التحقت في عملي الوظيفي سنة 1954 وقضيت به 43 عاماً ... وأول راتب صرف لي 350 روبية
سالم أمان الفلاح: كنت كاتباً... في «المذخر الطبي»
| إعداد : سعود الديحاني |
1 يناير 1970
05:41 م
• والدي كان نوخذة غوص وسفر وتميز بقوة النظر والرؤية عن بعد
• درست في العطلة الصيفية عند الملا سليمان الخنيني
• كنّا نخرج في الربيع إلى بر الرميثية وأبو حليفة والفنطاس
• والدي رافق عمي حمد الفلاح «تباباً» وكان يطلق على سنبوكنا «عناد»
• المدارس التي التحقت بها الأحمدية والمباركية والقبلية
• تعلمت اللغة الإنكليزية عند سلطان العجيل وعبدالله العجيري
للماضي ذكرياته الجميلة والتي تصحب أشخاصها على مر الزمن... سالم أمان الفلاح يحدثنا عن دراسته التي تنقل بها في أكثر من مدرسة ثم يتطرق بنا الى عمله في دائرة الصحة بعدها يسهب في الحديث سيرة والده فلنترك له ذلك:
عمي حمد ادركته وانا عمري ثماني سنوات وهو اخ احمد ومحمد ابناء الفلاح ووالدي ركب معه تباباً والتباب هو الذي يتدرب ويخدم السفينة لصغره، والدي كان ذكياً ويحب ان يتعلم وقد رأى فيه عمي هذه الخصال فجعله يرافقه في الغوص فتعلم ومارس حياة البحر واستفاد من عمي حمد وخبرته... ثم اصبح غيصاً معه واهلنا الفلاح عندهم اكثر من سفينة جالبوت يطلق عليها «خلاصة» و«سنبوك» و«عناد» وشوعي يطلق عليه «دثرم» وقد جعل العم حمد الوالد أمان نوخذة في سنبوك عناد وكان كبيراً في الحجم يحمل اكثر من 70 نفراً وهكذا بدأ في مرحلة التنوخذ وعمره يقارب 20 سنة وغاص الوالد معه بحريته في غالب هيرات الكويت والبحر لابد من ضربات بحرية وتعب وشقى.
العلاقة
ويتمتع الوالد بعلاقة طيبة مع بحريته وله تقدير عندهم فهو يحرص عليهم... بعدما تغير حال الغوص حينما ظهر اللؤلؤ الصناعي تحول الوالد الى سفن السفر الشراعي حيث طلبه ملاك سفن السفر الشراعي الصقر والحمد وبدأ يسافر مع سفن السفر وهو في البداية معهم كان نوخذة شراع مساعد ومسؤولاً ثانياً في السفن الشراعي في خشبة الحمد وكان بومهم اسمه «سلماني»...
المواسم
وفي احد المواسم بعدما وصلوا الى عدن توفى النوخذه وارسلوا برقية للكويت يخبرون ملاك السفينة «خالد عبداللطيف الحمد» بما حل بالنوخذة فقال لهم ان مسؤولية السفينة عند امان الفلاح فأصبح الوالد هو النوخذة الذي يتولى جميع شؤون السفينة فقادها واكمل رحلتها وسفرها وارجعها للكويت وبعدها اصبح الوالد نوخذة اساسياً في سفن السفر التي كان يبحر بها الى موانئ الخليج والهند وعدن وافريقيا وجميع السفن الشراعي التي ذهب بها للسفر كانت للحمد والصقر وهكذا كانت حياة الوالد مابين غوص وسفر...
الدكان
لكن في الاخير بعدما خف العمل على سفن السفر وظهر النفط اشترى الوالد له دكاناً للمواد الغذائية وغيرها من البضائع «اواني منزلية» وان كان هو دكاناً لكن يغلب عليه حال الملتقى وديوانية حيث يجتمع عنده اصدقاؤه ومعارفه ويتبادل معهم الحديث والذكريات ويقضون وقتهم معه وهو في دكانه الذي كان موقعه ما بين فريج الشايجي وسوق واجف... ولم يعمل الوالد قط في الحكومة.
