بعد حياة مليئة بالنجاحات المهنية والإنسانية والمواقف الإعلامية والسياسية

رحيل الزميل عبدالله كمال عن 49 عاماً ... مهني مخلص وإعلامي متفرّد

1 يناير 1970 01:00 ص
بعد حياة مليئة بالنجاحات المهنية والإنسانية، والصولات الإعلامية، ولم تخلُ أبدا من المطبات السياسية، أسس فيها مدرسة صحافية خاصة، وخرَّج مهنيين محترفين، غيّب الموت أمس، الكاتب الصحافي المصري رئيس تحرير صحيفة ومجلة روزاليوسف السابق مستشار مجموعة «الراي» الإعلامية في القاهرة والنائب البرلماني السابق عبدالله كمال، عن عمر يناهز 49 عامًا على اثر إصابته بنوبة قلبية، لتفقد الصحافة المصرية والعربية، علامة مميزة في تاريخها الحديث، ولتفقد الحياة السياسية والحزبية في مصر، واحدًا ممن أثروا وأثَّروا في السنوات الأخيرة.

عبدالله كمال، الذي بقي على صهوة حصانه المهني، ورافعًا قلمه المؤثر، كان في رحلة عمل بالخارج، وعاد فجر أمس، وفي الصباح المبكر، استيقظ كعادته، ولكنه أحس بوعكة صحية، نُقل على أثرها على مستشفى كليوباترا، في ضاحية مصر الجديدة، (شرق القاهرة)، وتبين إصابته بنوبة قلبية، وسرعان ما غادر الحياة، ليترك ألمًا في قلوب أسرته وأهله ومن علَّمهم وزاملهم صحافيّا وإعلاميّا وحزبيّا وسياسيّا، تاركا جُرحا عميقا، يبكي من اقترب منه وتعامل معه.

ووُلد عبدالله كمال في القاهرة العام 1965. وتخرج في كلية الإعلام، جامعة القاهرة.

وكانت بداية حياته المهنية الصحافية، في مجلة روز اليوسف قبل التخرج في أغسطس 1987، بالتوازي مع هذا كان ينشر الموضوعات الصحافية في جريدة القبس الكويتية.

وفي الفترة من يناير إلى أبريل 1986 شارك في تحرير جريدة الأحرار الحزبية إبان تولي محمود عوض رئاسة تحريرها، وكان لديه باب ثابت في الجريدة بعنوان «شباب وجامعات».

ويقول سجله المهني، إن أولى موضوعاته في روز اليوسف تتناول المظاهر الاجتماعية والقضايا التي تحيط بذلك، ونشر حوارات صحافية مع رموز التجربة الغنائية المصرية الجديدة في ذلك الوقت.

وفي روز اليوسف، تولى مسؤوليات مختلفة في إدارة عملها، وتدرج في مواقعها المختلفة حتى قبل أن يُعين رسميّا في جهاز تحريرها في العام 1995.. وقد تولى بداية رئاسة قسم الديسك المركزي، الذي كان يتمتع بصلاحيات واسعة في تحرير المطبوعة..قبل أن يضيف إليه رئيس التحرير محمد عبدالمنعم بدءًا من العام 1998مهمة أخرى كرئيس لقسم الدراسات.

وبالتوازي مع عمله في روزاليوسف، كان الإعلامي الراحل، يكتب في صحف عربية متنوعة، منها على الترتيب: الحياة، الشرق الأوسط، البيان، الأنباء.. وقد احترف في ذلك التوقيت إعداد التقرير الخبري المكتوب بأسلوب «الفيتشر»، وأصبح مراسلا لمجلة «أبل كمبيوتر» التي كانت تصدر في لندن بدءًا من العام 1992.

في العام 1992 صدر له كتاب «الإباحية والإجهاض: معركة الأزهر والحكومة»، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر السكان في القاهرة.. ثم صدر له كتاب «التجسس الاميركي على عصر مبارك».. وتوالت مؤلفاته في غضون سنوات التسعينات، وهي «نساء أنور السادات» و«إمبراطورية آل الفايد» و«التحليل النفسي للأنبياء» و«تجربة شخصية مع عبدة الشيطان» و«الدعارة الحلال» و«المؤسسة السرية للزواج في الشرق الأوسط والقوادون والسياسة».

وفي مطلع العام 1999 أخذ في الترقي الوظيفي في مجلة روز اليوسف، وأصبح مساعدا لرئيس التحرير، ثم نائبا لرئيس التحرير، وفي يونيو من العام 2005 اختارته اللجنة العامة لمجلس الشورى رئيسًا لتحرير مجلة روز اليوسف. وفي غضون شهر وافق المجلس الأعلى للصحافة على تحويل رخصه روز اليوسف إلى جريدة يومية..وأسس لإصدارها في تحول تاريخي فريد في مسيرة المطبوعة التي تأسست العام 1925 وصدرت يومية العام 1934، ثم توقفت بعد عام، وأعاد إصدارها يومية بعد 71 عامًا في 14 أغسطس 2005.

