«الديبلوماسية الاقتصادية» غائبة عن حماية الشركات الوطنية

ماذا لو كان «باريبا» بنكاً كويتياً؟

1 يناير 1970 08:40 ص
• الكويت من أكثر الدول تصديراً لرأس المال في غياب الدعم الحكومي

• غرامات على شركة وطنية في دولة مجاورة لم تستدع أي رد فعل رسمي

• السلمي: الشركات الكويتية تملك استثمارات كبرى وصناديق خارج أراضيها تحتاج لدعمين سياسي وقانوني

• العتيقي: التحاور الدولي مع إيران لن يمنع فرض عقوبات وغرامات على شركات القطاعين العام والخاص الكويتية
أثارت الغرامة الأميركية الثقيلة على مصرف «بي إن بي باريبا» الفرنسي أزمة بين البلدين. في الكويت، مرّ خبر الغرامات الثقيلة التي فرضتها إحدى الدول المجاورة على شركة وطنية كبرى تكراراً، مرور الكرام. ولا يبدو أن للأمر حظاً في الحضور في اهتمامات الديبلوماسية الكويتية.

ما حدث في فرنسا استوقف كثيرين في قطاع الاعمال الكويتي. فبعد تعامل الولايات المتحدة بحزم وقساوة مع المصرف الفرنسي وفرض غرامة قياسية على مصرف «بي ان بي باريبا» لانتهاكه العقوبات الاقتصادية الاميركية ضد إيران وكوبا، علق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بانه ينوي الحديث بهذا الموضوع مع الرئيس الاميركي باراك اوباما، وأشار الى ان «من واجبه» التركيز على «خطر فرض عقوبات غير متكافئة تماما وجائرة على بنك فرنسي يعمل في الولايات المتحدة متحدثا عن خطر زعزعة منطقة اليورو».

لم تشهد الكويت من قبل رد فعل كهذا، على الرغم من أن الكويت تعد واحدة من أكثر دول العالم تصديراً لرأس المال، وضخامة حجم الاستثمارات الخارجية للشركات الكويتية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ما يستدعي اهتماماً حكومياً أكبر بحفظ مصالح الشركات الوطنية في الخارج.

يقول نائب رئيس اتحاد شركات الاستثمار الرئيس والعضو المنتدب في شركة الاستشارات المالية الدولية «ايفا» صالح السلمي، انه كلما اتسعت رقعة الوجود الاستثماري للشركات الوطنية كلما زادت الحاجة إلى تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية، وفي حالة الشركات الكويتية المعروف عنها تصديرها لرؤوس الاموال من واجب الدولة التركيز اكثر على الدفاع عن هذه الشركات في حال تعرضها لخطر فرض عقوبات دولية، او لخسارتها استثمارات بطريقة جائرة، ويوضح السلمي ان الشركات الكويتية تملك استثمارات كبرى ولديها صناديق استثمارية خارج اراضيها ولذلك تحتاج الشركات الكويتية الى دعم قانوني في حال تعرضها لنزاعات دولية، لا سيما وان التحاور الدولي بين ايران والقوى العظمى لن يمنع المجتمع الدولي من فرض عقوبات وغرامات على شركات القطاعين العام والخاص الكويتية لتعاملها مع الجهات الايرانية المحظورة.

ويوضح السلمي ان مسؤولية الدولة تقضي بتدخل الدولة عندما تتعرض اي شركة محلية لنزاعات دولية، ويضيف ان تدخل الدولة في هذه الحالة لا يقود إلى حماية شركة بالمفهوم المجرد، لكنه يؤدي إلى حماية حزمة واسعة من الاستثمارات الفردية والمتشابكة مع شركات وطنية اخرى ستضرر في حال فرض عقوبات قاسية على هذه الشركات.

