أزمة دار الفتوى في لبنان تتجدّد ومخاوف من بلوغ مرحلة «المفتييْن»
| بيروت - من آمنة منصور |
1 يناير 1970
07:25 ص
مع دنو ولاية مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني من نهايتها لبلوغه السن القانونية في الخامس عشر من سبتمبر المقبل، بلغ الخلاف بين رأس الطائفة السنية ومرجعيتها السياسية ذروته.
فبعد الخلافات التي استعرت منذ أكثر من عامين مع قباني والتي شكّلت الوجه الآخر للتباين بين رأس الطائفة وبين الطيف السياسي الأبرز فيها اي «تيار المستقبل» على خلفية شؤون تنظيمية واخرى سياسية وصولاً الى قيام «مجلسين شرعيْين»، الاول ممدَّدة ولايته ولا يعترف قباني بشرعيته، والثاني وُلد مبتوراً من انتخابات قاطعها معارضو المفتي (من نوّاب ووزراء سابقين، وقضاة، ومحامين، ومفتين، وأئمة مساجد) وطُعن بشرعيته بحكم صدر عن مجلس شورى الدولة، كانت التوقعات بان تشكّل انتخابات المفتي الجديد في سبتمبر المقبل الباب الى حلّ هذه الازمة غير المسبوقة في تاريخ الطائفة السنية، قبل ان يباغت قباني معارضيه بإقدامه (عبر المجلس الشرعي) على اعادة العمل بنصوص مواد كان ألغاها الرؤساء السابقون للحكومة عام 1996 بما وسّع الهيئة الناخبة (للمفتي) من 120 لتتجاوز ألفا وأعاد العمل بأن المدير العام للاوقاف الاسلامية (وليس رئيس الوزراء) هو من يدعو مجلس الانتخاب قبل الموعد المحدد بخمسة عشر يوماً على الاقل.
وسرعان ما عُقد اجتماع في السرايا الحكومية بدعوة من رئيس الحكومة تمام سلام وحضره رئيسا الحكومة السابقان فؤاد السنيورة (بصفته الشخصية وممثلاً الرئيس سعد الحريري) ونجيب ميقاتي، وغاب عنه الرئيس سليم الحص والرئيس عمر كرامي الذي فوّض إلى سلام القرار. وقد أكد خلاله المجتمعون أن «هذه الخطوات المريبة الصادرة أصلا عن غير ذي صفة وصلاحية تتعارض مع المسيرة التاريخية والوطنية لدار الفتوى. والأخطر انها تشكل منعطفا خطيرا وغير مسؤول، يرمي بإصرار الى ضرب وحدة الطائفة السنية والانخراط في مخطط سياسي غير مسبوق يعمل على تفكيكها عن طريق زرع بذور الفتنة في ما بين مكوناتها الدينية والمدنية».
ولم يتأخر ردّ قباني رافعاً سقف «تحدي» السرايا بإعلانه خلال لقائه علماء وأئمة مساجد: «لا يخيفنا السرايا ولا من هو في السرايا ولا من هو على رأس السرايا ولا من يحمي السرايا، لأن الله عز وجل هو اقدر عليهم منا»، وشأناً هجوماً عنيفاً على الرئيس السنيورة، قبل ان يصعّد من خلال دعوة المدير العام للأوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة مجلس الانتخاب الاسلامي «الموسّع» الى «انتخاب مفت جديد للجمهورية اللبنانية صباح يوم الاحد في 31 أغسطس 2014 في بهو دار الفتوى» وهو ما عزز المخاوف من تمدُّد سيناريو «الثنائية» في مجلسي «الشرعي الأعلى» الى تنصيب مفتيين لا سيما مع توقعات بأن يدعو المجلس الإسلامي الشرعي الممدَّد له إلى إنتخاب مفت جديد.
وقد ردّ الشيخ خليفة في حديث إلى «الراي» على مَن يتهم دار الفتوى بالتغريد خارج سرب الطائفة السنية، سائلاً: «هل الالتزام بالقوانين هو تغريد خارج السرب؟»، مشيرا إلى أن دعوته إلى الانتخاب هو ممارسة لصلاحيته الإدارية، بحسب المرسوم الإشتراعي وفي هذا الإطار ما من إفتئات على أحد أو تغريد خارج السرب».
وقال: «بلغني أن هناك مبادرة من أعضاء المجلس الشرعي الحالي (الذي يرأسه قباني) تجاه المجلس الشرعي القديم، وتتلخص بأن تُشكل لجنة من الكل باتفاق الجميع وبموافقة رؤساء الوزراء للتفاهم على الهيئة الناخبة التي يتفق عليها الجانبان ويُدعى بعد ذلك مباشرة إلى انتخاب مجلس شرعي واحد على أن يُحل في لحظة إجراء الإنتخابات المجلسان، ويدعو المجلس المنتخب إلى إنتخاب مفت جديد»، لافتا إلى أن «هذا الطرح لم يجد القبول عند الآخر، فاتُخذ القرار التصويبي للمادة رقم 8 وألغيت الإضافات عليها وأعيد الأمر إلى نصابه بتوسيع الهيئة الناخبة وتوكيل مدير عام الأوقاف بإجراء هذه الإجراءات الإدارية لتنفيذ هذا الطلب بناء على قرار المجلس الشرعي».
واضاف: «إذا عجزت الطائفة السنية في لبنان عن إيجاد هذه النوعية التي تجمع وتنفس هذا الاحتقان وتتجاوز هذا الإشكال، فأنا أجد أن من الواجب على الأشقاء الذين لديهم غيرة على لبنان والمصلحة الإسلامية والسنية بالذات أن يكون لهم دور لا بالنأي بالنفس أو أخذ موقف طرف ضد آخر بل أن يكون الموقف بالمونة على الإثنين». وإذ أكد أن «هناك عقلاء بالطائفة السنية في لبنان وأشقاء يغارون علينا»، أمل أن «يكون التدخل سريعاً لإنهاء هذه الأزمة وإيجاد المخرج الذي يرضي الجميع».
بدوره، نائب رئيس المجلس الشرعي الأعلى المناوئ للمفتي الوزير السابق عمر مسقاوي أكد لـ «الراي» تعليقاً على دعوة خليفة لإنتخاب مفت جديد أن «كل هذه التصرفات غير قانونية وغير صحيحة، وهي نوع من تعطيل أي حركة انتخابية».
وجدد تأكيد أن «لا وجود إلا لمجلس شرعي إسلامي واحد معترف به من الدولة اللبنانية»، معتبرا أن «مفتي الجمهورية منذ سنتين خارج وظيفته، بعد تخليه عنها، فالقانون يشير إلى أن المفتي يمارس وظيفته وفق القوانين المرعية الإجراء وهو أعلن عدم اعترافه بها».
ولفت إلى أن قباني أقدم على هذه الخطوة «لأن نهايته دنت، وهناك بعض المشاكسين الذين يلعبون على الملعب السياسي لا ملعب دار الفتوى وهم ما يسمى بـ 8 آذار». وذكر أن «أفرقاء ومرجعيات 8 آذار يزورون المفتي قباني باستمرار، و8 آذار تستغل المفتي قباني نكاية بقوى الرابع عشر من آذار».