مخاوف من محاولات لتصويره بؤرة أمنية خطرة وصولاً لطرح مصير السلاح الفلسطيني

«عين الحلوة»... قنبلة موقوتة بـ «فتائل تفجير» عدة

1 يناير 1970 01:12 ص
وصفت مصادر فلسطينية لـ «الراي» الوضع الامني «الهش» في مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان بأنه أشبه بـ «القنبلة الموقوتة» القابلة للانفجار في أي لحظة، رغم كل المساعي السياسية والاتصالات واللقاءات لتجنيبه «الكأس المُرة»، والتوافق على تعزيز دور «القوة الامنية المشتركة».

وتؤكد ان أسباب كثيرة ومتداخلة جعلت الوضع الأمني «الهش» قابلا للانفجار في اي لحظة، منها ما يتعلق بغياب الخطة الامنية الرادعة التي تترجم التوافق الفلسطيني السياسي على ضرورة حماية المخيمات وعدم الانجرار الى اي اقتتال داخلي او مع الجوار اللبناني، ومنها ما يتعلق بالخلافات «الفتحاوية» - «الدحلانية» نسبة الى القيادي «الفتحاوي» المفصول العقيد محمد دحلان، والفتحاوية - الاسلامية، والإسلامية الداخلية وآخرها على خلفية اغتيال الناشط علي نضال خليل، ناهيك عن الخلافات «الفتحاوية» - «الحمساوية» سابقاً، وتراجُع دور بعض الفصائل الفلسطينية والتقديمات الخدماتية وازدياد البطالة والمعاناة والتطورات السياسية والامنية المتسارعة في لبنان وفي سورية، وكلها اسباب أفسحت في المجال امام استقطاب أفراد ومجموعات للارتباط بأجندة غير فلسطينية وبالتالي التوتير الامني المقصود.

واليوم هناك قلق لدى القيادات الفلسطينية من مخطط لاستهداف الاسلاميين بدأت ملامحه تظهر من خلال اغتيال الناشط الاسلامي علي خليل ومحاولة اغتيال القيادي في «الشباب المسلم» محمد جمعة، وعبّر الناطق الرسمي باسم «عصبة الانصار الاسلامية» الشيخ ابو شريف عقل عن ذلك بوضوح حين صعد الى منبر مسجد «الشهداء» للمرة الاولى والى جانبه وقف مرافق مسلح، ليؤكد ان «عين الحلوة في خطر وان المشايخ على لائحة الاغتيال».

وفي رأي بعض مسؤولي المخيم ان ثمة تفاوتا في الرؤية، مفتوحة على تساؤلات: فهل هناك فعلاً خلافات داخلية بين بعض القوى الاسلامية وهل وصلت الى مرحلة التصفيات، وهل فعلا هناك استمالة لمجموعة اسلامية متشددة لم تكن تقتنع بالانفتاح السياسي، ام ان الامر مجرد شائعات لايقاع الفتنة؟... وحدها المرحلة المقبلة كفيلة الاجابة عن هذا التساؤل الكبير، وتحديدا اذا استمر مسلسل الاغتيال ولمَن.

وحسب مصادر إسلامية، فان الثابت ان مشهد عين الحلوة لم يتغيّر ولن يصبح في قبضة اي طرف، «فموازين القوى لم تتغيّر ومعادلة الامن بالتراضي ما زالت قائمة وكذلك المربعات الامنية، فيما الاتصالات السياسية البعيدة عن الاضواء مستمرة لمنع اي انتكاسة جديدة في ظل مخاوف حقيقية من تكرار مسلسل الاغتيالات، تزامناً مع تشديد اجراءات الحراسة والتدابير الاحترازية نهاراً والاستنفار المسلح ليلاً، والعزم على تفعيل «القوة الامنية المشتركة» وهذا الامر يتطلب بضعة ايام اذ لم يكن اسابيع للتوافق على العديد والعدة والمصاريف، وصولا الى منع التفجير وحماية المبادرة الفلسطينية الموحدة التي اطلقتها القوى والفصائل الوطنية والاسلامية الفلسطينية».

وسجلت المصادر ملاحظات عدة: «الاولى انه مع كل هدوء لبناني، يقابله توتير امني فلسطيني، وبعد كل خطوة لتعزيز الامن تقابلها عملية اغتيال او إشكال في عين الحلوة، فبعد تشكيل القوة الامنية المشتركة تسارعت وتيرة الاغتيالات لتطال اشخاصا مختلفي الانتماءات، وبعد اطلاق المبادرة الفلسطينية الموحدة ازداد الاصرار على إفشالها، ما يشير الى رغبة بابقاء الوضع متوتراً وتصوير المخيم على انه بؤرة امنية خطرة وصولا الى طرح مصير السلاح الفلسطيني، في وقت عادت الى واجهة الاهتمام دعوة الشباب الى الهجرة، حيث كان من المتوقع ان يتم تنظيم تحرك باتجاه احدى السفارات في بيروت للمطالبة بالهجرة اليها، وقد وصلت دعوات المشاركة في التحراك الى ابواب المساجد في المخيم ومدينة صيدا حيث التجمعات الفلسطينية بعدما كانت مقتصرة عبر الواتس اب وفيسبوك ومواقع والتواصل الاجتماعي.

وفيما تُعتبر حماية عين الحلوة اولوية لدى القيادة الفلسطينية، ثمة شعور متزايد لديها بأن ايّ اقتتال يعني دقّ المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية وتصفية حق العودة بعد تدمير مخيميْ نهر البارد في شمال لبنان واليرموك في سورية من دون ان يكون العنوان معركة فلسطينية، غير ان ابناءهما دفعا الفاتورة غاليا تهجيراً ولجوءاً وتشريداً، ما ولد شعوراً بان شيئاً ما يحاك لشطب حق العودة من خلال تدمير المخيمات تحت عناوين مختلفة.

واكد أمين سر حركة «فتح» وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات، ان «هناك سعيا دؤوبا لتحصين وضع عين الحلوة الامني، وموقف الفلسطينيين موحد من القضايا كل في لبنان، وأهم ما يجمعهم عناوين أساسية كتأكيد عدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وإجماعهم على حق العودة ورفض التوطين والتهجير»، مشيرا إلى أن «الموضوع الفلسطيني في لبنان يجب أن يُقارب من الناحية السياسية، مع تقديرنا لأهمية الموضوع الأمني»، مؤكداً أن «الفلسطينيين يريدون مناقشة القضايا كافة مع الحكومة اللبنانية».

من جهته، استغرب ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة «مقاربة الملف الفلسطيني من الزاوية الأمنية»، مشددا على «احترام سيادة لبنان»، وموضحاً أن علاقة الفصائل الفلسطينية مع لبنان كانت جيدة جداً على الدوام «وتأتي المصالحة الفلسطينية لتعزز هذا الأمر». واذ لفت إلى أولوية حماية المخيمات وتحييدها عن الصراعات الداخلية، اكد: «اننا نشكل دائما عامل استقرار في لبنان».