تجّار ينتظرون الحدث باهتمام كل 4 سنوات
«حرب أعلام» و«متاريس» في بيروت
| بيروت - من أسرار شبارو |
1 يناير 1970
07:20 ص
* «ولع» لبنانيّ بمنتخب ألمانيا جعله يخيط علماً بطول ثلاثة أمتار
من الشرفات والسطوح تدلت، وعلى الأعمدة ووسط الطرق رُفعت، وعلى نوافذ السيارات وُضعت. إنها أعلام الدول المشاركة في مونديال البرازيل 2014 التي غطت سماء وأرض لبنان منذ أسابيع قبل انطلاقة الحدث الرياضي الأبرز في العالم.
... أعلام البرازيل وألمانيا وايطاليا واسبانيا وفرنسا هي الطاغية على غيرها، وإلى جانبها ترتفع على استحياء أعلام بقية الدول المشاركة بدرجات متفاوتة، فيما علم لبنان شبه «مختفٍ» من المشهد.
والمعروف عن اللبناني أنه يتحمس بسرعة للفريق الذي يشجعه، تساعده على ذلك المحلات التجارية التي توفّر «عُدّة» التشجيع من جميع الأشكال والألوان... أعلام وقبعات وقمصان وأساور يد وأوشحة وصور لاصقة وأكواب وابواق وغيرها الكثير بألوان المنتخبات الاكثر «طلباً»، وحاضرة لتلبية جميع الأذواق.
المونديال يقلب حياة الناس رأساً على عقب... والمتجوّل في المدن اللبنانية يجد بوضوح مدى تأثير هذا الحدث الرياضي. فحمّى المونديال ترتفع يوماً بعد آخر، والأعلام تزداد معها، وعشق اللبناني لكرة القدم جعل المشهد وكأن البلد ساحة لـ «حرب كونية» او كأن دول العالم اجتمعت على أرض لبنان.
الاستعدادات لـ «المواجهة» على قدم وساق، إلا أن الفائز الأكبر من هذه الحرب هم تجار اكسسوارات المونديال سواء بالجملة أم المفرّق، ولا سيما الأعلام و«توابعها» التي ينتعش موسم بيعها على إشارات المرور، وفي المحال وفي كل زاوية.
هذه التجارة التي تنتظرها فئة من الناس كل أربع سنوات كما قال «مصطفى» أحد أصحاب بيع الأعلام في حديثه لـ «الراي». لكنه لم يكن مسروراً من السوق هذا العام حيث تمنى أن تزداد المبيعات أكثر فاكثر، عازياً تراجُع الإقبال إلى اهتمام اللبنانيين بأمورهم الحياتية وتأمين لقمة عيشهم وسلسلة الرتب والرواتب والانتخابات الرئاسية.
«صحيح أن بلاد الأرز لا تشارك في كأس العالم لكن اللبنانيين جاهزون لتشجيع منتخبهم المفضل مترجمين ذلك على أرض الواقع وبروح رياضية تجمعهم بدلاً من أن تفرقهم، وهم بالرغم من ظروفهم المادية الضيقة يبتاعون زينة المونديال وكأنها من أساسياتهم»، كما يقول «ابراهيم» صاحب بسطة لبيع كل أدوات التشجيع «فهذا الحدث فرصة لكسر الركود الاقتصادي وإن بخجل، ولدينا قبعات وأساور وأعلام وكل ما يمكن أن يشد انتباه المشجع، أما أنا فلا أشجع أي منتخب رياضي رغم كل ما نرى من ألوان الدول المشاركة، كل ما أريده هو تأمين ثمن الطعام والشراب لعائلتي».
أعلام البرازيل هي الأكثر مبيعاً يقول ابراهيم أما السبب «فقد يعود إلى وجود عدد كبير من المغتربين اللبنانيين في هذا البلد، ولذلك غالبية مشجعي هذا الفريق هم أبناء أسرهم وعائلاتهم، أما ألمانيا فتتبع البرازيل من حيث انتشار أعلامها وتليها فرنسا والأرجنتين وإسبانيا وايطاليا ويبقى العلم البرتغالي الغائب الأكبر عن الساحة».
