وزير الشؤون الاجتماعية اللبنانية أكد «أننا كلنا عالقون في شبكة عنكبوتية اسمها المصالح الإقليمية والدولية»
درباس لـ «الراي»: النزوح السوري «نكبة عربية» وأضراره الفعلية في لبنان تقدّر بـ 13 مليار دولار
| بيروت - من آمنة منصور |
1 يناير 1970
07:25 ص
• الطائفة التي يقال إنها كبرت جراء النزوح السوري هي أكثر الطوائف شعوراً بالضغط
• المجتمع السياسي اللبناني أعلن للداخل
والخارج فشله في انتخاب رئيس للجمهورية
• رئيس الحكومة لن يقبل
بالتخفيف من صلاحياته أبداً فلا يجوز بسبب «الانتقالي» زعزعة «الأصلي»
• فؤاد شهاب لم يكن رئيساً قوياً لكنه بنى دولة قوية هدمها الأقوياء في بيئته
• تذكروا كم مرة تنقل السوري في دعم هذا الفريق وذاك لتدركوا كم كان الصراع السياسي أعمى عندنا
بطيب خاطر يطبّق لبنان أصول الضيافة بحذافيرها في إيوائه أكثر من مليون نازح سوري توافدوا إليه تدريجياً منذ عسْكرة الثورة واشتداد العنف والاضطهاد حتى اليوم، فاتخمت بهم مدنه وفاضت قراه بكتلة بشرية تكاد توازي ثلث عدد سكان لبنان.
ومع دخول الحرب السورية عامها الرابع، «خارت» قوى المجتمع اللبناني وعجزت عن استيعاب مزيد من اللاجئين، فكان من المنطقي أن تتخذ الحكومة اللبنانية قرارات «تفرمل» تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لاسيما مع عودة الأمان إلى عدد من المناطق السورية من جهة، وغياب المبادرات العربية والدولية التي تساعد لبنان على «المثابرة» في مهمته الإنسانية من جهة أخرى.
وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، المخضرم بمتابعته السياسية وخلفيته الحقوقية كنقيب سابق للمحامين في الشمال، «يقبض بيده على الجمر» منذ ان تسلم ملف النازحين السوريين.
«الراي» التي زارت درباس في مكتبه في الوزارة خصّها بوقت مستقطع بين اجتماعاته مع وفود دولية وشخصيات محلية يعرض لها ومعها تفاقم الوضع اللبناني جراء تحمله وحيداً تبعات الأزمة السورية. وبين الشغور الرئاسي و«الفيضان» السوري، كان معه هذا الحوار:
• لماذا برأيكم باتت جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية حدثاً باهتاً وعابراً بلا أي صدى.. ما سرّ هذا التسليم بالعجز عن انتخاب رئيس جديد للبنان؟ ـ اللبنانيون صاروا مقتنعين بأن المجتمع السياسي أعجز من أن ينتج رئيساً للجمهورية وفقاً للمعادلات الداخلية ومن دون إهمال المعادلات الخارجية. المجتمع السياسي أعلن للداخل والخارج فشله في هذه المهمة التي تُعدّ من أوليات مهماته، وعلينا أن نفهم بأنفسنا أنه اذا استمرّ هذا الفشل فان هذه «الطبخة» بدل أن تطبخ داخل الأراضي اللبنانية سيأتي وقت تطبخ فيه خارجاً. لكن المجتمع اللبناني يعرف ويشعر بأن مَن سيطبخ لم يأت بعد لا بالعُدة ولا بـ «الطنجرة» ولم يشعل نارا.
