سليمان أتى بعد فراغ ويسلّم... فراغاً
حِراك «ربع الساعة الأخير» على الخط الرئاسي يسابق الأفق المسدود
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
01:12 ص
قبل ستة اعوام، تسلّم الرئيس اللبناني ميشال سليمان القصر من «الفراغ»، والى الفراغ سيسلّم القصر بعد نحو اسبوعين، في مفارقةٍ «يتيمة» في تاريخ الجمهورية اللبنانية تجعل سليمان الرئيس الوحيد بين «فراغين» وتؤشر الى تحولات عميقة تصيب التركيبة اللبنانية ومجتمعها السياسي وتعكس في جانب رئيسي منها شدّة ارتباط الواقع اللبناني بـ «صِدام المحاور» في المنطقة.
مردّ هذه المفارقة وما تضمره من تحوّلات، يعود الى صعود «نجم» قوة محورية في الواقعيْن اللبناني والاقليمي اسمها «حزب الله»، الشريك المضارب للدولة في الداخل ورأس حربة مشروع اقليمي تعاظمت قوّته منذ مطلع الالفية الثالثة، الامر الذي لم يعد ممكناً معه الكلام في بيروت عن آليات «تلقائية» في إدارة الحكم وتداول السلطة، بمعزل عن توافُقات وموازين قوى وما شابه.
الترجمة العملية لهذا الكلام تتجسد في «الفراغين»، الاول الذي أعقب انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود خريف 2007 واستمر لستة اشهر قبل «تنصيب» الرئيس الحالي ميشال سليمان... يومها كانت البلاد مشلولة بفعل اعتصام لـ «حزب الله» وحلفائه في وسط بيروت استمر لنحو عام ونصف عام وادى الى قفل البرلمان ومحاصرة الحكومة، ولم يتم الخروج من المأزق المقفل الا بعد عملية عسكرية لـ «حزب الله» في 7 مايو 2008 في بيروت وبعض مناطق الجبل، أفضت نتائجها السياسية الى كسر موازين القوى والذهاب الى «اتفاق الدوحة» الذي أبرم صفقة شملت رئاسة الجمهورية والحكومة وتوازناتها وقانون الانتخاب وترسيماته «شارعاً شارعاً».
بعد ستة اعوام يتكرر المشهد عينه مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فـ «حزب الله» وحلفاؤه يمضون قدماً في تعطيل الانتخابات عبر إفقاد اي جلسة للبرلمان النصاب الدستوري لانعقادها (86 نائباً من اصل 128).
فسليمان الذي باشر حزْم حقائبه، سينتقل الى منزله في اليرزة (قرب القصر الجمهوري) الخميس المقبل (بداية العشرة ايام الاخيرة من نهاية المهلة الدستورية لانتخاب بديل)، وسيداوم في قصر بعبدا ويبيت في سكنه الشخصي، قبل ان يترك «الجمهورية» الى فراغ مجهولِ باقي الهوية.
قوى «8 آذار» وعلى لسان قادتها لم تتردد في وضع معادلة إما رئيس متفَق عليه سلفاً وإما الفراغ، الذي يُعتبر في نظرهم افضل حالاً من رئيس يُفرض عليهم.
المرشح «التجريبي» لقوى «8 آذار» هو زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، الذي تريد هذه القوى انتزاع موافقة من الطرف الآخر لن تتم عليه، والا فالذهاب الى فراغ يتيح لها فرض تسوية على «14 آذار»، ولا سيما على «تيار المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) تتناول الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب.
اما قوى «14 آذار» التي كانت «اقتحمت» الاستحقاق الرئاسي بمرشّح من «العيار الثقيل» (رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع) فتتجه الى اعتماد مرونة اكثر عكَسها جعجع نفسه حين اعرب عن استعداده للانسحاب من السباق لاي مرشح اخر من «14 آذار» يحمل الحد الادنى من برنامجه الرئاسي.
هذه المرونة ترافقت مع محاولة يقوم بها الرئيس السابق رئيس حزب «الكتائب» امين الجميل لكسر المراوحة عبر أفكار لن تفضي الى نتائج عملية، لكنها ترمي حجراً في الركود الآيل الى الفراغ، وهو الامر الذي يعتزم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مقاومته عبر حركة اتصالات تشمل القادة الموارنة في محاولة لحضّهم على تأمين نصاب جلسة الخميس المقبل وتفادي إفراغ الموق المسيحي الوحيد في المنطقة.
وهذا الموقف كان في صلب المحادثات التي اجراها الراعي في قصر بعبدا مع الرئيس سليمان حيث اشارت تقارير الى ان البطريرك اكد انه «لا يقبل بقصر بعبدا من دون رئيس، واذا كان للدستور اعتباره فإن للقصر أولويته».
وفي موازاة ذلك، بقيت الانظار على حركة الجميّل باتجاه خصومه المسيحيين كما افرقاء آخرين وسطيين ومن 8 آذار. وبعدما تبلّغ رئيس «الكتائب» من النائب سليمان فرنجية موقفاً واضحاً بان «8 آذار» اذا خيّر بين رئيس معتدل او الفراغ، فإنه يختار الفراغ، لان سلة الشروط تتمسك بـ «رئيس قوي يمثله النائب ميشال عون، والقوة اما بشعبيته او بكتلته النيابية ولا يفرض فرضاً على المسيحيين، اي ان المسيحيين هم الذين يختارونه»، كان بارزاً العشاء الذي جمع الجميل والنتائب وليد جنبلاط الى مائدة الاول في بكفيا حيث تركّز البحث على سبل التوصل الى مخرج يضمن اجراء الانتخابات ضمن المهلة الدستورية. علماً ان تقارير اشارت الى ان المعطيات الرئاسية المقلقة حضرت بقوة على الطاولة بين الجميل وجنبلاط، حيث استقرّ تقويمهما المشترك على ان ما اسفرت عنه جلسات البرلمان والامتناع عن توفير النصاب والانقسام العمودي بين فريقي 8 و14 آذار، والشروط والشروط المضادة، تخفي وراءها عقداً سياسية تتخطى لبنان الى ما يدور في المنطقة.
