سلطان حمود المتروك / حروف باسمة / خير الجلساء

1 يناير 1970 04:38 ص

«المجلس» هو «الديوانية» في بعض اللهجات الخليجية، والجليس هو الإنسان الذي يجلس مع أخيه ليتبادلا اطراف الحديث. ومن ذلك يمكن الحصول على كثير من الألفاظ والعبارات والافكار والاتجاهات والأهداف عن طريق تبادل الأحاديث، وقد سررت كثيراً عندما شاهدت برنامج «بيتك» التلفزيوني الاسبوع الماضي والمقابلة مع الاستاذ أحمد عمران الجمعة، مدير ادارة المكتبات بوزارة التربية، الذي سلط الاضواء على مكتبات الوزارة ومستلزماتها وتقنياتها التي تعين القارئ على توصيل الحقائق والافكار الى ذهنه، وقد ذكرتني مقابلة الاستاذ الجمعة بمكتبات الديرة قديماً وكيف كان الناس يقبلون على نهم المعلومات من الكتب الموجودة في المكتبة الوطنية، والبعض كان يجتهد في الاطلاع على الكتاب اذا عرف انه موجود لدى شخص آخر فإنه يذهب، لكي يستعيره منه ليقرأه، وكثيرون من الناس كانوا يشدون الرحال الى بلدان قريبة أو بعيدة ليطلعوا على كتابٍ لأن الرغبة تدب في قلوبهم، اما الآن فقد توسعت المجالات وكثرت مراكز الاشعاع، ومنها المكتبات التي تكاد أن تستقبل في لحظات كتباً جديدة تضاف الى فهارسها، ولكن أين الجادون في القراءة؟ وأين الذين يحثون الناس على القراءة؟ وأين الخطة التربوية من مضامين القراءة؟ وأين المكتبة المدرسية من تفعيل مبدأ القراءة؟ وما دور المعلم في تشجيع عملية القراءة لطلابه؟ وأين المعلم ايضاً من الاستفادة من المكتبة في تطوير عمله وفي التنقيب عن طرق متعددة وسبل متنوعة في تيسير عملية التعليم والتعلم عن طريق القراءة والحث عليها؟ نحن نجد المكتبة وقد صورت فيها بعض الموضوعات لبعض المواضيع التي يحيل المعلم تلاميذه على اخراجها من كتاب معين في المكتبة العامة، وذلك بقصد التعلم الذاتي، مما لا يكلف التلميذ عناءً، انما عناؤه يكون بالتنقيب عن زميله الذي أتى بالفكرة المصورة قبلهُ كي يقتنصها منه، فأين التعليم الذاتي في هذا الصدد؟ وأين الجليس الذي كنا نأنس بالجلوس معه وننهم منه الفكر نهماً؟ وأين الجلساء الذين يتعاملون مع هذا الجليس بالتعامل الماضي نفسه؟

ورغم كثرة المستلزمات والتقنيات والامكانات التي تعين القارئ على اقتناص المعلومات الا اننا لا نرى أن مقولة «وخير جليس في الزمان كتاب» خلاقة لمثل هذه الايام.


سلطان حمود المتروك


كاتب كويتي