• ما هو المعنى العميق لتعطيل الآليات الدستورية لانتخاب رئيس في بلاد تفاخر بأنها الأكثر حرصاً على تداول السلطة وذلك بعد تمديدين (الياس الهراوي واميل لحود) و«فراغين» (2007 والآن)؟ ـ تسألينني الآن بصفتي مراقبا سياسيا، فأنا لا أُدلي برأيي كوزير يمثل الحكومة. وفي اعتقادي أنه خلال الصراعات ومنذ زمن طويل كان كل فريق وليغلب الآخر يستنجد بالخارج، علّ هذا الاستنجاد يعينه على كسر إرادة الفريق الآخر. وهذا ما أدى إلى اضمحلال القدرة الذاتية للأفرقاء السياسيين على إنتاج مواقف مستقلة. والنكتة الكبرى التي نسيها كل العالم، أنه مع بدء الحرب الأهلية اللبنانية (العام 1975) جرت استعانة بالمساعدة السورية، وفي لحظة من اللحظات عندما سقطت الكرنتينا وجرى «تطهير» بعض الجيوب الإسلامية في المناطق المسيحية تمت مساعدة فلسطينية وسورية لقوى «الحركة الوطنية». وعندما قويت الحركة الوطنية وباتت تهدد بعض المراكز الأصلية لفريق «الجبهة اللبنانية»، طارت هذه الأخيرة إلى سورية وأخذت مساعدتها. فشاركت سورية مع «الجبهة اللبنانية» في الحرب ضد الفريق الآخر وأنتج ذلك ما يُسمى بـ «قوات الردع العربية» التي أتت وقامت بعملية تنكيل بالفريق الآخر. وبعد فترة أصبح السوريون حلفاء للفريق الذي نكّلوا به، فانظري كم مرة تنقّل السوري بين هذا الفريق وذاك لتعلمي إلى أي مدى لدينا سذاجة سياسية، وإلى أي مدى كان الصراع السياسي أعمى لدرجة أنه لا يتبصر أن هذا التنقل لا يشكل مصلحة لأيّ من الفريقين بل يشكل مصلحة للمتدخِّل. ونحن فقدنا تدريجاً السيطرة على قرارنا المستقل؛ استعنا بالخارج ليقوينا على إخوتنا فبات كل واحد منا مرتبطاً بالخارج. هذه حقيقة، تختلف قليلاً بشكل أو بآخر لكن كلنا صرنا عالقين في هذه الشبكة العنكبوتية التي إسمها المصالح الإقليمية والدولية.
• بالدخول في التصنيفات غير المألوفة بين رئيس ضعيف ورئيس قوي ورئيس بين بين واجتهادات حول النصاب وحق التعطيل، وتوصيفات عن داخل عاجز وخارج غير مكترث.. فمَن يعطّل فعلاً انتخاب رئيس جديد؟
- عندما يتم وضع القواعد العامة والقوانين يؤخذ في الاعتبار ألا تكون مفصّلة على مقاسات أشخاص وألا تكون محدودة ببيئة معيّنة أو زمن معيّن، إذ لكل القواعد والقوانين صفات الشمول من حيث الأفراد والبيئة والزمان والمكان.
الكارثة أن في هذه المنطقة العربية يرى المرء ما يناسب مصلحته ويخترع لها قانوناً أو يضع لها قاعدة أو يأتي بالنص وببعض المجتهدين الذين أسميهم «مجتهدي المناسبات والمجتهدين بحسب الطلب»، فيقوم بتفسير القانون بما هو أقرب إلى الهرطقة ـ علما أن الهرطقة في رأيي كانت تاريخياً أمراً جيداً ـ لكن التفسير لا يمت إلى النصّ بصلة؛ تعسُّف في التفسير من أجل خدمة مصلحة معينة.
عندما لا يعود الدستور مرجعية سترين الخلل وقع. وفي كل مرة يجري تجاوز النص والقواعد أو تحويرهما لمصلحة بعض الأفرقاء يصبح القانون السائد هو قانون ميزان القوى.
يقول أحدهم أريد رئيساً قوياً في بيئته المسيحية. لكن هذا الرئيس القوي في بيئته المسيحية هو رئيس لكل اللبنانيين، والإتيان برئيس قوي في بيئته المسيحية، لن يكون قويا في المطلق لأن مرشحاً آخر في طائفته يقابله ويوازيه في القوة بشكل أو بآخر. فداخل البيئة المسيحية هناك تجاذب، وهل الرئيس سيأتي ليحقق مصالح المسيحيين أو اللبنانيين؟
فعلى سبيل المثال، وهذا كلام سمعته من صديقي أحمد الغز: هل كان فؤاد شهاب رئيساً قوياً في بيئته؟ لا، ففي اللنتخابات النيابية التي تمت في كسروان ـ عقر داره والتي أتاح فيها نهضة كبيرة ـ خسرت كل لائحته. لكن هل ينكر أحد أن هذا الرئيس الذي لم يكن قوياً في بيئته قد بنى دولة قوية؟ لقد بنى دولة قوية، هدمها الأقوياء في بيئتهم.
