الدكتور وليد التنيب / قبل الجراحة
قرية جاسم
بقلم: الدكتور وليد التنيب
1 يناير 1970
04:51 م
صاحبنا جاسم الذي يعيش في قرية جاسم، وجاسم معظمكم يعرفه... المهم صاحبنا جاسم دائم الشكوى... يشتكي من كل شيء ولا يعجبه أي شيء في قريته.
يدّعي جاسم أن قريته بها من المقومات ما يجعلها من الدول المتقدمة أو الدول العظمى!
ويدّعي جاسم أن الحكومة في قريته فاسدة ومرتشية، لذلك فإن التقدم في قريته ليس له مكان... جاسم وأصدقاؤه شكواهم تتكرر كل يوم... والحكومة في قرية جاسم تدّعي أيضاً أنها حكومة مستقيمة وتحارب الفساد والرشوة... وأن الرشوة والفساد لا مكان لهما في قرية جاسم.
و تزيد الحكومة بدفاعها عن نفسها، بأن الأدلة كثيرة على أن الحكومة مستقيمة. ومن الأدلة التي تتكلم عنها حكومة قرية جاسم، مشاريعها الكبيرة التي نفذتها ومشاريعها في طور التنفيذ.
والحكومة في قرية جاسم - ترى في قرارة نفسها - أن سبب مشاكل القرية هم المواطنون وكثرة طلباتهم وأن لا شيء يعجبهم أبداً، وأن هؤلاء المواطنين قد تمادوا جداً ويجب أن تتخذ أسلوباً جديداً ومبتكراً... ولأن حكومة قرية جاسم متطورة، فقد استعانت بمستشارين من خارج القرية.
وجاء تقرير المستشار... وقررت الحكومة تطبيق ما أشار به هذا المستشار.
طلب المستشار من الحكومة أن تكون هي المبادرة وصاحبة الكلمة الأولى.
فكّرت الحكومة... وقررت أن تكون هي المبادرة... ولأن الشعب كان يُعدّ العدة للإضراب عن العمل، فقد بادرت حكومة قرية جاسم - بعد تفكير عميق - وكان أول قراراتها هي أن تُضرب عن العمل قبل أن يُضرب المواطنون!
أضربت الحكومة عن العمل... والغريب أنه، بعد إضراب الحكومة، بدأت أمور البلد تتحسن والمشاريع تنجز والكل بدأ يلاحظ حسن نتائج التنمية... حتى حكام الكرة تحسّن مستوى التحكيم عندهم!
واجتمع أهل القرية، وقرروا تغيير اسم القرية إلى... «قرية ماشية على البركة».