الميزات
الوالد كان رحمه الله قليل الكلام يسمع اكثر مما يتكلم، حياته وهو شاب صوَّام ليوم الاثنين والخميس على طول العام حتى وهو في الغوص والسفر فهذا شيء معروف في حياته الكل يشهد له وكان محل استشارة وثقة عند الناس يأتون ويأخذون رأيه ومشورته في امورهم وشؤون حياتهم ودائما يقولون له «ابوي امان» اما من في عمره فيقول «حجي امان» وقد ذهب الى الحج أكثر من مرة أيام زمن البعارين، كما اتصف بسعة الحلم ووسع البال كلامه موجز وضحكه مجرد ابتسامة نشأته متدينا منذ نعومة اظفاره.
الصدق
تزوج والدي مرتين الاولى لم ينجب منها اما والدتي فقد رزق منها بولدين توفيا وهما صغيران ثم جئت انا واربع بنات.
صدقه وتدينه وخبرته في الحياة جعلته محل استشارة وكل الاهل والعائلة لا يقول إلا ابوي امان حتى كل الفريج «ابونا أمان» ونشأته في فريج الفلاح بالقرب من مسجد الشرهان. وقد اشترى ارضا في الشامية سنة 1953 وبناها سنة 1955 وسكناه 1957 وتوفي سنة 1958.
الدراسة
انا ولدت سنة 1935 في بيت الفلاح وترعرت ونشأت به اما دراستي فبدأت في الاحمدية وكان بها مرحلة يطلق عليها التمهيدي لكن في فترة الصيف كنت اذهب الى مدرسة الملا سليمان الخنيني الاهلية وهي مدرسة اهلية معه فيها اخوه والدراسة عند الملا الخنيني كانت على فترتين صبحاً وعصراً، ومدرسة الاحمدية، كان الملا راشد السيف هو ناظرها اما المدرسون فكانوا ملا عبدالله العمر ويوسف العمر ومحمد الشايجي وابراهيم المواش وعبدالمحسن الرشيد وحمد تقي والمواد التي ندرسها حساب وعربي وقرآن وغيرها من المواد التي كانت تدرس في تلك الأيام، ثم انتقلت الى المباركية بعد اربع سنوات وبقيت بها كذا سنة ثم انتقلت الى القبلية لانها قريبة من البيت والدراسة بها صبح وعصر وكل المدارس التي درست بها اذهب واعود مشيا على الأقدام.
الألعاب
كنا ونحن في زمن الطفولة كل موسم له ألعاب معينة فهناك تيل وأشعاب وحبال ومقصى وصيده ما صيده وهول وامها وابوها وصفروق.
الصحة
توجهت للعمل في دائرة الصحة سنة 1945 حيث اشار اليَّ صديق رحمه الله وهو حمزة الحميدي فقال لي انت عندك مبادئ في اللغة الانكليزية ونحن محتاجون للموظفين فأنا درست اللغة الانكليزية عند سلطان العجيل وعبدالله العجيري في جبلة خلال الفترة المسائية فحصلت على مبادئ اللغة الانكليزية وسلطان العجيل كان له معرفة مع الوالد ويمر عليه وهو في الدكان فقال اجعل سالم يأتي اليّ اعلمه اللغة الانكيلزية ثم بعده درست عبدالله العجيري.
المذخر
ولما أردت أن أعمل في «الصحة» دخلت على رئيسها في ذلك الوقت الشيخ فهد السالم وحولني على مديرها علي الداوود الذي بدوره حولني الى الملا يوسف الحجي حيث عينني في المذخر الطبي وكان موقعه في المستشفى الاميري وهو مستودع للأدوية الطبية ... كنت كاتب صيدلية اتسلم الطلب «الأدوية» واقيد ما يصرف منها.