وكان جنبلاط أكد في حديث تلفزيوني أن «الأمور معقدة في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي في ظل الانقسام بين كتلتي 8 و14 آذار». وشدد على أن «نصاب الثلثين أساسي في الاستحقاق ولا يمكن الركون الى النصف زائداً واحداً».
عشية مثولهما أمامها بتهمة نشر أسماء الشهود
ريفي مستعدّ لتوقيف الأمين وخياط إذا طلبت المحكمة الدولية
| بيروت - «الراي» |
قبل ثلاثة ايام من موعد مثول رئيس تحرير جريدة «الاخبار» ابراهيم الأمين ونائبة مديرة الأخبار في قناة «الجديد» كرمى خياط ومؤسستيهما امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي اتهمتهم بـ «تحقير المحكمة وعرقلة سير العدالة» من خلال نشر مواد حول شهود سريين مزعومين، اعلن وزير العدل اللبناني اشرف ريفي انه «اذا طلبت المحكمة الدولية توقيف الامين وخياط فسأنفذ هذا الطلب دون تردد، لانني أقف بصف العدل ضد القتلة ومن يحمي القتلة ويعطل مسار العدالة».
وتشير المعطيات الى ان الامين و«الاخبار» وخياط و«الجديد» أبدوا رغبتهم بالتعاون مع المحكمة التي تخيّرهم بين الحضور شخصياً او المثول من خلال نظام المؤتمرات المتلفزة على ان يكون محاموهم حاضرين شخصياً في قاعة المحكمة في لاهاي.
ويأتي المثول الاول للمتهَمين امام المحكمة التي باشرت في ديسمبر الماضي محاكمة 4 من «حزب الله» (من اصل 5) في جريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، بعد عاصفة الانتقادات التي اثيرت في بيروت من فريق «8 آذار» وإعلامه على خلفية استدعاء «الأخبار» و»الجديد» المحسوبتيْن على هذا الفريق على وقع رفع شعار ان المحكمة تمس بالحريات الاعلامية وان الجرم ليس في نشر المعلومات (لائحة الشهود) بل في فعل التسريب ومَن يقف وراءه.
الا ان الناطق باسم المحكمة الدولية مارتن يوسف كرّر ان «هناك اشياء سرية تتعلق بعمل المحكمة سبق ان نُشرت في وسائل اعلام لبنانية وغير لبنانية ولم تتم ملاحقة مَن قاموا بنشرها»، مضيفاً: «هناك فارق كبير بين نشر أشياء سرية عن عمل المحكمة وبين نشر مواد تحدد الشهود ويكون هدفها عرقلة سير العدالة، اذ في هذه الحال يجب اتخاذ اجراء قضائي لحماية الشهود، اي ان الهدف ليس اسكات الصحافيين بل حماية الشهود وضمان حسن سير العدالة في المحاكمات الجارية».
تحدّث لـ «الراي» عن تكليفه من عائلات «56 شهيداً»
محامٍ لبناني تقدّم ببلاغ ضد «ميليشيات» 7 مايو 2008
| بيروت - من آمنة منصور |
بعد مرور 6 اعوام على أحداث السابع من مايو 2008 الذي شهد «ميني حرب» أهلية أوقعت ما يزيد عن خمسين قتيلا وعددا كبيرا من الجرحى، وضع المحامي اللبناني طارق شندب على طاولة النيابة العامة التمييزية، بلاغاً ضد من أسماهم «ميلشيات عدة» أبرزها «حزب الله»، وحركة أمل، والحزب «السوري القومي الاجتماعي»، بناءً على توكيل أسر 56 شاباً، ذهبوا ضحية تلك الأحداث.
المحامي شندب أوضح عبر «الراي» أن «الإخبار قدّمه منذ يومين بصفة شخصية بالتنسيق مع عدد كبير من أهالي الضحايا»، لافتا إلى أن «الحق العام، أي النائب العام التمييزي، كان لا بد أن يتحرك في هذا الموضوع دون إخبار، ولكنه لم يفعل بسبب السلطة السياسية».
وأضاف: «اليوم وزير العدل (أشرف ريفي) مشهود له بالكفاءة ويتحلى بالصدقية ويعمل على تطبيق القانون، ومدعي عام التمييز سمير حمود يتحلى بدوره بالشفافية والصدقية. وأعتقد أن الوقت حان لهذا التحرك كي لا تُنسى هذه الملفات حيث سقط في تلك الأحداث 56 شهيداً في بيروت ولم يتحرك الحق العام رغم أن من واجب السلطة القضائية والأجهزة الأمنية إجراء تحقيق، وهؤلاء لم يتحركوا ونحن نذكّرهم بأن القانون يعطي لكل مواطن لبناني الحق بتقديم إخبار للمدعي العام عن الجرائم التي ارتكبت ولم يتم التحقيق فيها»، مشيراً إلى «أننا نعتقد أن الوقت مناسب في ظل الخطط الأمنية والإعلان عن نية إلقاء القبض على المجرمين، لنرى ماذا سيفعلون في بيروت».