ويقول السلمي ان عدم تدخل الديبلوماسية الاقتصادية قد يؤدي بكل بساطة لان تتحول الشركات الكويتية صاحبة الاستثمارات الخارجية إلى ضحية مناخ لا يقدر جيدا دور هذه الشركات في دعم الاقتصاد المحلي لجهة عوائدها المتأتية من استثماراتها الخارجية والتي تصب في النهاية في ميزانية الشركة المجمعة.

يذكر ان الارقام المنشورة تبين ان حجم الاستثمارات الخليجية في بريطانيا بلغ العام الماضي نحو 120 مليار جنيه إسترليني، منها 60 ملياراً إسترلينياً موزعة بين الإمارات والكويت والبحرين وقطر وعمان، والبقية للسعودية، ما يعكس أهمية حماية هذه الاموال من قبل الدولة.

وعلى صعيد متصل، يلفت المحامي من مكتب الرفاعي والحجرف والعتيقي عبد المحسن العتيقي إلى وجود تقارب دولي مع ايران في الاونة الاخيرة، لكن على ارض الواقع لم يحم هذا التقارب المؤسسات الاجنبية من التعرض للعقوبة الاميركية ولذا من المفترض ان تعي الخارجية الكويتية هذه المسألة وتحمي المنشآت الكويتية والمؤسسات في حال تعرضها لعقوبات مشابهة، خصوصا وان التقارب السياسي شيء والقوانين الدولية شيء اخر.

ويضيف ان التحاور الدولي بين ايران والقوى العظمى لن يمنع المجتمع الدولي من فرض عقوبات وغرامات على شركات القطاعين العام والخاص الكويتية لتعاملها مع الجهات الايرانية المحظورة، ومن ثم لابد ان تتحمل الخارجية الكويتية مسؤوليتها في الدفاع عن مصالح الشركات الوطنية التي تتعامل مع جهات ايرانية مرخصة من الدولة، لا سيما في ظل تحسن العلاقة بين الكويت وايران، والدفع نحو تطوير العلاقات بين البلدين، والا سيخالف الاتجاه العام الخاص.

ويرى العتيقي انه يتعين على الدولة ومن خلال وزارة الخارجية ممارسة دورها في تقديم الحماية الديبلوماسية لحماية مصالح الاشخاص والتابعين لها في حال تعرضها لجزاءات وغرامات خارجية بسبب مثل المواقف غير المسؤولة عنها، سواء ان كانوا افرادا او شركات، باعتبار ان هذه الشركات او الافراد جزء من المسؤولية العامة التي توليها الدولة في مراعاة مصالح مواطنيها.

وأضاف العتيقي انه ليس مطلوبا من الدولة ان تتحمل اي تكلفة ناتجة عن خلافات دولية يمكن ان تنشا لشركات محلية في قضايا متعلقة بدعاوى مرفوعة عليها من جهات دولية، لكن اقله هناك دور ديبلوماسي يجب ان تقوم به اجهزة الدولة المعنية بالدفاع ولو معنويا عن حقوق الجهة المحلية.

وينوه العتيقي إلى ان الديبلوماسية الاقتصادية يتعين الا تبدو ضعيفة في مواجهة الخلافات التجارية الدولية مع الشركات المحلية، حيث يتعين على وزارة الخارجية بذل جهود كبيرة لاستعادة حقوق الشركات الوطنية لحقوقها وتعميق التكامل القانوني مع هذه الشركات في النزاعات القانونية الدولية الناشئة معها، موضحا ان ذلك يتطلب ان تزود الدولة هذه الشركات بالنصيحة القانونية واعلان التضامن معها لو اعلاميا.

ويشير العتيقي إلى ان بعض الشركات الوطنية الكبرى قد تخرج من أزمة تواجدها في احد الاسواق الخارجية محملة بأثقال قانونية أكبر من الوزن العادي الذي يمكن ان تتحمله بشكل منفرد، ولذا فان تدخل الخارجية الكويتية يخفف من معاناة هذه الشركات ويؤدي إلى حماية حقوقها بدلا من ضياعها الذي تعرضت اليها اكثر من شركة كويتية في غير مناسبة.