حسين الراوي / أبعاد السطور

علاج... بعد الموت

1 يناير 1970 04:32 م
فكرة العلاج بالخارج تكمن حكمتها في أن يتم إرسال المريض الذي يتعذر علاجه في الكويت إلى أي دولة أخرى لديها القدرة بإذن الله تعالى على علاجه حتى يتعافى ويتماثل للشفاء، لكن الواسطات والمحسوبيات والمصالح الشخصية خرّبت وسوّدت تلك الفلسفة الجميلة لوجود إدارة العلاج بالخارج، حيث أن هناك حقوقاً لبعض المرضى هُدرت إلى أن بلغ فيهم هذا الإجحاف نحو الموت!

فكم من مريض مستحق أن يتم إرساله إلى العلاج بالخارج على الفور لا على التراخي.. أخذ حقه ودوره شخص آخر أقل من خطورة مرضه بكثير.

وإني أذكر حكاية مواطنة شابة توفيت قبل فترة رحمها الله تعالى، حيث تقدمت ثلاث مرات بأوراقها من أجل العلاج بالخارج، وكانت في كل مرة ترفض معاملتها حتى أنتشر مرض السرطان في جسدها بنسبة 70%! وبعد هذا الانتشار القاتل تمت الموافقة على إرسالها في الوقت الضائع، وهناك على الفور بدأت تلقي العلاج الكيماوي بجرعات تدريجية لكن حالتها كانت تزداد سوءاً لأن الصوت لا ينفع إن فات الفوت.

وما هي إلا أيام قليلة حتى عاد جثمان الشابة الصغيرة لكيّ يُدفن بالكويت حيث ذويها وأهلها. كم هو الأمر محزن؟ وكم هو يجعل في القلب غصة عندما يموت مرضانا بسبب رفض معاملاتهم للعلاج بالخارج مرة ومرتين وثلاث دون خوف من الله ودون ضمير حيّ، فماذا يفعل المريض الذي لا يعرف واسطة أو لا يعرف نائباً غير أن يصبر وينتظر الفرج من الله جل جلاله ظاناً بربه الظن الحسن بأنه سوف يرفع ضره وابتلاؤه عنه، وإن مات فللموت أسباب بلا شك، وأن أُولئك الذين رفضوا معاملته أكثر من مرة هم أهم أسباب وفاته، حيث تركوا المرض الشرس يأكل من لحمه وهم ينظرون له دون حراك! رحم الله كل مريض، وبالأخص أولئك الذين ماتوا وهم لا يعرفون واسطة ترسلهم للعلاج بالخارج.

alrawie