بري حدَّد جلسة غدٍ لتلاوة رسالة سليمان إلى البرلمان
5 أيام تفصل لبنان عن... الفراغ
| بيروت - من ليندا عازار |
1 يناير 1970
02:40 ص
بدأت «خبْطات أقدام» الشغور تسبق اولى الخطوات التي يفترض ان يقوم بها الرئيس الجديد للجمهورية في اتجاه «القصر» الذي سيُسلّم في 25 الجاري الى فراغ سيدخل «تاريخ لبنان» لأنه يكرّس سابقة لم تعرفها الجمهورية منذ الاستقلال (العام 1943) وهي ان ينتهي عهدان متتاليان من دون القدرة على انتخاب خلَف ضمن المهلة الدستورية.
ورغم اقتناع كثيرين في بيروت ان «حزب الله» الذي ساءت علاقته في العامين الاخيرين بالرئيس ميشال سليمان يريد ان يردّ له «الصاع» بجعله يكتسب «لقب» الرئيس الوحيد منذ الاستقلال الذي يتسلّم سدة الرئاسة من فراغ ويسلّمها الى فراغ، فان «ما وراء هذه الأكمة» يحمل بالتأكيد ما هو أبعد من مجرّد «حسابات ثأرية» لم يتعوّد الحزب بأي حال ان يجعلها تتحكّم بمقارباته للاستحقاقات اللبنانية التي يبقى «مربط خيْلها» اقليمياً ومرتبطاً بكيفية النظرة الى الانتخابات الرئاسية من المنظار «الماكرو» المتصل بصراع النفوذ والاحجام والأدوار في المنطقة القابعة فوق فوهة تحولات بعضها تجري معالجته «بالماء الباردة» وبعضها الآخر «بالنار».
في «واجهة» المأزق الذي يطلّ عليه الاستحقاق الرئاسي مع استبعاد ان تفضي جلسة الخميس الى الخروج برئيس يحمل الرقم 13 للبنان قبل 3 ايام من انتهاء المهلة الدستورية، ان مرشّح قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع غير قادر على حصد اكثرية النصف زائد واحد للفوز بالرئاسة، وان مرشح 8 آذار الضمني العماد ميشال عون بدوره لا يملك الغالبية التي تؤهله لدخول «القصر» في ظل اصطدامه بعقبة مسيحية وضعها بوجهه الرئيس سعد الحريري عندما جعل «طريق بعبدا» تمرّ في «معراب» (حيث مقر جعجع) وبكفيا (حيث مقر الرئيس امين الجميل).
ولكن «وراء رأس جبل الجليد»، تبرز رغبة اقليمية تختبىء وراء العقد الداخلية وتتحيّن الفراغ الرئاسي لاستدراج تسويات قطباها الداخليان غير مسيحييْن و»القطبة المخفية» فيها جعل الانتخابات الرئاسية في لبنان بند مقايضة مع المجتمع الدولي وتحديداً واشنطن في اطار مفاوضات النووي الايراني بما يفتح امام طهران الباب لإطلاق معركة توزيع كعكة النفوذ الاقليمي.
واذا كانت هذه النقطة هي التي وقفت وراء الحرص الذي أبدته عواصم القرار ولا سيما واشنطن وباريس والرياض على «لبْننة» الاستحقاق الرئاسي وإنجازه في مواعيده كي لا يصبح رهناً للعبة المقايضات وموازين القوى الخارجية بالكامل، فان بعداً آخر موازٍ تحكّم في الوقت نفسه بالموقف الاقليمي. فالسعودية تبدو متريثة لاعتبارات تتصل بترتيب اوضاعها الداخلية وهي طلبت ان يكون «الكلام» مع ايران وفق «جدول أعمال». اما طهران فـ «غير مستعجلة» لان موقعها الاقليمي في طور التحسن في ظل مفاوضاتها النووية وتطورات الملفين العراقي والسوري، في حين يقف حلفاؤها في لبنان بعد الفراغ في موقع مرتاح، في ظل رفع «حزب الله» شعار «أهلاً بالفراغ»، المضبوط اساساً بوجود حكومة سترث صلاحيات الرئيس، ما يجعل قوى 14 آذار وامتدادها الاقليمي في موقع المضطر لتقديم تنازلات لإنهاء الشغور الذي لن يستنزف اصلاً الا من رصيد الموقع المسيحي الاول في البلاد والوحيد في العالم العربي.
ومَن تسنى له الإطلاع على المحادثات التي عقدها وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في باريس مع الحريري وجعجع ورئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة، وجد ان الفيصل كان في موقع «المستمع» الى ما لدى اللبنانيين في ما خص الاستحقاق الرئاسي، فيما واشنطن تبدو كمَن يتخذ صفة «المباركة» لأي حل وليس «القرار».
ومن باريس بدت اللقاءات التي عقدها قادة 14 آذار ولا سيما الحريري وجعجع والسنيورة مؤشراً اضافياً الى استمرار التقابُل الحاد باعتبار ان تفاهم «سين سين» 14 آذار (سعد الحريري وسمير جعجع) لا يمكن إلا ان يعني قطعاً للطريق على عون الذي ما زال ينتظر جواب الحريري على امكان السير به والذي لا يجد مَن «يتبرّع» لإخباره «الخبر السيء» بان زعيم «المستقبل» لا يمكن ان يسير به بعدما ربط ذلك بـ «نعم» من مسيحيي 14 آذار.