مَن يقولون انهم أقوياء، تاريخهم قتالي وقوتهم تنبع من سيطرتهم على الأرض في فترة من الزمن. قد يكون (هذا المرشح) تغيّر كثيراً وبات ممتازاً، ولكن ذاكرة الناس يعلق فيها أن هذا الرجل يأتي من مَحاور لا من رؤية للبنان جديد. لذا في رأيي الرئيس القوي هو الذي يستطيع أن يكون في ذاته مساحة واسعة يلتقي عندها الأطراف ويستطيع أن يبلور النقاط المشتركة بينهم ويبدأ تدريجاً بإعادة لملمة هذه الحروف المتشظية والمتناثرة لتصبح جملة مفيدة.
• بناء على ماتقدم مَن الذي يعطل هذا الاستحقاق؟
ـ ما دام دستورنا سمح بالتفسير على قاعدة إلزامية حضور الثلثين من اعضاء البرلمان، بات أي كان لا تعجبه النتيجة بامكانه ان يعطّل الانتخابات.
• هل يمكن القول ان الدستور نفسه هو الذي يحمل بذور التعطيل؟
ـ ليس الدستور نفسه. هناك مبادئ مكرّسة تقول ان «إعمال النصّ خير من إهماله»، فالنص يتم استخدامه من أجل إعماله، أما عندما يُستخدم من أجل التعطيل يكون ذلك مخالفاً للقواعد القانونية المكرّسة.
لم ينص الدستور صراحة على وجوب حضور الثلثين في الجلسة الأولى، بل أشار إلى أن مَن سيفوز في الدورة الأولى عليه الحصول على ثلثي الأصوات التي من المفترض أن تحضر الجلسة. وفي الدورة الثانية بالأكثرية المطلقة، فلماذا يتم افتراض حضور الثلثين. هذا التفسير، وأنا لا أقول انه مجاف للقانون إذ قد يكون له علاقة بصورة أو بأخرى بالقانون، لكنه في حقيقته أدى إلى إهمال النص وتعطيله، حيث لم يُفسر النص تفسيراً إيجابياً بل تفسيراً سلبياً.
• ألهذا الحدّ الدستور حمّال أوجه؛ تباينات حول إمكان التشريع في البرلمان في ظل الشغور الرئاسي وخلافات حول صلاحيات الحكومة الرئاسية وآليات عملها وإصدار قراراتها... واجتهادات دستورية تتكئ على مواقف سياسية؟
ـ هم لا يَمثُلون أمام هيكل اسمه الدستور، ينصتون إلى ما يقوله. فكل منهم يذهب مدججاً بالعدة من أجل لستمالة الدستور لمصلحته وقد قرر في قرارة نفسه ألا يقبل بحكم الدستور إن كان غير ملائماً لمصلحته. المسألة أن أحداً لا يرضى بالنزول إلى مجلس النواب إن لم يكن متأكداً من أن النتيجة معروفة مسبقاً قبل الدخول إلى المجلس.
• انطلاقا من تجربتك الحقوقية، ماذا عن موضوع التشريع في ظل الفراغ؟
ـ مَن وضع نص حلول الحكومة بالوكالة محلّ رئيس الجمهورية في حال الشغور، لم يأخذ في الاعتبار أنه سيكون هناك مَن يعطّل لأشهر أو سنوات. هذا النص هو ليغطي الشغور لمدة 24 ساعة، 48 ساعة، 72 ساعة وأسبوع على الأكثر.
ولكن عند تفسير النص في هذه المدة الطويلة، بات هناك فرقاء لهم حق التخوف من الاعتياد على خلو الرئاسة الأولى، ولكن كي لا يتم الاعتياد على الشغور يعطّلون الحياة المؤسساتية.
