د. وائل الحساوي / نسمات / من الحب ما قتل

1 يناير 1970 11:40 م

يحدثنا بعض الأخوة المتمرسين في إخراج الجن من البشر بأنهم تمر عليهم حالات عجيبة يتلبس فيها الجني برجل أو امرأة ويؤذيها ويرفض الخروج من جسدها مع بذل جميع المحاولات، وإذا أصر عليه المداوي وآذاه، قال له: إني أحبها ولا يمكن أن أخرج منها إلا بأن أموت معها.

يبدو بأن الحب الأميركي لنا في الكويت يشبه حب الجني لحبيبته، فهم يسعون لتعذيبنا وإلقاء التهم جزافاً علينا، ثم يكررون في كل مناسبة بأننا حليفهم الاستراتيجي الذي لا غنى لهم عنه، وقد ضحت الكويت بالكثير من أجل إرضاء العم سام من انتقاد الشعوب المسلمة لها لمساعدتهم في حروبهم وفتح حدودها لقواتهم لتشن الغارات على الدول الأخرى من خلالها وشراء أسلحتهم بالمليارات، ولكن هذا الحليف الاستراتيجي لا يتوانى في كل مناسبة عن انتقادنا واتهامنا بما ليس فينا، فتارة يصفنا بالمتاجرة بالبشر، وتارة يتهم العمل الخيري في بلادنا بما ليس فيه، ويصر على مراقبة جميع منشآتنا ومؤسساتنا الرسمية والشعبية للاطمئنان على سجلنا في حرب الإرهاب وتارة يتهمنا بانتهاك حقوق الإنسان، وغيرها، فما أصعبه من حب!!

الشيخ محمد الصباح - وزير الخارجية - عميد الديبلوماسية الأول في الكويت ضاق ذرعاً بتلك الوصاية غير المبررة فقالها بملء الفم رداً على اتهامات الولايات المتحدة لجمعية إحياء التراث الإسلامي وسجل حقوق الإنسان في الكويت: «إن هنالك محاولات متعمدة لتشويه العمل الخيري وسجل حقوق الإنسان في الكويت، موضحاً بأن الحكومة اتخذت قراراً بأن تتواصل مع عواصم دول العالم في مسعى لإيقاف محاولات الإساءة أو الحد من استمرارها، وأضاف بأن الكويت دولة يحكمها دستور وقانون وأجهزة رقابية، وتتميز أمورها وتعاملاتها بدرجة عالية من الشفافية، لذا فنرفض أي غمز أو لمز فيما يتعلق بمتانة وسلامة مؤسساتنا المالية والرقابية والتشريعية».

ولو أردنا ترجمة كلام الشيخ محمد فسنقول: كفوا عنا فقد آذيتمونا وأسأتم إلينا، ولماذا لا تبدأون بأنفسكم قبل أن تلقوا علينا الدروس؟! لقد انتهكتم حقوق الإنسان في كل بلد ذهبتم اليه دون ان يطرف لكم جفن، دمرتم بلادا آمنة واستعمرتم شعوبها، ألقيتم قنابلكم الذرية (غير مسبوقين) على بلاد محاربة، ومارستم التعذيب في كل بلد دخلتموه، ودعمتم أنظمة ديكتاتورية على حساب شعوبها، وعندما اعترضتكم قوانين بلادكم في وجوب المعاملة العادلة لأسراكم، نقلتموهم إلى بلدان بعيدة لكي يصفو لكم الجو في أن تفعلوا ما تريدون بهم، ورفعتم شعار: من ليس معنا فهو ضدنا، وجعلتم شارون رجل سلام، والمنظمات التي تدافع عن حقوقها منظمات إرهابية، واتهمتم العمل الخيري بما ليس فيه، وكانت حربكم على الإرهاب إرهاباً كبيراً وزيادة في نشر الإرهاب في العالم، وصدق رئيس مجلس الأمة الكويتي بقوله: من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بحجر، وصدق وزير العدل الأميركي الأسبق (جيمس كارتر) حيث يقول: «السياسة الخارجية الأميركية كارثية على أميركا منذ 40 عاماً».


د. وائل الحساوي

[email protected]