معرضه الاستيعادي نظمته قاعة «كاب للفنون المعاصرة»

محمد عمر خليل... خمسون عاماً من الحفر

1 يناير 1970 07:13 م
• القادري: أعمال خليل أشبه بمتاهات عليك أن تكتشف رموزها
احتفلت قاعة كاب للفنون المعاصرة بواحد من أهم الفنانين والحفارين العرب والشرق الأوسط وهو الفنان السوداني محمد عمر خليل في معرض استيعادي تحت عنوان

«خمسون عاماً من الحفر». وهو المعرض الاستيعادي الأكبر للفنان في المنطقة عقب عرضه في نسخة مصغرة في البحرين في غاليري البارح. المعرض الذي انطلق بمبادرة من هيفاء الجشي لتكريم رحلة خليل الطويلة في عالم الحفر الممتدة بين منتصف عقد الستينات والفترة الأخيرة بعد العام 2000. هذه الأعمال، وكثير منها لم يسبق عرضها من قبل، تقدم للمشاهد قراءة بديلة لمسيرة الفنان المهنية بأكملها، بصفته ليس فقط مسافراً بين الثقافات والحِقب، لكن كفنان يعيد تفسير معنى الثقافة البصرية بشكل عام: يحاول خليل نقل التجربة الحسية إلى أماكن أخرى، خارج نطاق الألوان النقية التي تميز فترة ما بعد الحداثة، فيشرع في البحث في الأسود عن مكان أكثر دفئاً حيث يلتقي كتابه عن الفن والحياة بالمشاهد.

يركز المعرض على أبرز المحطات والمؤثرات التي بلورت عمل خليل يقول مدير قاعة كاب والمسؤول عن تنسيق المعرض القادري: «إن أعمال محمد عمر خليل أشبه بمتاهات أو ألعاب الذكاء، عليك أن تكتشف الطرق والرموز والإشارات والالحان والخرائط التي يضمنها الفنان ضمن الخطوط والمساحات السوداء في أعماله... أن مقدار الغنى البصري وقدرة الفنان على التنويع والتقميش بلون واحد تكاد تكون خاصية لا يمتلكها إلا هو وحده... إخلاصه لهذا الون طوال خمسين عاماً وبحثه في إمكاناته وإشعاعاته أصيل ومبتكر».

ويضيف القادري: «المعرض مقسم إلى ثلاثة أقسام البحث عن الضوء، السينما والموسيقى، وأوطان تحت أظافر اليد... إن علاقة خليل بالسينما والموسيقى علاقة وثيقة وقديمة كانت أعمال الايطالي فيلليني المحرك الأكبر في بناء عمله في الستينات، أما الموسيقى فهو موسيقي بامتياز وأغلب أعماله مرتبطة بلحن أو أغنية قام بترجمتها على شكل عمل حفر، يقول خليل: لو لم أكن فنانا فأنا موسيقياً لا محالة، وفي جزئه الأخير يبحث المعرض في الاوطان والمدن التي عاش بها خليل من السودان بلده الام الى إيطاليا ونيويورك وأصيلة والبتراء أماكن عاشت داخله وانطبعت ملامحها في ذاكرته ليعيش معها ويعيد بناء خارطتها في أعماله، يقول خليل: «كل الأماكن التي عشت بها هي وطني لم أشعر يوماً بالغربة الوطن موجود تحت أظافري ينطلق مع كل عمل أقوم بطباعته».

ينسحب الفنان من المجال البصري، فيفتح بذلك إمكانية دخول العالم بمورفولوجيا مختلفة تماماً، ما يسبب تصادم عناصر تظهر أنها غير مرتبطة ببعضها البعض، فتخرج كتراكيب مولفة ومتمايزة. الدمج الدقيق بين العناصر الفلكلورية والحِرف اليدوية، والأزلية التي تميز تاريخ الفن، يلدان عوالم مركبة لها حياتها الخاصة.

لقد كان محمد عمر خليل، ولا يزال، رائداً ومثالاً في الطباعة الفنية في جميع أنحاء المنطقة، وأحد أهم الفنانين الأحياء الذين يعملون بحسب النسق الذي درّسه على أحسن وجه في الجامعات الأميركية المرموقة، مثل «كولومبيا» و«مدرسة بارسونز للتصميم» فيجامعة «نيو سكول».

ظل الفنان بعيداً عن التبسيطية والتجريد اللذين شكلا جيله، مطوراً بذلك قواعد خاصة به، ونابشاً طبقات من الوعي، يقدمها كمتواليات سردية على شكل لقطات قد تكون مرتبة بشكل مختلف في كل مرة ننظر إليها.

الفنان هو واحد من الممارسين الفنيّين المميزين في الشرق الأوسط؛ هو رائد ليس فقط في الطباعة الفنية الطباعة، ولكن أيضاً في الفن التصوري والأساليب المختلفة في الرسم، التي تشبك الأفكار المعاصرة من جهة، مع التقنيات الكلاسيكية واستخدام أجسام جاهزة أو غير مصقولة من جهة أخرى. ولد الفنان محمد عمر خليل في بوري، السودان، في العام 1936، ودرس في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم، السودان، ومن ثم في أكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا، وقد عاش وعمل في نيويورك منذ العام 1967. وقد عرضت أعماله في محافل مهمة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك «معهد العالم العربي» في باريس، «كونستهاله دارمشتات» في ألمانيا، وكل من «متحف متروبوليتان للفنون» و«متحف بروكلين» في نيويورك.