| د. حسن عبدالله عباس |
كنت بصدد الكتابة عن مجلس الامة بشكل عام، لكن استوقفتني كلمة بعض النواب بأن التجار جشعون. كلام النواب هذا إن لم أقل شيئا أكثر، فهو مضحك بحق!
تعليق النواب هذا جاء في محضر النقاش عن ارتفاع أسعار الاراضي والإيجارات وسوق العقار بشكل عام. فبحسب النواب والحكومة، التجار يستغلون فرص الحديث عن زيادة المخصصات وتوزيع الاراضي والكلام عن رفع بدل الإيجار. وبالتالي يريدوننا أن نصدقهم بأن هذا الفريق يعمل لمصلحة المواطن وذاك الفريق فقط يبلع و«طايحة ببطونهم»!
توجد هنا عدة استفسارات واستفهامات حول جشع التجار الذي كرره النواب اكثر من مرة. من هم التجار المستفيدون أليس التجار لهم وجه تشريعي داخل مجلس الامة!
ثم بالذمة هل يوجد مشرّع مهما كانت درجة بساطته وسطحيته غافلا ولا يعلم بأن ضخ الاموال في الاقتصاد من غير مراقبة القطاعات المختلفة سيولد أزمات بدلا من حل لمشكلة واحدة؟! فضخ الاموال هو استنزاف للموارد، وتضخم، وهروب لرؤوس الاموال، وغيرها من المصائب! فأين دراساتكم؟ أم أنكم خبراء فقط في بيع الكلام لاظهار البشاشة على وجوه البسطاء!
لكن هذا لا يهم بقدر أهمية فكرة التاجر عن غير التاجر. فالسؤال البدهي: لماذا التاجر جشع؟ أصلا ما هي فكرة التجارة والتاجر؟ ما الفرق بين التاجر الجشع عن الناجح؟ يعني بالذمة هل سيصبح التاجر تاجرا ناجحا إن لم يكن جشعا ويحب المال! طبيعي التاجر يريد المال وزيادة ثرواته! فهل تقصدون مثلا تاجرا يبني عمارة ثم يؤجرها من غير فلوس! أو يستورد سيارات ويبيعها برأسماله! أو يفتح مطعما ويوظف الشيف، ثم يوزع بالمجان! فيا ليت الاخوان يبينون لنا ما هو الجشع، أين الخط الفاصل بين الربح الحلال والجشع؟! ومع أنني اعلم أن أكثرهم تجارا، لكن لنسأل: إذا سنحت الفرصة للتاجر أن يربح أكثر، هل سيتوقف عند القليل كي لا نسميه جشعا؟! ثم هل الافضل أن يبيع التاجر بسعر أعلى أو أقل لو ظل كل شيء على حاله وخصوصا لو ظل مستوى الطلب في الحالتين على مستواه؟!
نصيحتي للنواب «بياعي الحجي» أن يتركوا الميكروفونات والفخفخات الاعلامية والفرقعات الصوتية، وجابلوا شغلكم وشرعوا لنا بلا ربربة زايدة! وكلامكم بهذا المستوى إما أنكم سخيفون وإما نحن وإما كلانا!
[email protected]