إن الاعتياد على غياب رئيس للجمهورية حالة خلل غير طبيعية، لكن هل من المقبول وكي لا نعتاد على الشغور أن يتم تعويد الناس على الاختناق؟
وأنا في مجلس الوزراء ضربتُ مثلاً لمن يفكر بهذه الطريقة: انخفض الأوكسجين بشكل كبير في الغرفة التي نجلس فيها، وكي لا نعتاد على نقص الهواء يُمنع علينا الإتيان بخيمة أوكسجين موقتة كي نتنفس، وتالياً إلى حين يعود الأوكسجين إلى منسوبه الطبيعي قد يكون العليل فارق الحياة. فما العمل اذا كنا بحاجة إلى تدابير استثنائية تبقي المركب سائراً؟
فعلى سبيل المثال، اذا لم نشرّع في مجلس النواب من الآن وحتى آخر يونيو ونسمح للحكومة أن تستدين مبلغ 800 مليون دولار بالعملة الأجنبية سيدخل لبنان إلى نادي باريس أي نادي الدول التي لا تفي بالتزاماتها. هل لأنه لا يجوز للبرلمان التشريع في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، يتم إرسال البلد إلى نادي باريس؟
• لكن في موضوع الحكومة هناك خشية من وجود مقايضة سياسية؛ فهناك طرف أساسي يحاول فرملة اندفاعة الحكومة وكأن عينه على مسألة لها علاقة بالتحالفات السياسية التي توصل إلى موضوع الرئاسة. هل أفضت الاتصالات إلى بلورة مخرج معين؟
ـ يحاول رئيس الحكومة إجراء اتصالات كبيرة جداً. وفي واحدة من جلسات مجلس الوزراء (ما قبل الأخيرة) كان كلام جميع الوزراء متطابقاً من دون استثناء. ولكن نحن كنا ننتظر كلام وزير الخارجية الذي لم أجده رافضاً لما قلناه. فوراً وجدت رئيس الحكومة يقول اننا لم نصل إلى اتفاق. فطلبلت إليه أن يشرح لي سبب عدم توصلنا إلى اتفاق. فتبين أن نتيجة المباحثات التي يجريها خارج مجلس الوزراء لم تؤد إلى اتفاق.
في سبيل هذه المرحلة الانتقالية ما من أحد جاهز ليزعزع الأسس التي قام عليها الطائف، فرئيس الحكومة لن يقبل بالتخفيف من صلاحياته أبداً، لان هذه خطوة خاطئة. ففي موضوع مَن يدعو إلى جلسة مجلس الوزراء ومَن يضع جدول أعمالها، هذا أمر يقوم به رئيس الوزراء، وبالتشاور معنا حيث يرسل لنا جدول الأعمال قبل 72 ساعة من الجلسة ليعطي كل منا رأيه. لكن أن نضع نحن مجتمعين جدول الأعمال فرئيس الحكومة لن يقبل بهذا الأمر ولا نحن نقبل، ولا يجوز في سبيل الانتقالي زعزعة الأصلي.
• في موضوع النازحين السوريين، قيل الكثير عن الأكلاف اللإنسانية والاجتماعية والاقتصادية وعن الأخطار الديموغرافية لحجم كتلة النزوح السوري المقيمة في لبنان.. ما هو الرقم الفعلي لعدد النازحين؟
ـ الرقم الرسمي المسجل للنازحين السوريين وفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين هو مليون ومئة ألف نازح. ومن خارج هذا الرقم هناك ما لا يقل عن 300000 غير مسجلين. فجزء من هؤلاء ليس بحاجة لأن يتسجل، حيث يعيشون عيشة كريمة فضلا عن آخرين قد يكونون دخلوا خلسة.