وتبعاً لذلك، ترتفع حظوظ ان يتأمّن نصاب جلسة الخميس الرئاسية الخامسة، التي ستأتي غداة تحديد رئيس البرلمان نبيه بري يوم غد موعداً لجلسة لتلاوة الرسالة التي وجّهها سليمان للبرلمان ودعا فيها الى التزام الدستور وإنجاز الانتخابات في مواعيدها. وفيما لم تتضح سيناريوات الجلسة الرئاسية الخامسة، فان المعطيات التي تشير الى ان «حزب الله» لن يحضرها، هو الذي حسم ذلك علناً وربطه بالتوافق المسبق على الرئيس العتيد، تجعل من الصعب توقُّع ان يتخللها تصويت كتل 8 آذار التي ستشارك في الجلسة ومن ضمنها كتلة العماد عون للأخير من دون إسقاط احتمال تكرار التصويت بالأوراق البيض او اختيار مرشح آخر للتصويت له. علماً ان اوساطاً سياسية تعتبر ان المشاركة المرجحة لنواب عون هي من باب «تبرئة الذمة» تجاه الكنيسة المارونية المعترضة بقوة على تعطيل النصاب، وتعتبر في الوقت نفسه ان ثمة محاذير تتصل بجعل جعجع ينال اصواتاً أكثر من الاوراق البيض او «المرشح المفاجأة».
وبحسب هذه الاوساط فان الجلسة لا يمكن ان يتأمن نصابها الا بعد ان يكون «حزب الله» حصل على ضمانات من النائب جنبلاط، بانه لن يعمد الى قلب الطاولة بتأمين الغالبية لمرشح 14 آذار او أي مرشح آخر قد يُطرح اسمه فجأة.
رئيس الوزراء إلى السعودية ولاحقا الكويت
الراعي زار سلام عشية تحوّل حكومته... «رئاسية»
| بيروت ـ «الراي» |
عنوانان - محطتان حضرا في الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس لرئيس الحكومة تمام سلام: الانتخابات الرئاسية وزيارة الراعي المرتقبة للاراضي المقدسة في 24 الجاري في ملاقاة البابا فرنسيس.
وتعمّد الراعي زيارة سلام في السرايا الحكومية قبيل انتقال الأخير الى الرياض في اول زيارة لها منذ تشكيل حكومته، وهي المحطة الاولى في جولة خليجية ستشمل لاحقاً الكويت، وايضاً مع بدء العد العكسي لانتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية وحدوث شغور في سدة الرئاسة يُملأ وفق الدستور بان ترث الحكومة مجتمعة والتي يترأسها سني صلاحيات الرئاسة المارونية.
ومن هنا تكتسب زيارة سلام للسعودية رمزية خاصة باعتبار ان حكومته يرجح ان تصبح ابتداء من 25 الجاري «رئاسية»، وهو سيبحث في الرياض الملف الرئاسي الى جانب ملف النازحين السوريين والهبة غير المسبوقة التي قدمّتها المملكة لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا بقيمة 3 مليارات دولار والتي انتقل قائد الجيش العماد جان قهوجي في الساعات الماضية الى الرياض لتوقيع عقود تنفيذها.
واشار سلام قبيل مغادرته الى السعودية الى ان أن «المناسبة كانت للتداول مع البطريرك الراعي في مختلف الأمور، والآراء كانت متطابقة على مستوى حرصنا على كل ما يعزز الوطن وكل ما يعزز إعادة نهوض الوطن إلى ما يحتاجه من تضافر جهود كل القوى».
واذ اعتبر أن «البطريرك الماروني هو بطريركنا جميعا ونحرص على التمسك ببعده الوطني»، لفت ردا عن سؤال الى أن «عدم إنتخاب رئيس هو دستورياً شغور وهناك إحاطة لهذا الشغور في المادة 62 التي تعطي وكالة صلاحيات الرئاسة لمجلس الوزراء، وبالتالي هناك بعد آخر وقد نذهب إلى الفراغ إذا تمت محاولة لتسييس هذا الشغور. ونأمل ألا نصل إلى ذلك وأن يتم ملء هذا الشغور لأنه لن يكون مريحا للبنان. هناك مكونات أساسية في هذا الوطن ونحن نشأنا وتربينا عليها. لبنان واحد لا لبنانان، ولبنان لا يحلق إلا بجناحيه ولا نريد لبنان لوحده بدون كل مكوناته».
من جهته اعلن الراعي ان «مشاركة النواب في جلسة الخميس لإنتخاب الرئيس واجب دستوري ووطني»، لافتاً الى ان «ضمير النواب الوطني يجب أن يقنعهم بإنتخاب رئيس ودور النائب أن ينتخب رئيسا». وقال: «اللقاء مع الرئيس سلام له ثلاثة أهداف، الأول هو تهنئته بعمله وبالحكومة، والثاني وأنا على مشارف إستقبال البابا فرنسيس الأول في الأراضي المقدسة، أن أعلن ان هذه الزيارة أهدافها رعوية وكنسية وسنعمل على عدم استغلالهاز والثالث تحدثنا في ضرورة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم الوقوع في فراغ».