الضاحية الجنوبية هي الموزّع الأساسي لزينة المونديال، أما الأسعار فهي على الشكل التالي: «العلم الصغير بألفي ليرة (نحو 1.3 دولار) والوسط بستة آلاف لـ 4 دولارات) أما الأكبر فيصل ثمنه إلى عشرين ألف ليرة (نحو 13 دولاراً)، فيما يصل سعر الأعلام العملاقة إلى مئة دولار وما يزيد. ويبقى سعر البوق ألفي ليرة والسوار البلاستيكي بألف ليرة ويرتفع ثمنه حسب النوع، أما عصبة الرأس فبخمسة آلآف ليرة، وعلّاقة المفاتيح يبدأ سعرها من ألف ليرة والوشاح يراوح سعره بين عشرة وعشرين ألف ليرة كذلك القبعات.. وكله يهون في سبيل المنتخب».
داخل البيت الواحد، قد يُرفع علمان أو أكثر، ويتجادل الإخوة مشجعو الفرق الرياضية، آملين وصول المنتخب الذي يشجعونه إلى اللقب. فحسين مثلاً يشجع البرازيل منذ زمن بعيد «أنا واثق من فوز فريقي ووفاءً له كما في كل كأس عالم قمتُ بشراء علمه ورفعته على سيارتي وعلى شرفة منزلي بالإضافة إلى كوب رُسم عليه العلم لاستفزاز زملائي في العمل به». أما شقيقته «نتالي» فتشجع المنتخب الألماني «الوشاح والسوار أصبحا جاهزين مع انطلاق المونديال، أما علم الأبطال فيرفرف منذ أسبوع على السيارة، ولن أقوم بنزعه حتى تنتهي المباريات. ومع أنني على ثقة تامة بفوز الألمان إلا أنني في الوقت نفسه مستعدة نفسياً لأي حدث دراماتيكي قد يؤدي إلى خروجهم من المونديال».
... «جنون فوق اللزوم. أنصح مَن يعجز عن حضور المباريات في البرازيل بالتوجه إلى لبنان حيث الأجواء ستكون بنفس الحماوة وربما أكثر، وبالأخص مشجعي المنتخب الايطالي وأنا واحد منهم، فهؤلاء يضيفون نكهة خاصة على هذا الحدث العالمي» كما يقول «ايلي».
«طوني» الذي يؤيد منتخب ألمانيا، اشترى من كثرة ولعه به أمتاراً من الأقمشة وقام بخياطتها ليرفع علماً يصل طوله إلى ثلاثة أمتار قبل بداية المونديال بأيام، أما الثمن فلا يهمّ بحسب قوله «كلفني 65 دولاراً، كله فدا ألمانيا والألمان».
على واجهات المحلات التجارية رفعت الأعلام أيضاً ومنها محل لبيع الألبسة يقول صاحبه: «أزين الواجهة بحسب المواسم، فكما عيد العشاق والميلاد وغيرها، يُعتبر المونديال الموسم الأبرز الذي ينتظره الجميع كل أربع سنوات».
وللأطفال حصتهم، وهم يعيشون الحدّث على طريقتهم إلى درجة أنهم يقتطعون من مصروفهم لشراء زينة المنتخب الذي يشجعونه. ويقول «سمير»: «أؤيد منتخب فرنسا، وقد اشتريت العلم من مصروفي الخاص بألفي ليرة لبنانية. وشقيقي الأكبر يشجع إيطاليا، أما والدتي فمع الفريق الرابح».
وإذا كانت أكثرية اللبنانيين انتظرت انطلاقة المونديال بفارغ الصبر، إلا أن بعضهم لا يكترث ولا يهتم، لأن مشاغل الحياة أكبر من هذه «التفاهات» كما قال «زين»: «ليرفعوا علم بلدهم قبل أن يرفعوا أعلام غيرهم. أنا لا أهتم لما يقوم به الشعب اللبناني مع كل بداية مونديال، فلا أزيّن سيارتي ولا منزلي، فليحبّوا بلدهم أولاً».