بري حدّد 23 أبريل موعد أول جلسة انتخاب والسيناريوات... مفتوحة

«حصان» الاستحقاق الرئاسي في لبنان خرج من «الحظيرة»

1 يناير 1970 09:41 م
الى الاستحقاق الرئاسي دُر. فقبل 39 يوما على انتهاء المهلة الدستورية (في 25 مايو) لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، خرج «حصان» هذا الاستحقاق من «الحظيرة» من دون اي ضمانات بأن في أفقه «خط نهاية» يؤشر الى ان «السباق الرئاسي» سيحمل فائزا ام ان حسابات «الميدان» الاقليمي - الدولي قد لا تنجح في ابجاد تقاطُعات تتيح تمرير رئيس لا تشي التوازنات بامكان ان يكون من «فرسان الصف الاول» بل تؤشر الكثير من المعطيات الى انه سيكون اقرب الى «فلتة الشوط».

فـ «وعْد بري» (في اشارة الى رئيس البرلمان نبيه بري) للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بان يدعو قبل نهاية الشهر الجاري الى اول جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية تَحقق امس بتحديد رئيس مجلس النواب 23 الجاري اي الاربعاء المقبل موعد جلسة «تدشين» المسار الانتخابي وإطلاق «صافرة» المشاورات الجدية الداخلية والخارجية لحسم الخيارات في هذا الاستحقاق، فإما فراغٌ يكشف لبنان على صراع التوازنات والأوزان في المنطقة وإما انتخابات بحلول 25 مايو على طريقة «افضل الممكن» تُجدِّد التفاهم الايراني - السعودي الذي حظي بغطاء دولي على تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام فيتم اختيار رئيس الجمهورية بمواصفات حكومة «التعايش الاقليمي» فوق «فوهة» الازمات المفتوحة في المنطقة... المتحوّلة.

واطلق تحديد بري موعد جلسة الانتخاب واعلان جعجع برنامجه الرئاسي دينامية هي الأقوى منذ دخول لبنان في مدار الاستحقاق الرئاسي في 25 مارس، وذلك على مستوييْن هما ترقُّب السيناريوات الممكنة التي تحوط بجلسة 23 ابريل الانتخابية والحِراك الذي ستشهده كواليس فريقيْ 8 و 14 آذار في الفترة القصيرة الفاصلة عن هذا الموعد لجهة حسم مرشيحهما بدءاً من الذين ستخاض عبرهم «جولة المواجهة» الى الذين سيتم الاحتفاظ بهم كـ «ورقة ثانية» لمرحلة «التوفيق» التي يفترض ان تفضي في النهاية الى رئيس توافقي بحال كان المناخ الاقليمي نجح في إنضاج التسوية المطلوبة.

فعلى صعيد قوى 14 آذار، فان طبيعة الحضور الجامع الذي واكب اعلان جعجع برنامجه الرئاسي ولا سيما المشاركة الوازنة من «تيار المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) وممثل للرئيس امين الجميّل والنائب بطرس حرب اعطى اشارة متقدمة الى اتجاه فريق 14 آذار و«المستقبل» خصوصا الى تبني جعجع كمرشح المواجهة في جلسة 23 ابريل على ان يكون المرشحون الآخرون من هذا الفريق ولا سيما الجميّل وحرب وبدرجة أقلّ النائب روبير غانم «رجال» مرحلة ما بعد «غرْبلة» مرشحي المواجهة الذين لن ينالوا أكثرية الثلثين (86 نائباً) للفوز في الدورة الاولى والاكثرية المطلقة (65 نائباً) في الدورة الثانية.

وفي تقدير اوساط سياسية في بيروت ان قوى 14 آذار بتبني ترشيح جعجع تكون أنقذت وحدتها ورسمت سقفا هو الاعلى في مقاربة الاستحقاق الرئاسي بما يفرْمل تقديم تنازلات جوهرية في «جولات التوفيق»، في حين ان رئيس «القوات» بترشحه باسم 14 آذار سيكون اصاب اضافة الى العامل الاول عصفورين «بحجر واحد» اولهما انه كرّس موقعه في المعادلة اللبنانية والمسيحية كلاعب على مستوى رئاسي، وثانيهما انه حجز لنفسه مكانة كناخب اول في الاستحقاق.

