الحرب في ذكراها الـ 39 كأنها تعيد إنتاج «شبحها»
البرلمان اللبناني ساحة لاستحقاقيْن رئاسي و... مطلبي
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
09:58 م
... في مثل هذا اليوم، قبل 39 عاماً، ركب لبنان «بوسطة» الحرب، التي بدت وكأنها تدير الآن محركاتها من جديد، رغم الاعتقاد انها وضعت «خارج الخدمة» في العام 1990، وفي «كاراج» اتفاق الطائف.
في 13 ابريل 2014، مظاهر كثيرة تشبه ما كانت عليه شرارة الاحد الاسود في 13 ابريل 1975، فالتاريخ، الذي لا يعيد نفسه، ربما يتجه قدماً، لكن نحو خلاصات متشابهة.
فمع ذكرى الـ 39 لما عرف بـ«حرب لبنان»، ها هي الحرب «المعلقة» تعود من جديد حول الموقع الاقليمي للبنان و«هويته» وتوازنات السلطة فيه، تماماً كما كان عليه الحال اواسط سبعينات القرن الماضي.
وفي هذه الذكرى، التي تتزامن مع العد التنازلي لانتخاب رئيس جديد للبلاد قبل 25 مايو المقبل، تخرج «شياطين» الصراع الاهلي والاقليمي دفعة واحدة من «القمقم» وكأن لبنان لم يأخذ العبرة من حروبه التي لا تستريح.
وحتى الصراع الاجتماعي الذي كان واحداً من متاريس حرب الـ1975، عاد مجدداً الى الساحة في ذكرى الحرب، فها هي ساحة النجمة (مقر البرلمان) تضج بالاعتصامات والاحتجاجات والصراخ المطلبي.
وستشكّل ذكرى الحرب اليوم ما يشبه «استراحة محارب» ولاسيما انها تتزامن مع احد الشعانين لدى الطوائف المسيحية على ان يشهد الاسبوع الطالع مجموعة محطات بارزة يتداخل فيها السياسي بالمعيشي - الاجتماعي.
فبعد غد يلتئم مجلس النواب التي اُحيلت عليه «كرة نار» سلسلة الرتب والرواتب الجديدة (لموظفي القطاع العام العاملين والمتقاعدين والمعلّمين) التي فجّرت مواجهة غير مسبوقة بين القطاع المصرفي والبرلمان تُرجم بإضراب المصارف اول من امس احتجاجاً على اقتراح اللجان النيابية رفع الضريبة على فوائد الودائع المصرفية من 5 الى 7 في المئة، وفرض ضريبة على اكتتابات المصارف بسندات الخزينة، من أجل تمويل كلفة السلسلة.
ومع احتواء «العاصفة» التي سادت على خط جمعية المصارف - البرلمان ولا سيما عقب رفع احد نواب كتلة الرئيس نبيه بري دعوى (تم تجميدها لاحقاً) على رئيس الجمعية فرانسوا باسيل بتهمة القدح والذم وتحقير مجلس النواب عبر اتهامه بسرقة المال العام، لا تبدو طريق سلسلة الرتب معبّدة في الهيئة العامة للبرلمان وسط توقعات بان تتطلب مناقشتها بنداً بنداً أكثر من جلسة ولاسيما البنود - الالغام سواء المتصلة برفع ضريبة الـ tva (تُرك امر بتها للهيئة العامة) او الضريبة على الفوائد المصرفية او ما يقال عن اقتراح تجزئة السلسلة على 3 او 4 سنوات وهو ما كانت هيئة التنسيق النقابية حذّرت من اي سير به تحت طائلة اعلان الاضراب العام المفتوح.
واذا كان إنجاز اللجان المشتركة ليل اول من امس غالبية مصادر تمويل السلسلة وسط خلافات على مدى واقعية الارقام المقترحة، فان «سخونة» كبيرة يتوقع ان تطبع جلسة الهيئة العامة ولاسيما ان بعض الكتل تربط السير بالسلسة بإنجاز اصلاحات وتوافر واردات مالية واضحة، على غرار ما اعلن رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الذي اكد ايضاً «اننا لن نصوّت على اي زيادة، رغم الاعتبارات المشروعة، اذا لم يتم الدخول والشروع في عملية اصلاح حقيقية في الادارات والمؤسسات العامة».
وفي حين تتمسك المصارف بموقفها الرافض الاقتطاعات الضريبية التي تطال ارباحها وفوائد المودعين، تبرز في بيروت مخاوف من تداعيات ملف السلسلة على الواقع المالي في لحظة رفْع وكالة «ستاندارد اند بورز» تصنيف لبنان الائتماني من درجة سلبية إلى درجة مستقرّ.
وبعد «اختبار» الجلسة التشريعية الثلاثاء، تتجه الانظار الى الاربعاء اذ يعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع برنامجه الانتخابي وسط استعداد في 14 آذار لتبني ترشيحه، وهو ما مهّد له انسحاب الوزير بطرس حرب «التكتيكي» من اعلان ترشيحه في اطار تهيئة المناخ للسير برئيس «القوات» كمرشح المواجهة.
وفي الوقت الفاصل عن يوم الأربعاء تتّجه الأنظار الى مقر رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري في الرياض الذي تحوّل اشبه بـ «خلية نحل» من لقاءات مع قادة في التيار بينهم الرئيس فؤاد السنيورة ووزراء من فريقه مثل الوزير نهاد المشوق وآخرين في اطار الاستعداد لحسم الموقف من ترشيح جعجع، بناء على نتائج اتصالات ثنائية تجري مع مختلف مكونات 14 آذار والمرشحين الآخرين الذين يبقى منهم الرئيس امين الحميل والنائب روبير غانم وذلك ملاقاةً للتوقعات بان يدعو الرئيس بري الى اول جلسة انتخاب بعد 16 الجاري وعلى الارجح بعد عيد الفصح اي في 22 او 23 ابريل وفق ما ابلغ رئيس البرلمان الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
وقالت اوساط واسعة الاطلاع لـ«الراي» ان سيناريو الانتخابات الرئاسية ما زال غامضاً رغم الايحاءات التي كانت سادت اخيراً عن امكان حصول ما يشبه التفاهم على «سلة شاملة» تتناول اسم رئيس الجمهورية الجديد ورئاسة حكومة العهد المقبل، اضافة الى قانون الانتخاب.
فرغم ما وُصف بانه «ترويج» من قوى «8 آذار» لمثل هذه الصفقة في اطار عملية «جس نبض» لـ «14 آذار»، لاسيما لزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، فان الانطباعات التي سادت اخيراً عكست تراجعاً لهذا «التفاهم الافتراضي» بين الطرفين.
وثمة معلومات في بيروت اشارت الى ان عدم رغبة الحريري في العودة الى البلاد في المرحلة الراهنة، أسقط امكان حصول مقايضة الهدف منها التفاهم على وصوله الى رئاسة الحكومة مقابل تفاهم مماثل على اسم رئيس الجمهورية المقبل.
ومما عزز هذه الخلاصة الاتجاهات المتزايدة الى تبني الحريري و«14 آذار» عموماً لترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية، والمضي قدماً في دعمه.
وثمة مَن يعتقد في بيروت ان هذا الامر يزيد من مستويات الغموض الذي يحوط المعركة الرئاسية في ضوء عدم رغبة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في مواجهة جعجع، واحتمال عزوف النائب سليمان فرنجية عن خوض المعركة لانعدام حظوظه.