الأضرار التي أصابت الاقتصاد اللبناني وفقاً لتقرير البنك الدولي هي في أدنى تقديراتها 7 مليارات ونصف مليار دولار خلال سنتين، لكن حقيقة الأضرار هي أكثر من 13 ملياراً، لأنهم احتسبوا السبعة مليارات ونصف المليار باعتبار فارق النمو في هاتين السنتين بين 4 بالمئة و1.5 في المئة، بينما النمو وصل في مرحلة من المراحل إلى 7 و8 في المئة ووصل في مرحلة ثانية إلى صفر في المئة. إذاً الأضرار أكبر من ذلك.
أما الأضرار التي أصابت البنى التحتية والعامة، فالمدارس التي تستوعب 100 ألف تلميذ سوري من أصل 400 أو 350، تصاب بتصدّع. وفي موضوع الكهرباء التي لا نستطيع تغطية مصالح الشعب اللبناني فيها، يستهلك السوريون 200 ميغا بسعر مدعوم فيما نشتري نحن الـ 100 ميغا من سورية بالسعر المتداول.
الأمن بات في حالة خطرة. وفي الصحة ظهرت أمراض لم نكن نعرفها سابقاً فيما منافسة اليد العاملة اللبنانية تتسبب بخلل اجتماعي كبير جداً.
باختصار لا يصدّق أحد مَن يقول ان هناك طائفة في لبنان كبرت جراء النزوح، فهذه الطائفة التي يقال انها كبرت هي أكثر الطوائف شعوراً بالضغط.
وبما أننا بدأنا نشعر في مقاربة ملف النازحين بالخروج من النظرة الحزبية والمناطقية والمذهبية إلى نظرة لبنانية لأن الخطر بات يهدد كل البلد، حضّرتُ ورقة عمل بناء لطلب رئيس الحكومة لأنني المسؤول عن هذا الملف وقدمتُها اليه، حيث قام بدوره بعرضها على اللجنة المختصة ثم على مجلس الوزراء واتخذنا قرارات بالإجماع، حيث الأول يجمع المجلس على ورقة عمل قال عنها الوزير جبران باسيل: لأول مرة أقرأ ورقة عمل لا مجال فيها للاختلاف. وأنا في هذه الورقة لم أتعمّد تدوير الزوايا ولا البحث عن النقاط المشتركة، بل نظرت إلى الأمر، من خلال المستشارين والفريق الذين يعملون معي، من الزاوية اللبنانية الواسعة.
وقد اتفقنا على أن هذه المسألة سياسية وليست مجرد كارثة إنسانية أو حادث طبيعي فيضان أو زلزال. هذه كارثة إنسانية يشيح العالم وجهه عنها وكذلك لا يوليها المجتمع العربي حقها لأنه لا يشعر بصراحة بأن هذا الخطر سينتقل إليه، لذا من المفروض أن يقول المجتمع العربي في هذه المرحلة ان عليه التصدي وبلورة موقف واحد. هذه مسألة إنسانية ترتقي إلى مستوى النكبة العربية وبالتالي يجب ان نضعها أمام المجتمع العربي. وهذه قضية إنسانية على المجتمع الدولي التصدي لها كي يوقف هذا الفعل، لأنهم يعالجون الأثر ويتركون الفعل. فيما معالجة الأثر غير مجدية لأن الفعل لا يزال مستمراً.
وهناك رسم ديموغرافي جديد في سورية وكل ما يحصل يؤدي إلى فائض على لبنان لا يُحتمل، هذا من حيث الإطار. أما من حيث التفصيل فقد اتخذنا أربعة قرارات، حيث تشكلت لجنة اسمها خلية الأزمة مؤلفة من رئيس الحكومة ووزراء الداخلية والخارجية والشؤون الاجتماعية. وقد قررنا وتحت بند الحد من الدخول السوري ألا نقبل نزوحاً إذا لم يكن ناجماً عن قتال في مناطق محاذية للحدود اللبنانية.
• لكن البعض عزا هذا القرار إلى الإنقسامات السياسية المحلية؟
ـ لماذا؟ النازح يكون مضطراً، فأهلا وسهلا بمَن ينزح إلينا من مناطق قريبة شهدت حرباً. لكن أن يأتي نازح من إدلب مروراً بمناطق سورية آمنة إلى لبنان فهذا تعسف، إذ بإمكانه الذهاب إلى مناطق آمنة أقرب، ومجيئه إلى لبنان يعني أنه يفضل الإقامة فيما لم يعد بإمكاننا أن نكون مركز إقامة لأحد.