وفي حين يُنتظر ان تتكثف الاتصالات في الساعات المقبلة مع الحريري وسط تقديرات بانه سينتقل الى باريس لاجراء مشاورات مع عدد من الشخصيات في 14 آذار لبت التوجه في الملف الرئاسي، فان فريق 8 آذار يجد نفسه في السياق نفسه امام وجوب تحديد «خطة عمله» والمرشح الذي سيخوض المنازلة بوجه جعجع، وخصوصاً ان زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لن يواجه رئيس «القوات» ويسعى الى تقديم نفسه مدعوماً من 8 آذار في إطار توافقي يرى انه يؤمن له حظوظاً أكبر بالفوز وهو ما استدعى اقترابه من «تيار المستقبل» الذي لا يمكن له ان يصبح رئيساً من دون اصواته.

وفي حين لا يُعرف اذا كان النائب سليمان فرنجية، الوثيق الصلة بالرئيس بشار الاسد، سيقبل بان «يحرق» اسمه بخوض «مواجهة الغربلة» في وجه جعجع، لا يسقط من الحساب امكان ان تمرر 8 آذار جلسة 23 من دون اعلان مرشح صريح ما دامت تضمن ان جعجع لن يحصل على اكثرية الثلثين ولا النصف زائد واحد وان مفتاح الدورة الثانية يبقى باي حال في يد النصاب الذي يمكن تطييره باي لحظة.

وتبعاً لذلك، فان مسار جلسة 23 يراوح بين احتماليْن: الاول ألا يتأمن نصاب الـ 86 نائباً الضروري لافتتاحها وهو ما سيشكل بحال حصوله إحراجاً لقوى سياسية كثيرة تجاه الكنيسة المارونية، والثاني ان تُفتتح الجلسة بالنصاب الضروري فلا ينال جعجع واي مرشح آخر يواجهه في الدورة الاولى الأصوات الـ 86 المطلوبة فتُرفع الجلسة قبل الدورة الثانية لتشاور يرجح ان يستتبعه فقدان النصاب فتكون اول مرحلة من «الغربلة» حصلت ويبني كل فريق على وقائع الجلسة الانتخابية الاولى المقتضى للجولة الثانية التي ستكون فسحة لمشاورات اقليمية في محاولة للتوافق على مرشح التسوية الذي ترضى عنه السعودية ولا يُغضب ايران ويعكس “ترسيم حدود” نفوذهما في لبنان مرحلياً ولا تمانع في وصوله الولايات المتحدة وروسيا.

كتلة عون «جنباً الى جنب» مع «14 آذار» في إرجاء بت سلسلة الرتب



| بيروت - «الراي» |

طغى انطلاق «قطار» الانتخابات الرئاسية على ملف سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام والمعلّمين الذي بات مع تحديد 23 ابريل موعداً لاول جلسة انتخاب رئاسية امام خطر «توريثه» لعهد الجديد وحكومته الجديدة.

وغداة اتفاق البرلمان بالتصويت على إعادة ملف السلسلة الى لجنة لدرسه ضمن مهلة 15 يوماً في محاولة لتحقيق التوازن فيه بين النفقات المترتبة عليه والواردات وتفادي «سلْقه» بما يهدد الاستقرار النقدي والاقتصادي، ثارت مخاوف كبرى من ان تكون قضية السلسلة «دُفنت» رغم مواصلة هيئة التنسيق النقابية ضغطها الكبير الذي تجلى امس في تنفيذها الإضراب العام في المدارس الرسمية والخاصة والادارات العامة والوزارات والسرايا الحكومية والقائمقاميات مستنكرة «استهتار بعض الكتل النيابية بحقوق ثلث الشعب اللبناني» وملوحة بتصعيد أكبر بعد عيد الفصح ما لم يتم إنجاز السلسلة.

