قال الله تعالى في محكم كتابه «ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض». إن التمني هو نوع من الإرادة يتعلق بالمستقبل ولكن! لماذا تتمنى المرأة ما عند الرجل من صفات وخصائص وشمائل وملامح؟، ولماذا يتمنى الرجل ما عند المرأة من صفات وخواص وشمائل وملامح...؟ إن الفهم الخاطئ للنصوص هو ما يجعل المرأة تتمنى ما عند الرجل والعكس، وهذا الفهم السقيم هو الذي قلل مرتبة المرأة وحرمها حقوقها التي أقرت لها منذ آلاف الأعوام، وجعلها تمقت الأنوثة وتتمنى الذكورة، وأدى ذلك إلى تمردها وإهمالها واجباتها... ويظن البعض أن الرجل يتمتع بمزايا تشريفية وتكريمية كثيرة في شتى الميادين، ولكن في الحقيقة هي تكاليف يتحملها الرجل تطبيقاً للقاعدة الشرعية التي تقول «كل زيادة في الحق تقابلها زيادة في الواجب». فهذه تكاليف تزيد من واجبات الرجل في الدنيا، ويحاسبه الله عليها يوم القيامة دون المرأة.
علينا نحن النساء ألا نركز على الامتيازات ونهمل التكاليف في رؤيتنا لما يحظى ويتمتع به الرجل، بل ننظر إلى الأمور بشكل متكامل وندرسها من الزوايا كافة، ونفعل الشيء نفسه في رؤيتنا للمرأة، وسنشعر عندها بالعدل والتوازن بين المرأة والرجل في الخصال والقدرات الممنوحة، وفي التكاليف والواجبات المطلوبة. وبعدها سترى المرأة بعض المزايا التي تتمتع بها النساء والتي كانت عليها منذ عصر سحيق، عندها سيتلاشى من قاموس حياة الرجل والمرأة واقع التمني مستقبلاً لكثير من النساء والرجال وستصبح القناعة حينها كنزاً حقيقياً لا ولن يفنى بدلاً من إرهاق النفس والذهن بهذا المستقبل غير واضح الرؤية والمعالم.
لا يقال: إن المرأة خير من الرجل، كما لا يقال: إن الرجل خير من المرأة... فلكل واحد منهما ميدان وساحة يعمل ويكدح من خلاله، والناجح منهما هو الناجح في ميدان ذاته. التفضيل الذي ورد في الآية لا يعني تفضيل جنس الرجال على جنس النساء بالمطلق، وليس صفة تمييز أو تفريق بل هو صلة تكافؤ وتكامل بين جنسي الذكورة والأنوثة اللذين خلقهما الله من (نفس واحدة) وجهز كل شطر وجزء منهما تجهيزاً خاصاً به، حتى تتعادل بهما كفتا الحياة. وإن من أسباب تمني النساء للذكورة على سبيل الذكر وليس الحصر، السبب الأول والرئيسي: هو الفهم الخاطئ للنصوص الشرعية كما ذكرنا مسبقاً. والسبب الثاني: الحرمان من مكاسب دنيوية متنوعة. والسبب الثالث: تمني أجر الرجال.
ولهذا فإن الله نهى عن التمني حتى يرشد عباده إلى تحكيم الإرادة والمشيئة في خواطرهم التي تتحدث بها أنفسهم. لتصرفها عن الجولان والسير والانتقال في ما هو لغيرهم لأنه قد يكون هذا التمني في طلب حصول أمر مرغوب فيه، مما يعلم أو يظن أنه لا يكون، من جهة الدنيا أو الدين لئلا يؤدي إلى التحاسد والتباغض. ولله جل جلاله حكمة في النهي عن التمني، لأن التمني يحبب للمتمني الشيء الذي تمناه، فإذا أحبه أتبعه نفسه فرام تحصيله وافتتن به.
قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه «تمنيت الشيء إذا قدرته وأحببت أن يصير إليّ».
twitter: @mona_alwohaib
[email protected]