهذا كله واعلم تماما كم يضيف عنصر المفاجأة إلى قيمة كرة القدم، أليس هذا ما يُشرّع لقب «المجنونة»؟ ولكن بالنسبة لي... حصان اسود واحد يكفي، اما كأس العالم الحالية فقد اصبحت ميدانا للاحصنة السوداء!

منتخبات جاءت لتطل وإذا بها تقصي اخرى حاملة للقب. منتخبات كانت تطمح لشرف المشاركة فقط اصبحت اليوم تحرج اسماء جاءت كمرشحة لحصد اللقب. جعلوا من بلجيكا حصانا اسود قبل بداية المنافسات بأشهر، فجاء بدلها فوج احصنة لم يكن في الحسبان. مفاجأة تلو الاخرى شكلّت علامة فارقة لدى هذا المونديال ولخبطت اوراق الجميع وتركت عشاق الكبار في صدمة حقيقية.

نعم ايطاليا وانكلترا واسبانيا والبرتغال قدموا اداء باهتاً ومخيّباً للآمال، لكن وجود هذه المنتخبات يعطي رهبة للمنافسات ويصنع لقاءات نارية في الادوار الحاسمة ويرفع سقف التحدي والمتعة. عتبي هنا على هذه الدول التي لم تؤد ولو حتى نصف ما توقعناه منها. كنت اتوقع أن نستفيق من غيبوبة اسبانيا التي دامت لستة اعوام بعد سيطرة على المشهد الاوروبي والعالمي، لكن لم اتوقع أن يكون خروجها بهذه السهولة بلا روح، بلا عزيمة، بلا جدية!

هل هذا يعني أن منتخبات كوستاريكا وتشيلي وكولومبيا التي تفوقت بجدارة وبسالة على نظيراتها مذنبة لانها حلّت محل منتخبات العراقة والدلال؟ بالطبع لا، ولكن كل محب للمستديرة يأمل في بقاء شيء من المنطق بعيدا عن مشاعر التعاطف مع المجتهدين والكادحين.

ماذا جلبت لنا اليونان بعد مفاجأة يورو 2004؟ هذه هي مشكلة تلك المنتخبات، تقدم كل ما لديها خلال فترة قصيرة وتلقى التهليل والتصفيق والمديح وبعدها لا يبقى سوى الذكرى.

روان جحجاح