الراعي يتفق والحريري على ضرورة إنجاز الاستحقاق في موعده
«8 آذار» تقرر تعطيل جلسات الانتخاب حتى الوصول إلى تسوية حول رئيس للبنان
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
11:31 م
يعكف طرفا الصراع في بيروت «8 و14 آذار» على تقويم «حساباتهما» المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي ومحطاته المقبلة في ضوء عجز الجلسة الاولى التي انعقدت الاربعاء الماضي عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ورسم سيناريوات «تكتيكية» في ملاقاة جلسة الأربعاء المقبل، التي لن يكتمل النصاب الدستوري - السياسي لانعقادها.
ثمة حقيقة أظهرتها الجلسة الاولى لانتخاب الرئيس حين «اكدت المؤكد» بتكريسها «التعادل السلبي» بين «8 و14 آذار»، الامر الذي لا يتيح ضمان انتخاب رئيس للبلاد في المهلة الدستورية التي تنتهي في 25 مايو المقبل، ما لم يتم توافق مسبق على اسم الرئيس الـ13 للجمهورية او حصول عملية خلط اوراق دراماتيكية، او انصياع الداخل لـ «صفقة اقليمية» تتقدّمها السعودية وايران.
وقالت اوساط واسعة الاطلاع لـ«الراي» ان «8 آذار» قررت، متجاوِزةً اي حرج سياسي، تعطيل جلسات الانتخاب المقبلة، إما لفرض توافق داخلي وبشروطها، على اسم الرئيس الجديد، وإما في انتظار مناخ اقليمي - سعودي - ايراني يحضّ الداخل اللبناني على تنازلات متبادلة تفيد منها «8 آذار» صاحبة المصلحة في التوصل الى «رئيس تسوية».
ورأت هذه الاوساط ان «8 آذار» التي تدرك انها غير قادرة على الإتيان برئيس من فريقها (كما هو حال «14 آذار» ايضاً) ستمضي قدماً في تعطيل الجلسات لتحسين شروط تفاوضها مع خصومها حول الشخصية التوافقية، وخصوصاً بعدما أيقنت ان لا حظوظ لأيّ من المرشحين المفترضين من صفوفها كزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية.
وثمة دوائر مراقبة في بيروت على اقتناع بأن الموقف الفعلي لـ«8 آذار» هو المقايضة بين «الفراغ» و«رئيس تسوية»، اذ لا مرشح فعلياً من فريقها، فبعضه لا يريد عون رئيساً وبعضه الآخر يجد في رفض «14 آذار» لعون بوابة العبور المريحة للتفاوض مع الطرف الآخر، عبر القنوات الداخلية او بـ«مقويات» اقليمية على رئيس «نصّ نصّ».
هذا الاستشراف لمسار الاستحقاق الرئاسي غير بعيد عن تقديرات «14 آذار» التي من المرجح ان تمضي قدماً بحمل مرشحها سمير جعجع الى جلسات الانتخاب والنزول الى البرلمان بـ«سقفها العالي» ما دام لم يحن بعد «كلام التسوية»، لادراك هذا الفريق ايضاً ان تفادي الفراغ في الموقع المسيحي الاول يفترض الذهاب في نهاية المطاف الى التوافق.
وتقلل الدوائر المتابعة في بيروت من جدية ما يشاع عن «مفاوضات كواليس» تجري بين «تيار المستقبل» بزعامة الحريري وعون لتبني ترشيح الاخير بتشجيع سعودي - اميركي، فالحريري ليس في وارد القيام بمغامرة كبرى وغير محسوبة، كما انه لن يعود الى بيروت لترؤس حكومة العهد المقبل، وتالياً فان الغبار الكثيف على هذا المستوى لا يعدو كونه عملية «جس نبض».
ووسط ترقب سلسلة لقاءات ستشهدها الساعات المقبلة في الرياض التي سيتوجّه اليها عدد من أركان تيار «المستقبل» وحلفاؤه للتشاور مع الحريري لتحديد عناوين المرحلة المقبلة، برز الاتصال الذي اجراه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بالحريري والذي تخلله تشاور في موضوع الاستحقاق الرئاسي في ضوء لقاء الراعي مع رئيس البرلمان نبيه بري اول من امس.
وعُلم ان الاتصال بين الراعي والحريري خلص الى «توافق على ضرورة اجراء الانتخابات ضمن المهلة الدستورية وفي اقرب وقت». واكد البطريرك وزعيم «المستقبل» «ان الوقت الذي يفصل الجلسة الانتخابية عن الاخرى يجب ان يستثمر جديا في التشاور والتواصل بين مختلف الكتل النيابية والسياسية وبمسؤولية عالية تليق بحجم هذا الاستحقاق».
وفي موازاة ذلك، اعلن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري ان «أي خيار رئاسي يجب أن يكون لبنانياً صرفاً ومن صنع اللبنانيين وحدهم»، مؤكداً «لم ولن تنطق أفواهنا بأي تزكية اسمية لأي مرشح معين لرئاسة الجمهورية في لبنان.. وهذا موقف واضح ولا تبديل فيه نهائيا».