الدكتور وليد التنيب / قبل الجراحة

زوجة جاسم

1 يناير 1970 04:52 م
جاسم من المغرمين بمشاهدة التلفاز... ليس هناك برنامج يتابعه، بل يتابع كل شيء... المهم أن يكون «الريموت كنترول» في يده... وزوجة جاسم تصرّ وتؤكد أنه لا يشاهد أي محطة أكثر من خمس دقائق... وتسخر دائماً من هذا الوضع.

جاسم كان جالساً مع زوجته، وكعادته يقلب القنوات... ويردد على مسامع زوجته أنه يبحث عن محطة لمشاهدة أخبار القرية.

المحطة الأولى كانت تستضيف محاوراً سياسياً مشهوراً... وقد أكد هذا المحاور أن شعب قرية جاسم يتمتع بالذكاء والفطنة.

المحطة الثانية كانت تستضيف تاجراً ابن تاجر معروف، وقد أكد هذا التاجر ابن التاجر بحديثه أن الشعب في هذه القرية يتمتع بالذكاء وسرعة فهمه للأحداث... وأنه لا مجال للنصب على شعب بذكاء شعب قرية جاسم.

المحطة الثالثة كانت تستضيف إدارياً رياضياً لم يلعب أي لعبة رياضة من قبل، ولكنه عضو مجلس إدارة في اتحاد رياضي ويسعى إلى أن يرشح نفسه لرئاسة هذا الاتحاد أو أي اتحاد يأمره أسياده بالترشح له. وقد أكد هذا الرياضي أن شعب قرية جاسم فيه كل صفات الذكاء ويصعب خداعه!

المحطة الرابعة كانت تستضيف أحد أعضاء البرلمان في قرية جاسم... وقبل أن يشرح للناس مضمون اقتراحاته التي قدمها للبرلمان، ذكر أن شعب هذه القرية شعب الذكاء، ويشع من عيون أبنائه ويصعب التدليس على هذا الشعب!

المحطة الخامسة كانت تستضيف فناناً مشهوراً... وأكد هذا الفنان أن ذكاء شعب القرية يفوق ذكاء كل شعوب القرى المجاورة... وأن هذا الشعب وذكاءه هو السد الحقيقي الذي يمنع عرض أي مسرحيات سخيفة وتفسد الذوق العام و... و...

قبل أن يصل جاسم إلى المحطة السادسة، صرخت زوجته «إذا كان هذا الشعب بهذا الذكاء والفطنة وأمواله ومستقبل أولاده يسرق ومشاريعه معظمها فاشلة... إذاً كيف إذا كان شعباً غبياً... إذا كان هذا الشعب صفاته الذكاء والفطنة، إذاً لما ارتضى...». وأسرع عندها جاسم واضعاً يده على فم زوجته خائفاً من تكملة حديثها.