وفيما كان مجلس الوزراء يعقد اجتماعاً تخلله تعيين فاطمة عويدات رئيسة لمجلس الخدمة المدنية وحضر فيه ملف سلسلة الرتب والملاحظات الجوهرية عليه، بدت قضية السلسلة متداخلة بقوة مع الاستحقاق الرئاسي من زاويتين:

• الاولى ان جلسة 23 الجاري يمكن ان تعني نهاية اي امكان لمعاودة بحث السلسلة واقرارها في الهيئة العامة قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقد ابلغت مصادر نيابية - قانونية مطلعة الى «الراي» انه بحال تأمن نصاب 86 نائباً لالتئام جلسة 23 وافتُتحت وإن لم تفض الى انتخاب رئيس للجمهورية فان ذلك يعني حكماً ان البرلمان تحوّل هيئة ناخبة لا يمكنها التشريع (حتى يتم انتخاب رئيس)، علماً ان مجلس النواب يصبح حكماً ابتداء من 15 مايو اي في الايام العشرة الاخيرة الفاصلة عن انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي (25 مايو) هيئة ناخبة لا يحتاج انعقادها الى دعوة رئيسه.

وبحسب المصادر النيابية نفسها فانه بحال لم يتأمن النصاب في جلسة 23 ورُفعت دون ان يتخللها اي عمل انتخابي فان البرلمان بامكانه معاودة التشريع حتى 15 مايو.

• والزاوية الثانية ما ظهّره التصويت على احالة السلسة على لجنة نيابية - وزارية تضم في عدادها ايضاً حاكم مصرف لبنان (للتدقيق في صدقية أرقام الواردات والرسوم التي وُضعت من أجل تغطية كلفتة السلسلة التي تناهز ملياري دولار) من اصطصفات نيابية وُضعت في خانة توجيه رسائل حسن نية على خلفية الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً لجهة سير نواب كتلة العماد ميشال عون مع نواب 14 آذار والنائب وليد جنبلاط في التصويت ووقوفه استطراداً بوجه نواب «أمل» و«حزب الله».

وقد اعتُبر سلوك عون الذي خالف مساره في مقاربة السلسلة التي تولى هنْدست مرتكزاتها بعد احالتها من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل نحو عامين النائب في كتلته ابرهيم كنعان (رئيس لجنة المال النيابية) سواء في اللجنة الفرعية او اللجان المشتركة، وهو ما اعتُبر في سياق رغبة «الجنرال» في «تسييل» انفتاحه على «المستقبل» وترجمته عملياً علّ ذلك يعزز جسور التواصل والوصول الى قصر بعبدا.

«لا تهاون في حصرية السلاح بيد الدولة وتحت إمرتها»



جعجع: المرحلة لا تحتمل أنصاف الرؤساء



| بيروت - «الراي» |

حمل البرنامج الرئاسي الذي أعلنه امس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلاصة رؤيته للواقع اللبناني «والتحدي الكياني» الذي يواجهه مركّزاً على منطلقات «ثورة الأرز» في مقاربتها لـ «مشروع الدولة» وعلى الثوابت الوطنية التي تشكل جوهر إعلان بعبدا ومذكرة بكركي الوطنية، ومولياً أهمية قصوى لحصرية السلاح في يد الجيش والأجهزة الأمنية الشرعية «وتحت إمرتها» وتطبيق القرارات الدولية.

وفنّد جعجع في إطلاق برنامجه الرئاسي المشهد اللبناني غامزاً في مفاصل عدة من قناة «حزب الله» وسلاحه دون ان يسميه، ومنطلقاً في الاضاءة على حيثيات خوضه السباق الرئاسي من ان «المرحلة التي نمر بها لا تحتمل أنصاف الحلول ولا انصاف المواقف ولا انصاف الرؤساء»، ومشيراً الى ان «شعار الوسطية تحوّل رمادية مميتة نتجت عنها سياسة عدم الوضوح واللاقرار واللاموقف».

