«الرّيس عمر حرب» قدّم الواقع بمشاهد ينبذها المجتمع العربي

1 يناير 1970 10:20 ص

من يشاهد افلام المخرج خالد يوسف الذي تتلمذ على يد المخرج الكبير يوسف شاهين يتيقن بأنه مبدع يمتلك ادواته بحرفية عالية ما جعله من اكثر المخرجين المصريين تحقيقا للايرادات من خلال الموضوعات الجريئة التي يقدمها في افلامه مثل «هي فوضي» و«حين ميسرة» واخيرا «الريّس عمر حرب»، ويستطيع المشاهد لهذه الافلام ان يعرف ان المخرج خالد يوسف بأسلوبه وعرضه للواقع المصري بكل جرأة انه يسبح عكس التيار حتى وان كان التيار سوف يعود عليه بالاذى وردود الافعال ، لكنه عن قناعة يقدم الواقع بكل ما فيه حتى وان غرق في مشاهد يرفضها وينبذها ليس المجتمع المصري فحسب بل المجتمع العربي بشكل عام، وهذا ماشهدناه في الفيلم الاخير الذي يتم عرضه الان في جميع دور العرض المصرية والعربية ماعدا الكويت التي منعت عرض الفيلم لمشاهده الاباحية والمثيرة.


الفنان خالد صالح

الريس عمر حرب بمجرد سماع اسم الفيلم يذهب تفكيرك الى ابعد من حاكم ظالم يدير كازينو للقمار يتقن اللعبة بجدارة ويحرك شؤون الصالة متجاوزا كل المحاذير لدرجة ان الشخوص الموجودة في الصالة تتحرك بإرادته بما في ذلك الموظفون والمقامرون انفسهم، فشخصية الريس عمر حرب في رأي الكل ترمز للحاكم المستبد المركزي والذي يدير دفة اللعبة وخيوطها ويجعل كل من حوله يسير تحت امره وهواه، حتى خالد «هاني سلامة» الفتى الفقير الذي يصطفيه الريّس من دون زملائه ويجعله واحدا من الموظفين الذين يفهون اللعبة بمعرفته، فيعلمه اصولها وخباياها وتكتيكاتها وحتى التآمر على نظمها، خالد اليائس من حياته ومن شغله الذي كرهه في البداية من شدته وقسوته على تحمل الاهانات من الجميع وصلت به الحال الى فهمها من وجهة نظره لكن عن طريق الريّس عمر حرب الذي كان يدير خطواته اولا بأول ويكشفها دون علمه حتى يتقن قواعد اللعبة كونه الشاب الذكي الطموح الذي اختاره الريّس.

خالد صالح واحد من اشهر الممثلين في السينما المصرية تمكن خلال فترة وجيزة من اثبات نفسه بجدارة في الادوار الصعبة والتي تتطلب قدرات خاصة فنجح نجاحا كبيرا في البطولات المطلقة لدرجة ان المخرج الكبير يوسف شاهين اطلق عليه محمود المليجي لقوة ادائه، فهو بهذه القدرات اصبح نجم الشباك والبطل الاول بامتياز.


الفنان هاني سلامة

هاني سلامة فنان موهوب وطموح وذكي، قدم العديد من الادوار المتميزة في السينما المصرية ومنها هذا الدور الذي اثبت فيه براعة عالية مستخدما نظراته الحادة فبرز ذلك من خلال العديد من المشاهد التي يظهر فيها بدور الموظف الذي يدخل معترك الحياة العملية ولايمتلك خبرة واسعة في عالم صالات القمار وعالم المومسات ومنها على سبيل المثال مشهد المقامر العربي الذي حاول رشوته بكل الطرق لكنه رفض ما اضطره بعد خسارته في اللعبة ان يضرب ويبصق في وجه خالد ليرى الريّس يقف امامه ويمنعه من اي تصرف متهور وحتى يتمالك اعصابه ليذهب بعد ذلك الى الحمام ويبكي بكاء حارا.


المشاهد الجنسية المثيرة

بمجرد التطرق للعالم الخفي في كازينوهات القمار اذن لابد من الولوج  داخل هذا العالم المثير والمخيف للكثيرين، ومنها وجود المومسات في صالات القمار واللاتي يجذبن المقامرين لطاولات القمار بقصد الاستفادة منهم بشكل واخر، فبرغم ان السينما المصرية ومنذ سنوات طويلة لم تقدم مشاهد جنسية جريئة واباحية ومباشرة انما اكتفت فقط بالتعامل مع هذه المواضيع بايماءات ورموز دون ان تخدش الحياة لطبيعة المجتمع المصري المحافظ، قدم خالد يوسف هذه المشاهد بشكل ساخن جدا دون مبررات تذكر، ليصبح عددها اربعة مشاهد جنسية طويلة ومكتملة الاطراف, فغادة عبد الرازق وسمية الخشاب اللتان تحاولان الوصول للصف الاول في السينما المصرية أثارتا الجمهور بقوة ادائهما وتنافسهما على البراعة في تقديم ادوار جنسية غير مسبوقة في السينما المصرية، ما سبب ازعاجا للعديد من المشاهدين الذين خرجوا من الصالة لعدم تحملهم المشاهد الاباحية والمثيرة والذي وصفه البعض بأنه اشبه بفيلم بورنو، مستنكرين دور الرقابة المصرية في كيفية السماح بعرض هذه المشاهد المستفزة للجمهور .

 

اخيرا

يبقي فيلم الريّس عمر حرب واحدا من الافلام ذات مغزى سياسي واقتصادي واجتماعي خاص، حتى وان تطرق لعالم لايهم العديد من الناس حتى الاغنياء انفسهم كون هذا العالم له جمهوره ورواده، انما ما يحصل داخل هذا العالم يفسره الكثيرون حسب توجهاتهم واهوائهم ونفسياتهم، لكن في النهاية من شاهد الفيلم يرى انه لايحمل ايّ رسالة او قضية او مضمون يهم الناس انما يهم شريحة في رأي الجميع منبوذة من المجتمع، فلاداعي لعمل فيلم كامل يتحدث عن مشاكلهم وما يدور بينهم من فساد.



الريّس عمر دائماً أمامه