د. مبارك الذروة / رواق الفكر
لك الله يا عراق...
| د. مبارك الذروة |
1 يناير 1970
12:36 ص
إن أسوأ ما أنتجته مطابخ الاستعمار اليوم هو التغذية الطائفية صالحة الاستعمال!
فكل المعلبات الفاسدة قد يلفظها الآدمي.. القومية.. الحزبية.. الليبرالية... الاشتراكية... الا الطائفية فإنها حقاً صالحة الاستعمال في كل زمان.. ومكان!
ففي بلاد الرافدين العراق العظيم ترزح مناطقه ومحافظاته تحت نير السعار الطائفي ولهيبه المحرق.
استدعاء التاريخ وصراعات القرون الهجرية الاولى كفيل بإذكاء ذلك وتأجيجه.
وتقفز الى السطح سياسات الفتاوى او فتاوى السياسة لتخلق بيئة ملتهبة لذلك الصراع.
وتقوم التنظيمات الطائفية سنية او شيعية تحت أي ذريعة كانت في الحقيقة لخدمة خطط المستعمر في تحقيق أهدافه المتمثلة في تقسيم العراق الكبير دون إطلاق رصاصة واحدة..
نعم ملف الفكر العقدي لأي قطر عربي كفيل بإنجاح مشاريع التقسيم، هو في الحقيقة يوفر على المستعمر سلاحه وجنوده وأمواله..
العراق اليوم يتجه نحو حرب أهلية وقودها العداء التاريخي بين السنة والشيعة واستدعاء فصوله ومن يرجع للخطيب البغدادي في تاريخه يدرك ما أقول!، وما نشاهده اليوم على شاشات التلفاز والفضائيات من تديين الصراع وجعله ضمن سياق الجهاد المقدس لكلا الفريقين إنما هو دليل على انهزام الامة وعودتها الى الجاهلية التي نهى عنها الاسلام.
ان مواجهة مشكلات التنمية في العراق ومعالجة معضلات التحديث كالبطالة والتخلف والجهل والمرض وتقليل الفوارق الطبقية بين مكونات المجتمع فضلا عن بعث روح الانتماء للأمة لا المذهب، للوطن لا القبيلة هو الحل لمشكلة العراق، ولو صدقوا الله لكان خيرا لهم.
من المستفيد اليوم من إراقة الدم العراقي؟، وما حدود هذا الصراع الدموي؟، وكم هي تكلفته على النفس والمال والمجتمع؟
قرأنا وسمعنا حروبا طاحنة ومعارك ملعونة بين العراق وإيران، فما هي النتيجة؟، وما نتيجة الصراع العالمي بعد حربه الاولى والثانية؟
اقرأوا التاريخ فإن فيه عبرا.. الدمار لا يخلف سوى الدمار، والحرب لا رابح منها، فكلا المتحاربين يخرجان خاسرين لا محالة.
اما وسع المالكي في العراق ان يتجاوز خطابات التاريخ ولغة التهييج وإذكاء النعرات...؟
اما وسع المرجعيات الكبرى ان تدعو العراقيين الى العودة لصوت العقل وجمع الكلمة..؟
الآن فلت الزمام وسبق السيف العذل ولم يعد سوى الحل الاميركي وسيناريو التقسيم وهو آتٍ أنوف العراقيين أنفسهم..
الكويت وشعبها كجيران للعراق الشقيق يحز في أنفسهم هذه الدماء التي تراق من اجل العصبية الدينية، ويعز عليها ان ينهار السور العظيم ويتهاوى بيد ابنائه لا لشيء سوى وهم التاريخ وسوء قراءته..
اللهم احفظ العراق واحقن دماء شعبه وأهلك من أراد به سوءا... أمين..