القضاء الرياضي والولاية العامة للقضاء العادي
| بقلم عماد الحناينه * |
1 يناير 1970
06:54 ص
ثار في الآونة الأخيرة نزاع قانوني بحت ودون الدخول في اسباب النزاع ولكنه نزاع صحي الهدف منه هو تطبيق أفضل للتعليمات الدولية والمحلية لدولة الكويت في المجال الرياضي، وكان فحوى هذا النزاع ضمن عنوان رئيسي وهو «مدى صلاحية القضاء العادي النظر في الخلافات الرياضية» وهل اللجوء للمحاكم العادية من قبل المتظلمين هو لجوء يتوافق مع التعليمات الدولية والمحلية بهذا الخصوص.
المبدأ القانوني ضمن المنظومة الرياضية الدولية هو «استقلال القضاء الرياضي» وهو مبدأ منصوص عليه في كافة التعليمات الدولية الرياضية كاللجنة الاولمبية الدولية والاتحادات الرياضية الأخرى على كافة أنواعها وعلى سبيل المثال الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهذا الاستقلال القضائي المنصوص عليه هو رغبة هذه السلطات الرياضية في استقلال إدارة شؤونها ولكن الرغبة شيء والواقع القانوني وعمل المنظومة الدولية المترابط سواء الرياضي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والتطور المنشود في كافة المجالات هو ترابط ولا يمكن الفصل بينهم فصلا تاماً.
التعليمات الدولية الرياضية هي في الواقع اتفاقيات دولية يتم إقرارها بموافقة الهيئات العامة الدولية الرياضية سواء ضمن أعلى سلطة رياضية دولية ممثلة باللجنة الاولمبية الدولية أو ضمن الاتحادات الدولية للرياضات على مختلف أنواعها، وعليه فان الهيئات العامة المذكورة هي تقابل «المجالس التشريعية في الدول» أو ما يطلق علية «البرلمان»، فهي برلمانات دولية رياضية، ويمكن الطعن بالتشريعات والقوانين الصادرة قبل الهيئات التشريعية الدولية الرياضية أو البرلمانية متى كانت تنتهك حقوق الأفراد والجماعات.
بعيدا عن الفقه القانوني والدستوري وصلاحية القضاء بالطعن في دستورية القوانين وهى سلطات وصلاحيات متعارف عليها ومطبقة في كافة الدول والهيئات الدولية البرلمانية ممثلة بالبرلمان الأوروبي والمحكمة الأوروبية العليا، كما أن هنالك ولاية للمحكمة الدستورية في دولة الكويت متى تم إقرار قوانين من قبل السلطات التشريعية في دولة الكويت تتعارض مع الدستور الكويتي.
محكمة التحكيم الرياضي «الكاس» مركزها العام سويسرا وهي هيئة تحكيم رياضي شكلت ضمن الأنظمة والقوانين الخاصة في سويسرا وتطبق القوانين والتعليمات الدولية الرياضية بشكل عام، وللقضاء السويسري صلاحية النظر بالخلافات الناتجة عن القرارات الصادرة عن «هيئة تحكيم» محكمة التحكيم الرياضي متى كان هناك خطأ في تطبيق القانون أو انتهاك لحقوق المتخاصمين على سبيل المثال، وهذه الصلاحيات منصوص عليها في القانون الدولي الخاص السويسري الفصل الثاني عشر على أن يتم الطعن لدى المحكمة السويسرية الفيديرالية، والأصل القانوني المستنبط منه هيئة التحكيم الوطنية والمشكلة من قبل اللجنة الاولمبية الكويتية هو محكمة التحكيم الرياضي في سويسرا كما أن القانون الكويتي لديه سلطة الولاية على هيئات ومجالس التحكيم المنعقدة في دولة الكويت بشكل عام.
توجد سوابق قضائية كثيرة في هذا المجال لدى القضاء السويسري بالطعن في قرارات محكمة التحكيم الرياضي معتمدة على الفصل الثاني عشر من القانون الدولي الخاص السويسري واهم تلك القرارات، القرار الصادر في العام 1993 وفحوى هذا القرار كان منصبا على عدم استقلالية محكمة التحكيم الرياضي عن اللجنة الاولمبية الدولية حيث كانت قبل ذلك العام تتبع اللجنة الاولمبية الدولية من الناحية الإدارية والمالية ما أحرج السلطات الرياضية الدولية وتم تعديل النظام الأساسي لمحكمة التحكيم الرياضي «الكاس» في العام 1994 وفق قرار المحكمة الفيديرالية السويسرية، بحيث أصبحت محكمة التحكيم تتبع المجلس الدولي لمحكمة التحكيم الرياضي ويتشكل المجلس الدولي من ممثلين عن الاتحادات الدولية والاتحادات الدولية الاولمبية الشتوية واتحادات الدولية الاولمبية الصيفية واتحاد اللجان الوطنية الأولمبية واللجنة الاولمبية الدولية وأعضاء من خارج اللجان المذكورة من ذوي الخبرات القانونية الدولية بحيث يصبح مجموع الأعضاء عشرين عضوا، فالظروف التي رافقت تشكيل محكمة التحكيم الرياضي «الكاس» قبل العام 1993 هي نفس تلك الظروف الحالية التي ترافق تكوين هيئة التحكيم الرياضي في الكويت وتبعيتها للجنة الاولمبية الكويتية.
إن مبدأ استقلال القضاء الرياضي مبدأ هام وضروري ولا يمكن التنازل عنه لا بل مطلب ضروري لتميز الخلافات الرياضية كما يجب تعيين محكمين متخصصين في هذا المجال للفصل بالمنازعات الرياضية، ولكن ما هو هذا الاستقلال وحدوده حتى لا تتجاوز السلطات الرياضية صلاحياتها والمس بحقوق الرياضيين والمؤسسات الرياضية أفرادا وجماعات، وعليه نرى بأن الولاية العامة للقضاء العادي على القضاء الرياضي حقيقة قانونية حتى لو تم النص على استقلالية القضاء الرياضي في التشريعات الدولية الرياضية ترسيخا لمبدأ المشروعية والذي يعني خضوع الحاكم والمحكوم لحكم القانون.
* محامٍ أردني