لكل منا منهج يستقي منه المفاهيم والأفكار، التي تضيء كل جوانب الحياة، وما كان ذلك إلا بالتفكير الراشد، ومحاكمة الأمور محاكمة صحيحة، بوقائعها وواقعها كما هي عليه، وليس كما نريد أن نراها، ولكن المنهج لا ينفع ولا ينير لنا الطريق إن لم يبلور ويترجم لسلوك ظاهر ومُشَاهد.
إن كان لديك منهج مكون من مجموعة من الأفكار والمفاهيم والقواعد المترابطة التي تستخدمها في فهم الوجود والحكم على ما فيه من أشخاص وأشياء وأحداث، وأنت من عطّل ذلك المنهج، بتناقض سلوكياتك له، فلا تلومنّ الأقدار والأشخاص عما أصابك منهم، لأنك بالفعل تعيش مشكلة عويصة تحول بينك وبين قدرتك على التفكير بطريقة منهجية سلوكية، تطابق حزمة أفكارك ومفاهيمك وقواعدك.
إن المنهج كيان ينمو ويتجدد مع نمو المعارف وتكاثر التفاصيل في جوانب الحياة المختلفة، فهل أعطيت منهجك حقه في النماء والتكاثر؟! أي هل أسقطته على أرض الواقع بأفعال وأعمال توافقه أم تتناقض معه؟ هل تعرض تفاصيل حياتك اليومية على ذلك المنهج لتتعرف على سلوكك إن كان ينسجم ويتوافق مع منهجك أم لا؟! هل حاولت أن تفرق بين أسس ومعطيات المنهج وبين رؤيتك ورسالتك بهذه الحياة؟! لا تستعجل بالإجابة إلا بعد أن تعطي نفسك فرصة وإمكانات وتحديات جديدة ومثيرة تكون محكا واختبارا لك بكيفية التعامل مع نظم الحياة، واستجابتها للتجديد والاستحداث.
في الأسبوع الماضي تحديدا يوم الأحد الموافق 27 إبريل التقينا وبعض منظمات المجتمع المدني بوزيرة الشؤون السيدة الفاضلة هند الصبيح لتقديم المقترحات والتوصيات التي ترتقي بالعمل التطوعي داخل الكويت، وكلٌ أدلى بدلوه، وقُدمت الكثير من المقترحات القيّمة التي لاقت استحسان الحضور، ونرجو من الوزيرة أن تأخذ المقترحات والملاحظات بعين الاعتبار وتبلور على شكل قرارات تعمم أو قوانين تطبق على مؤسسات المجتمع المدني بمختلف مجالاته.
من الأشياء غير الإيجابية التي حدثت في اللقاء عندما تحدث شخص من الحضور وبدأ حديثه بأنه لن ينعت السيدة الوزيرة بِمعالي الوزيرة أو أي ألقاب رسمية، وثنى كلامه بكلمة - عيب والله عيب - فكان يعيب على بعض الحضور الذي انتهى من تقديم ملاحظاته ومقترحاته وغادر القاعة، ويدعي بقوله أن من آداب المجالس أن يبقى الجمهور إلى أن ينتهي اللقاء مع الوزيرة، قد تكون هذه الآداب هو من شرّعها لنفسه ولكن ليس من حقه أن يلزم الآخرين بها.
ونحن نقول يا سيدنا الفاضل بداية أنت لم تحترم وتطبق بروتوكولات اللقاء مع رأس هرم الوزارة وهو الوزير، بمناداتك الوزيرة بأم فلان بلقاء رسمي وليس لقاء اجتماعيا، والشيء الآخر ما تراه عيبا يراه الآخرون شيئا حسنا فلا تزايد على آداب الآخرين في مجالسهم مع أي مسؤول بالدولة، العيب أن تطلق لفظ عيب في لقاء رسمي يجمع نخبة وصفوة المجتمع مع وزيرة إصلاحية هدفها التطوير والارتقاء بالعمل التطوعي، وليس المطلوب منك توجيه الجمهور أو تزويدهم بآداب المجالس كما قلت، المطلوب فقط تقديم المقترحات والملاحظات التي تساعد على ارتقاء العمل التطوعي بالبلد، برأيي ما يحتاجه هذا الشخص وغيره من الأشخاص الذين يركزون على القشور ويتجاهلون اللب الذي هو ألذ طعما وأكثر فائدة، هو تغيير أنماط حياتهم بالتخلص من بعض الثقافات الخالية من التطوير والتجديد، واستبدالها بثقافات تتوافق مع طريقة تفكيره ومنظومة منهجه وعلاقاته مع الآخرين، حتى لا يمارس سلوكيات تفرق المنهج عن أسسه ومفاهيمه، وتكون طريقة تفكيره سطحية تترك الجوهر وتنظر للمنظر الذي لا يتعدى حدوده إطار الشيء، وقد تؤذي الآخرين بنقدك الذي لا يرتكز على أسس وقواعد منهجية تقنع بها الآخرين، بل تناقض وتعاكس فطرتك وجبلتك السليمة التي جبلت عليها.
كفانا يا معشر بني آدم تفريطا بما لدينا من قيم ومفاهيم ومبادئ مرتكزة على منهج قويم، لا يزول بل باقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
[email protected]@mona_alwohaib