وفي العام 2001، تولى مسؤولية إدارة مكتب جريدة «الراي» الكويتية في القاهرة، وقاد فريق عمل من قرابة 70 محررا، بالتوازي مع عمله في روز اليوسف، وفيما بعد أن أصبح رئيسًا لتحرير روز اليوسف، أصبح مستشارا لجريدة «الراي»، وفي الوقت ذاته، واصل نشر المقالات في جرائد عربية أخرى، ومنها الشرق الأوسط اللندنية والنهار اللبنانية وإكسبريس السويدية، وعلى موقع إيلاف في شبكه الإنترنت.

وقاد كمال في مساره الصحافي عددًا من الحملات الصحافية المختلفة، من بينها «تسقيع الأراضي في الغردقة ومرسى علم وشرم الشيخ ـ عبدة الشيطان ـ الصحافة الصفراء ـ التطرف الديني ـ ملف جماعة الإخوان ـ التعديات على أراضي النيل ـ التمويل الأجنبي للصحافة الخاصة المصرية ـ المجتمع المدني وحقوق الإنسان ـ أداء الإعلام المصري».

ومن بين أعمدته الثابتة: (ولكن).. وهو عمود يومي ثابت في الصفحة الأخيرة من صحيفة روزاليوسف و(بالمصري)..وهو مقال أسبوعي افتتاحي ثابت في مجلة روزاليوسف.. و(بالمصري) أيضا هو نفس عنوان مقاله غير المنتظم الذي ينشر من حين لآخر في الصفحة السابعة من الجريدة، (سنابل وقنابل)..باب لقطات أسبوعي في المجلة.

وتعددت أنشطته الإعلامية، حيث ترأس تحرير برنامج «الظل الأحمر»، الذي تقدمه الإعلامية سناء منصور منذ العام 1997، فإنه ظهر في عشرات من البرامج والمحطات التلفزيونية والإذاعية في مصر والعالم العربي ومختلف دول العالم.

وفي مسيرته السياسية الحافلة، انضم إلى الحزب الوطني الديموقراطي، صاحب الأغلبية البرلمانية في مصر، عبر عضويته في لجنة الشباب بأمانة السياسات في العام 2003، وظل عضوًا فيها حتى الآن، وفي العام 2006 اختير عضوًا في أمانة الإعلام إلى جانب عضويته في لجنة الشباب بأمانة السياسات، ثم عضو هيئة مكتب نفس الأمانة في نفس العام.. واختاره رئيس الجمهورية في يوليو 2007 عضوًا في مجلس الشورى (بالتعيين) وفقًا للحق الدستوري للرئيس في اختيار 44 عضوًا بالتعيين في التجديد النصفي للمجلس، وانتهت مدة عضويته في 2013.

وتلقى كمال تعليمه الابتدائي في مدرسة طور سيناء الابتدائية في حي الظاهر، بالقرب من وسط القاهرة، وتلقى تعليمه الإعدادي في مدرسة السلام الإعدادية بنين في نفس الحي، وتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة النقراشي العسكرية في حي حدائق القبة، شرق القاهرة.

وأثرى عبدالله كمال المكتبة العربية، بالعديد من الإصدارات، من بينها: «الأب الروحي لأسامة بن لادن - تجربة شخصية مع عبدة الشيطان - نساء أنور السادات - إمبراطورية آل الفايد - المؤسسة السرية للزواج في الشرق الأوسط»

وقبل فترة قليلة، ولأنه تعوَّد أن يبدع ويبتكر، فقد ولد على يديه مولوده الأخير، الموقع الإخباري «دوت مصر»، الذي بدأ يبث تجريبيّا.

تجارب ثرية وإسهامات فاعلة وحياة مليئة بالمواقف والحكايات والإصدارات، تركها الراحل، ولكنها ستبقى دومًا أمام من عرفه ومن لم يعرفه.

كمال «مغرّداً» قبل رحيله بساعتين: هل يريدون أن يفهموا الشرق؟



| القاهرة ـ «الراي» |

قبل رحيله بنحو الساعتين، غرّد الكاتب المصري الراحل عبدالله كمال، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وقال: «المشكلة ليست أن دول أوروبا وأميركا لا يتعلمون... ولا يعرفون ماذا يعني الشرق... وإنما المشكلة تكمن في إجابة سؤال: هل هم يريدون حقًّا أن يفهموا الشرق؟».