واكد جعجع ان «رئاسة الجمهورية بدأت تستعيد بريقها ومكانتها بفضل المواقف المشرفة لرئيس الجمهورية الحالي العماد ميشال سليمان»، مشيراً الى ان «موقع الرئاسة لا يزال، بعد اتفاق الطائف، يتمتع بصلاحيات مهمة، وقادرا على لعب دور محوري في توجيه بوصلة الحياة السياسية اللبنانية في الاتجاه الوطني الصحيح إذا شغله رئيس يختاره اللبنانيون، من خلال ممثليهم».

ورأى ان «المرحلة التي يمر بها لبنان هي من أخطر المراحل في تاريخه المعاصر، فالدولة والكيان باتا رهن الاستهدافات المتواصلة والمباشرة»، مشيرً الى ان «الدولة لا تحتمل من يقاسمها السلطة والقرار ويعطل مؤسساتها ويقوض مرجعيتها، والكيان لا يحتمل ما يخل بتوازناته ويضرب ميثاقيته ويهدد عيشه المشترك»، مؤكدا ان «مصادرة قرار الدولة هي حالة متمادية ينبغي معالجتها جذريا».

واذ اعتبر ان «موقع رئاسة الجمهورية هو نقطة الانطلاق في دينامية استعادة الدولة من قمة الهرم الى القاعدة»، لفت الى ان «استقامة الحياة السياسية الوطنية لا يمكن ان تتحقق الا بناء على الاعتراف الواضح بجملة ثوابت غير خاضعة للنقاش وشكلت جوهر إعلان بعبدا ومذكرة بكركي الوطنية»، مشيراً الى ان من هذه الثوابت: «استقلال لبنان، احترام الدستور والإلتزام به والحرص على تطبيقه، حياد لبنان». واكد ان «التحدي الكياني يحدونا الى التمسك باتفاق الطائف كإطار سياسي لتكريس الروح الميثاقية وتعزيز المفهوم الدستوري للحياة السياسية، وكسبيل لتحقيق التوازن الوطني واستعادة الجمهورية»، معلناً ان «ليس هناك من دولة في العالم ترضى أن يقاسمها حزب أو تيار السلطة والقرار أو أن يكون قرارها خاضعا لسلطة وتأثير هذا الفريق أو ذاك». وقال: «لذلك لا تهاون ولا تساهل في مبدأ «حصرية السلاح» بيد الدولة وتحت إمرتها».

وفي حين دعا الى «ضرورة أن يلتزم لبنان التزاما تاما بإلغاء عقوبة الإعدام ومعالجة وضع السجون»، قال: «أتطلّع من خلال انتخابات رئاسية ديموقراطية فعلية بعد طول انتظار، إلى استعادة الثقة بلبنان وثقة اللبنانيين بأنفسهم وقدرتهم متضامنين جميعاً ومن دون استثناء أحد على خوض رهان إنقاذ لبنان لأنني أطمح الى وطن ودولة، وأحمل مشروعاً وحلماً».

اضاف: «أنا من الذين اخذتهم الحرب اليها، وأنا بعد طالب، حين عزّ الواجب دفاعاً عن الارض والناس عانينا جميعاً ويلات الحرب ومآسي نظام الوصاية وسطوة السلاح غير الشرعي. وواجهنا الاحتلال والوصاية بكل صلابة وإرادة، حتى الموت والاعتقال… لنلاقي الحرية». وختم جعجع: «قد لا يلاحظ العالم كثيراً ما نفعله اليوم هنا، لكنّه لن يستطيع ابداً ان ينسى ما فعله من سبقونا، من بشير الجميّل، وكمال جنبلاط، والإمام موسى الصدر، ورينيه معوض، ورفيق الحريري وصولاً الى محمد شطح الذي لن أنسى صداقته وشهادته ما حييت. نقف اليوم هنا لنقول معاً إنّ لبنان يستحق، وإنّ رئاسةً من قوة ثورة الأرز وحلم الشهداء لا يمكن إلاّ أن تنتصر… وستنتصر!».