ثانياً ووفقاً لتعريف المادة الأولى من معاهدة جنيف الصادرة العام 1951 والتي تعرّف اللاجئ بأنه الذي اضطر إلى ترك أرض جنسيته إلى بلد آخر وذلك بسبب انتمائه الديني أو رأيه السياسي ولا يستطيع العودة إلى بلاده خشية الاضطهاد أو لا يريد أن يعود إلى بلده، فعندما يعود السوري إلى بلاده تسقط عنه صفة النزوح، دون أن يعني ذلك منعه من العودة إلى لبنان لكن دخول الأراضي اللبنانية يكون وفق الأنظمة والقواعد المتبعة.
اما سبب هذا القرار، فلأن لبنان لم يعد قادراً على التحمل وحرصاً على عدم ظلم النازحين العاجزين عن العودة إلى بلادهم فالمبالغ المقررة للنازحين قليلة وهناك فارق بين توزيعها على 500 ألف او مليون، فالبعض يأتي من أجل المنافسة غير المشروعة.
وثالثا كُلفت بالتدقيق في موضوع بطاقات النزوح، إذ ان البعض يحمل هذه البطاقة فيما لا تنطبق عليهم المواصفات المطلوبة، فقسم كبير منهم يعمل وكان يعمل في لبنان قبل النزوح.
أما رابعاً وهو النقطة التي اتفقنا على بعضها واختلفنا على بعضها الآخر، فقد طلبنا من المجتمع الدولي إقامة مراكز استقبال في المناطق السورية الآمنة وفي المناطق الفاصلة بين الحدودين.
وأنا اقترحت أيضاً، ولم أنل موافقة بعد على هذا الاقتراح، إقامة مراكز استقبال هي بيوت جاهزة التركيب وصالحة للتفكيك بإمكان النازح تفكيكها ونقلها إلى قراه المهدمة، داخل الأراضي اللبنانية القريبة من الحدود على أن يتم تأمين كامل اللوجستيات التي تسمح للنازحين بعيش حياة إنسانية لائقة من طاقة ومدارس وصحة.. وربط المساعدات بالسكن في هذه المراكز. وحينها من دون عناء واستخدام الأمن يخف الاحتقان داخل الجسم اللبناني.
• ماذا عن كلفة هذه المراكز؟
ـ لا يهم.
• يبدو أن مفوضية الأمم المتحدة لا تشجع على موضوع المراكز وترى أنها لابد أن تكون بعيدة 30 كيلومتراً عن الحدود؟
ـ هذا تعسف. على بعد 30 كيلومتراً أي تقام في معرض طرابلس. فهل نحن الولايات المتحدة أو كندا؟ قارني ما يشهده لبنان بدخول 100 مليون مكسيكي إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال سنتين.
الوزير درباس و... الكويت
في معرض تقويمه للواقع الأمني الحالي في لبنان وما يتوقعه في شأن الموسم السياحي، قال الوزير رشيد درباس: «طبعاً.. فالأمور كويسة. وأنا أحيي الكويت الشقيقة والإعلام الكويتي وجريدتكم، ولي في الكويت أصدقاء أعزاء جداً وبعضهم تعود صداقتي معهم لأيام الدراسة».
وأضاف: «رئيس المجلس الثقافي في الكويت الدكتور سليمان العسكري صديق عزيز وقديم لي. ولنا سفير في الكويت رجل طرابلسي نعول عليه. لبنان مشتاق جداً لأهله الكويتيين. وفي المناسبة في إحدى الفترات افتتحت مكتباً شراكة مع النقيب السابق للمحامين الكويتيين وكان رئيس بلدية الكويت عبدالرحمن حميدان وخالد بن مغيمشي في وسط بيروت، فللكويتيين مصالح كثيرة في لبنان وهي في الحفظ والصون. ونحن نحييهم ونقول لهم اننا بأمس الحاجة لرؤيتهم».