عملية عسكرية للجيش في جرود عرسال و«خطة بيروت» قاب قوسيْن

لبنان «بين الناريْن»... العراقية والسورية

1 يناير 1970 07:25 ص
بات لبنان منذ «انفلاش» تنظيم «داعش» في العراق كأنه «بلاد ما بين النارين»، نار المشهد العراقي الخطير الذي يشي بتداعيات على الواقع اللبناني من بوابة احتمالاته المفتوحة على ملابسات ملتبسة و«مريبة»، ونار الأزمة السورية الحاضرة اساساً بقوة في بيروت والتي تلقي بثقلها على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.

وعلى وقع بدء تبدُّد عامل «الصدمة» حيال وقوع أجزاء واسعة من العراق في «قبضة» تنظيم «داعش» وانطلاق «التفكير» اقليمياً ودولياً في سبل وقف «تمدُّد» الدولة الاسلامية في العراق والشام، راح لبنان يراقب عن كثب التحولات المذهلة في بلاد ما بين النهرين وارتداداتها المحتملة التي تراوح بين تقديرات بان ما يجري هو في اطار «الخرائط الجديدة» المرسومة للمنطقة وبين انه سيقوّي النظام السوري ويضعه مع ايران على خط «حرب دولية» ضد الإرهاب يمكن ان تتصدّرها الولايات المتحدة مباشرة او «توكل» بها طهران ضمناً.

وفي كل الحالات، يسود قلق عارم لبنان حيال المشهد في المحيط الذي يقع إما في سياق إعادة النظر في خريطة المنطقة او معاودة ترسيم حدود مواقع النفوذ فيها انطلاقاً من خطيْ التماس في العراق وسورية ومن خلفهما «حقل النار» اليمني، دون ان يظهر ان المخاوف المتعاظمة في بيروت ستدفع اللاعبين الداخليين الى استعجال بت الملف الرئيسي العالق وهو الانتخابات الرئاسية التي يُخشى ان تكون دخلت في ظل الحدَث العراقي مرحلة جديدة من الانتظار، الا اذا اختار اللاعبون الاقليميون سدّ «باب الريح» اللبناني بتسوية بمكوّنات محلية لا تشكّل اي مساس بموازين القوى القائمة.

وبدا واضحاً مدى استشعار القادة اللبنانيين بوطأة التطورات العراقية ونشر «داعش» سلطته الى حدود الحسكة في سورية، والتداعيات المحتملة على الاستقرار اللبناني سواء في المناطق الحدودية شرقاً وشمالاً او في بعض المناطق الاخرى، وسط بدء الجيش اللبناني عملية عسكرية في جرود عرسال ضد مسلّحين وضبط اسلحة بمخيم للنازحين في وادي حميد، ورفع درجة التيقظ الامني ولا سيما في مناطق الثقل بالنسبة الى النازحين تحسباً لوجود اي خلايا نائمة تابعة لـ «داعش».

وكان لوزيرين في الحكومة هما وزير الداخلية نهاد المشنوق والعدل اللواء اشرف ريفي مواقف بارزة في هذا السياق اذ دعا الاول بعيد عودته من قطر الى ضرورة تسريع وضع الخطة الامنية في بيروت على النار وبناء شبكة امان تمنع تعريض العاصمة لاي اهتزازات اذا تفاقم الوضع في المنطقة، فيما اقترح ريفي عقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء بمشاركة القادة الامنيين والعسكريين لتحصين الوضع واتخاذ ما يلزم من اجراءات، معتبراً ان ما يحصل في العراق «تحول كبير ولن يكون مسألة أيام، ولا بدّ من تحصين الوضع الأمني لنحافظ على الاستقرار الذي أمّنته الحكومة، مع خفضها مستوى التوتر السنّي ــ الشيعي».

وأبرز دلالة على حجم ما يجري في العراق انه حضر بقوة في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء اللبناني اول من امس حيث تحدث الرئيس تمام سلام عن «اجواء اقليمية ذات ابعاد خطيرة» مطالباً كل مكونات الحكومة ان تتجاوز العقبات والخلافات الداخلية، والانصراف الى كل ما من شأنه تحصين وضع لبنان الداخلي.

وترجم سلام هذا الكلام بحرصه على إعطاء وقت اضافي للوزراء لحسم مسألة «القواعد» التي يتعين اعتمادها لاتخاذ قرارات مجلس الوزراء في ظل غياب رئيس الجمهورية.

وفي موازاة ذلك، تتجه الانظار الى لقاء يُفترض ان يعقد الاسبوع المقبل في باريس بين سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط الذي أوفد الوزير وائل ابو فاعور الى المغرب للقاء رئيس تيار «المستقبل» تحضيراً لاجتماع باريس الذي سيتمحور حول الاستحقاق الرئاسي وسبل كسر حلقة الفراغ التي يدور فيها لبنان 25 مايو الماضي.

وينعقد لقاء الحريري - جنبلاط على وقع المواقف التي أطلقها الاخير في اليومين الماضيين واكد فيها رفضه السير بمرشح 14 آذار الدكتور سمير جعجع ولا بالعماد ميشال عون المنخرط في حوار مع الحريري رغبةً من عون في اعتماده مرشحاً توافقياً.

ولفت في سياق متصل وبعد ترشيح الرئيس السوري بشار الاسد للعماد عون اعلان الوزير السابق وئام وهاب (القريب من الاسد) «انه يوجد اتصال دائم بين العماد عون والرئيس بشار الاسد»، ومؤكداً ان «السيد حسن نصر الله متفق مع الجنرال على كل شيء».

وبرز في الإطار نفسه ما نُقل عن المسؤول الاعلامي في بكركي وليد غياض من ان البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يحضر لعقد مصالحة وطنية تبدأ بلقاء ماروني ثنائي بين عون وجعجع اذ ان «حال البلد تستوجب لقاء شجاعا بينهما وهذا بات مطلباً شعبياً مسيحياً ولبنانياً».