منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي

خمس إجابات والسؤال واحد...!

1 يناير 1970 01:47 ص
الكثير منا يتساءل لماذا تحديث الفكر أو تجديد العقل يفقدنا هويتنا؟ هويتنا التي تمثل ذواتنا، فكيف بشخص ما يفقد ذاته؟! أي يصبح بلا شخصية، أي بلا فكر ومعرفة وبلا مشاعر بل وبلا سلوك، يصبح من الأحياء الأموات.

قد يجيب أحدنا قائلا لأن المجتمع أصبح يعيش من دون مقاييس أي من دون قواعد معقولة ومنظومة ومقبولة سواء كانت هذه المقاييس روحية أو عقلية أو مادية، أو للفهم الخطأ للتحضر والمدنية، أو لقولبة المدنية بقوالب لا تشكلها، لأن المدنية هي ثمرة وعائد الثقافة وثمرة تطور تاريخي طويل تترسخ فيه القيم الاجتماعية وتتبلور فيه التوازنات الروحية والمادية وتستقر فيه الأوضاع الاجتماعية.

وقد يجيب آخر لأننا لم ننطلق من قواعدنا وقواسمنا المشتركة الثابتة المستقاة من الدين لتجديد وتحديث عقولنا وأفكارنا، ويرجع السبب للنظرة السقيمة المتحيزة لما استلهمناه من مبادئ وقيم وقواعد إنسانية مشتركة من الشريعة والملة، أو للتفكك من المنظومة الربانية المحكمة للقيم والمبادئ والقناعات التي نتبناها ونؤمن بها، أو لأننا أضعنا البوصلة الربانية التي ترشدنا إلى الوسيلة الصائبة لنقيّم ونقوّم ما نُجدد به أفكارنا وعقولنا، أو لإجحافنا ذواتنا وتعالينا على الفكر المستقى من المنهج القويم المستقيم، أو لتخبطنا باختيار العلم الملائم والموافق لمستوى أفهامنا وإدراك عقولنا، ليتم التحديث والتجديد بالهيئة المبتغية التي لا تتعارض مع هويتنا وذواتنا ولا يتعارض مع مطلب المعاصرة أو الحداثة وبما يتناسب مع معطيات العصر من دون أن تتصادم مع ثوابت وأصول الدين.

وقد يجيب ثالث لأننا لا نملك الأهلية والاستطاعة على تقييم وتنقيح وتقويم المواد العلمية التي تغذي عقولنا، أو لأننا نستقي أفكارنا من العلوم التي لا تستند على حقائق مدركة بل على خبرات من صنعها وأنتجها، وغالبا ما تكون خبرات مستقاة من أحداث ومواقف ليس لها جذور وقواعد وأصول تنطلق منها، أو بسبب اختلاط وتشابك المفاهيم داخل الذهن ففقدنا التمييز في ما بينها وسقنا أنفسنا وغيرنا إلى هاوية الردى بالتخلي عن هويتنا التي تمثل ذواتنا.

وقد يجيب رابع لأننا تعرضنا لغزو فكري وثقافي خارجي من دون أن نحصن ونقي أنفسنا من دائه وسقمه، أو لأننا نعيش فترة الانحلال الدائم من الأطر الاجتماعية، والتحرر من منهاج العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، أو لأننا ننشد المثالية المزيفة في تطوير وتنمية أفكارنا.

وقد يجيب خامس لنشوء الجماعات والأحزاب والطوائف المتعددة الأفكار والمختلفة التوجهات، أو لتفكك وتحلل النظم والمبادئ والمصادر الفكرية والمادية والروحية، ولتعارض وتصادم خطاب الهوية بخطاب الحداثة، وتصاعد مطالب الحداثة مع تقدم التحديث وما يحمله من تفتيت للعلاقات المدنية.

وفي الختام... هل يشترط عندما نغذي عقولنا بالفكر والمعرفة لنرتقي ونساير مطالب الحداثة بما يتوافق ويتواءم مع قناعاتنا ومبادئنا وخبراتنا، ونجدد أفكارنا ونصنع وننتج مفاهيمنا ورؤانا أن ننسلخ ونتنازل ونتجرد من هويتنا التي تمثل ذواتنا؟!

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib