مع اقتراب نهاية المهلة الدستورية في 25 الجاري

تحركات متسارعة لإحداث «ثغرة» تؤدي لانتخاب رئيس للبنان

1 يناير 1970 01:11 ص
لم يحجب «هدير» الانتفاضة الشعبية التي تتوعّد بها هيئة التنسيق النقابية اليوم بالتزامن مع التئام البرلمان لإقرار سلة الرتب والرواتب التي يتمسك موظفو القطاع العام ومعلمو المدارس بها «دون نقصان»، الاهتمام عن الأزمة المتصاعدة للاستحقاق الرئاسي الذي يقترب من نقطة النهاية السلبية لانصرام المهلة الدستورية في 25 مايو من دون اي أفق واقعي لانتخاب رئيس جديد قبل هذا الموعد.

وقالت أوساط واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان مجمل التحركات الكثيفة التي تشهدها الساحة الانتخابية والمرشحة للتصاعد في الايام المقبلة لم تفض اطلاقاً الى بلورة اي تطور جديد من شأنه ان يسمح بتوقع خرق في اللحظة الاخيرة الحاسمة من المهلة الدستورية. فرغم الخضة التي أثارها دفع اقتراح ترعاه البطريركية المارونية يقضي باعتبار ولاية الرئيس ميشال سليمان مستمرة الى حين انتخاب رئيس جديد، بدا واضحاً ان هذا الاقتراح ولد ميتاً وخصوصاً ان الرئيس سليمان نفسه كان اول رافضيه فضلاً عن ان فريق «8 آذار» وأطرافاً في «14 آذار» لا توافق عليه.

وأشارت المصادر الى ان الحركة اللافتة لمرشحين في الساعات الاخيرة عكست محاولات متقدمة لطيّ اي تفكير بالاقتراح المذكور لمصلحة إحياء الدفع نحو التوصل الى تفاهمات سياسية في ربع الساعة الاخير من المهلة الدستورية وهي تحركات لا تقتصر على مرشح معيّن بل ينخرط فيها مرشحون عديدون. فرئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل الذي التقى امس الرئيس سليمان وسع اطار تحركه بقوة في اليومين الأخيرين وتردد انه يزمع التوجه الى باريس للقاء الرئيس سعد الحريري بعدما مهّد لهذا اللقاء اجتماع بين الحريري ونجل رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل.

وتقول الاوساط ان آمال الجميل بطرح نفسه مرشحاً مقبولاً من فئة واسعة ارتفعت في ظل التلميحات الى إمكان توافق «14 آذار» على نقل دعمها من الدكتور سمير جعجع اليه بموافقة جعجع نفسه. كما ان المرشح المستقلّ الوزير جان عبيد قام أمس بزيارة لبكركي وسط كلام عن تنامي فرصه كمرشح أساسي من الفئة المستقلة رغم معارضات معروفة لوصوله من صفوف «14 آذار». اما العماد ميشال عون فيبدو بدوره مراهناً على استمرار حواره المتواصل مع «تيار المستقبل» حصراً باعتبار ان الاقتراب من نهاية المهلة الدستورية سيشكل المحك النهائي لموقف «المستقبل» من انتخابه ام لا. علماً ان قريبين من زعيم «المستقبل» اشاروا امس تحت عنوان «قراءة في ما يفكّر سعد الحريري» الى ان الاخير واضح في معادلته: «نعم لعلاقة منتجة مع عون، على غرار المعادلة الحكومية الحالية، ولا لمرشح رئاسي لا يحظى بموافقة مسيحيي 14 آذار».

في اي حال تضيف الاوساط نفسها ان تحركات المرشحين تشكل المؤشر الحيوي لمحاولات إحداث ثغرة وان هذه التحركات تحظى على ما يبدو بتشجيع من سفراء غربيين ولو ان اي ملمح لتأييد اي مرشح لا يظهر في اهتمامات السفراء.

وتعتقد الاوساط ان «حزب الله»، الذي كرّر بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم استبعاد إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده «لأن الأمور لا تبدو ناضجة بعد، ومن الطبيعي ان يتأخر الأمر بعض الشيء، وإن كنا نتمنى ألا يتأخر كثيراً»، انما يعبّر واقعياً ومن موقع مصلحته في آن واحد عن عدم نضج الظروف الاقليمية لانتخاب رئيس جديد كما ان مرحلة الانخراط في مشاورات ومساع للتفاهم على مرشح توافقي فعلي لم يحن اوانها بعد ويستبعد تماماً ان يحين قبل نهاية المهلة الدستورية.

وتتوقع الاوساط حمى سياسية كبيرة في الايام التي ستلي الجلسة الانتخابية المقررة غدا ولو انها حمى لن تؤدي على الأرجح الى اي تغيير في الانسداد السياسي القائم ولكنها ستعكس المحاولات الاخيرة المستميتة لمنع الفراغ قبل ان تفتح صفحة مختلفة في التعامل مع الاستحقاق بعد 25 مايو على أسس يصعب من الآن رسم خطها البياني قبل تبين نتائج هذه المحاولات وما ستفضي اليه من تداعيات مؤكدة على علاقات القوى السياسية من مثل العلاقة بين العماد عون وتيار «المستقبل» من جهة والتحالفات داخل كل من فريقيْ «8 آذار» و»14 آذار» من جهة اخرى.

وتتجه الانظار ايضاً الى نتائج الضغط الدولي المتصاعد لمصلحة إتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده حيث اكدت الامم المتحدة أن «الانتخابات الرئاسية في لبنان عملية محليّة صرفة، وينبغي أن تبقى خالية من أي تدخل خارجي»، هو الموقف الذي جاء بعيد اصدار الممثل الخاص للمنظمة الدولية ديريك بلامبلي عقب زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري بياناً باسم مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان غلبت عليه نبرة التخوف من الفراغ الرئاسي والتشديد على ضرورة تجنب الشغب.