الراتب
وقد صرف لي راتب في أول تعييني مقداره (350 روبية)، وبعد ذلك تطورت الصحة وأصبحت وزارة وتطور معها المذخر الطبي حيث اصبح تابعاً للمستودعات الطبية التي كان مسؤولها يوسف الحجي ومساعده إبراهيم المضف وقد انتقلنا من مستشفى الأميري سنة 1962، منطقة الصباح وسنة 1984 الى منطقة صبحان أما تقاعدي فكان سنة 1997 وبعد خدمة طويلة وأصبحت خلال عملي مراقباً وتوليت في بعض الأحيان مسؤولية المدير وكان قسمي هو المختبرات الطبية نتولى تجهيزها.
الأمن
حينما عملت في المذخر الطبي تم توزيعنا في الأمن العام في الخدمات الطبية ففيها جزء من المحافظة التي في قصر نايف كان مقراً لصيدلية تصرف الأدوية لقطاع الأمن العام وأنا أقيد تلك المصروفات وكان ذلك سنة 1955 وكان المسؤول عن الخدمات الطبية في الأمن العام محمود عوض ولما يأتي زوار عند الشيخ عبدالله المبارك وتكون هناك مناسبة يقيمها الشيخ لهم وهو معروف بكرمه.
يقول للمسؤول ادع من يعمل في صيدلية المذخر الطبي التي عندنا في الأمن فيرسل لنا سيارة خاصة تنقلنا الى مقر الدعوة وقد يكون وقت الغداء أو العشاء وأنا حضرت ثلاث مناسبات... أول مناسبة كانت لملك العراق فيصل زائراً الكويت وأقام له الشيخ عبدالله وليمة في مخيم في البر وكنا نحن من المدعوين والمناسبة الثانية لأحد أمراء قطر وكان مقر الدعوة قصر مشرف أما الثالثة فكانت لضيوف جاؤوا للشيخ لكن أذكر من هم... وكان الشيخ يوصي علينا نحن الذين كنا ضمن العاملين في مقر الأمن العام فنحن مدنيون في الصيدلية التي تزود الأمن العام بالأدوية بعدها انتقلت الى المستوصف القبلي... بعد مضي وقت أصبحت أوجه واعلم الكتاب الذين يلتحقون جدداً في المذخر الطبي بعدما صارت عندي خبرة.
السيارة
كان الوالد والوالدة رحمهما الله لا يريدان ان أتعلم قيادة السيارة، فأنا كنت وحيدهما ويخافان عليّ لكني أخذت أتعلم على سيارة نوعها «هيلمت» اشتريتها سنة 1957 وعلمني صديقي عيسى الحربان وهو أكبر مني في العمر حيث وضعت السيارة عنده وحينما يأتي من عمله اذهب معه ويدربني على هذه السيارة.
النظر
والدي رحمه الله كان قوي النظر والشوف فهو يرى الاشياء والشخوص البعيدة من مرمى العين فهو يحدد تلك الملامح البعيدة كان ذات يوم في الصباح الباكر يسير محاذياً لساحل البحر وكان الجو صافياً صحواً فأخذ ينظر الى جبال الزور التي من جانب طرف ساحل جون الكويت وهي بر قضي والمسافة من بحر ساحل القبلة والزور كبيرة فيها أكثر من عشرة كيلوات، وقد قال والدي لمن معه انني ارى صاحب جمل يقوده ومعه امرأة ممتطية جملاً معه آخر وخلفها جمال محملة «شجر العرفج» وأظنهما متوجهين للكويت ومن كان هذا سيره يصل للكويت وقت الظهر وفعلاً وصل صاحب الجمل وهو بالوصف الذي ذكره الوالد الحاج أمان.
البر
أنا أحب الطلعات البرية «الكشتات» فكنا في الأول نخرج نتنزه في بر الرميثية والفنطاس وبوحليفة وكان البر في تلك الأيام جميلاً وهادئاً وفي وقت الربيع تخرج الأنواع الكثيرة من الأعشاب والنباتات البرية، كان البر متعة وانبساط.
زواج
زواجي سنة 1965 ولي ثلاثة أولاد وأربع بنات والملكة عند الشيخ أحمد الخميس.