الرسم التشبيهي للرئيس اللبناني الجديد يعكس التوازن بين «8 و 14 آذار»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
09:58 م
ينظر الخارج القريب والبعيد للبنان على انه جزء من «البازل» الاقليمي المصاب في هذه المرحلة «بحمى» انتخابات تجري على الحامي، على غرار الاستحقاقات التي تنتظر بيروت والقاهرة وبغداد ودمشق ايضاً، وهو المخاض الذي يستنفر اللاعبين الاقليميين الاكثر تأثيراً كالمملكة العربية السعودية وايران، اضافة الى لاعبين دوليين في مقدمهم الولايات المتحدة والاتحاد الروسي.
وثمة انطباع في بيروت التي نجحت «عصاها السحرية» في خفض التوترات الامنية، بأن في الافق الاقليمي ما يوحي بوجود ارداة لتثبيت «الستاتيكو» الحالي القائم على «التوازن السياسي السلبي» الذي يحكم البلاد ما دامت سورية تراوح الآن فوق فوهة من التوازن العسكري السلبي الذي يصعب على الاطراف المتصارعة داخل حلبة «الدم والرماد» كسره او ترجيحه.
ومن غير المستبعد، في تقدير اوساط على صلة بالحراك الاقليمي، ان تكون حصة لبنان من الترتيبات التي تتجه اليها المنطقة “سلة تفاهمات” تتجاوز الاستحقاق الرئاسي الذي وُضع على نار خافتة لانضاج “طبخته” قبل نهاية مهلته الدستورية في 25 مايو المقبل، لتشمل معاودة صوغ التوازنات الحالية داخل المؤسستين التنفيذية والتشريعية على حد سواء.
وثمة مَن يعتقد في هذا السياق ان «الطبخة الاقليمية» التي يجري اعدادها للاستحقاقات اللبنانية تنطلق من حقائق اكدها نحو عقد من التطورات الحامية في البلاد، واهمها استحالة كسر التوازن السلبي القائم بين معسكريْ «8 و 14 آذار»، وهو الامر الذي يجعل من الاقلية الدرزية - الارمنية «حارسة» لهذا الستاتيكو ومانعة لطغيان طرف على آخر.
وفي رأي أنصار هذا الاتجاه ان لا قوى «14 آذار» استطاعت ان تحكم ايام ما يعرف بـ «الحكومة البتراء» التي قاطعتها «8 آذار» بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، ولا حكومة «حزب الله» التي شُكلت برئاسة نجيب ميقاتي وأقصت «14 آذار» بعدما ابعدت الزعيم السني الابرز سعد الحريري عن السلطة، تمكنت هي الاخرى من أن تحكم.
محاولة «نفض الغبار» الآن عن هذه «الفلسفة» من فهم لعبة التوازنات في لبنان، القصد منها القول ان إنتاج اسم الرئيس الجديد للجمهورية لن يتم بمعزل عن اتفاق بين «8 و 14 آذار»، رغم المناورات الكثيفة التي يمكن ان تطلق في الطريق الى صندوقة الاقتراع في ساحة النجمة (مقر البرلمان).
فالخارج، القريب والبعيد، على حد سواء هو اكثر ميلاً لوصول رئيس للجمهورية يحظى بموافقة طرفيْ الصراع في لبنان، لانه سيكون اكثر قدرة على ادارة الازمة وحفظ ما امكن من استقرار، اضافة الى ان الاستقطاب الحاد بين الكتلتين القويتين في الداخل لن يفضي الا الى رئيس على طريقة «لا غالب ولا مغلوب».
وثمة من يقدم تجربة الحكومة الحالية نموذجاً، اذا لم يكن ممكناً للرئيس تمام سلام الذي باركته المملكة العربية السعودية، الوصول الى السرايا الحكومية لو لم تسميه «8 آذار» (حلفاء ايران) وترفع من امامه «الفيتوات» التي حالت دون تشكيل الحكومة لاكثر من عشرة اشهر.
وعلى اهمية موقع الرئاسة في جمهورية ما بعد الطائف، فان الاهم في الـ «DEAL» الذي يكثر الحديث عنه بـ «صمت» يتناول قانون الانتخاب الجديد، الذي لن يؤدي في نهاية المطاف الا الى تثبيت التوازنات الحالية بين «8 و 14 آذار» على ان تبقى الاقلية الدرزية - الارمنية ضامنة لهذا التوازن الشديد الحساسية.
وتحت هذا السقف ينشط الحراك السياسي في البلاد على خط الاستحقاق الرئاسي، وسط تقديرات تشير الى ان «14 آذار» ذاهبة لتبني ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وتمتْرس قوى «8 آذار» خلف الترشيح غير الرسمي لزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون.
هذا «التقابل» في المواجهة، من المتوقع ان يكون سياسياً وعلى صلة بادارة التحالفات داخل الفريقين في اطار لعبة تحسين الشروط المتصلة بتسميه الرئيس الجديد الملائم لمقتضيات الدور الذي سيضطلع به في حمأة العاصفة اللاهبة في المنطقة وارتداداتها على لبنان.