في ذكرى الرصاصات الثلاث لاغتياله بدأ معركة «الثلاثة أصوات»
جعجع يرمي ترشيحه للرئاسة في ملعب الحلفاء والخصوم
| بيروت - من ليندا عازار |
1 يناير 1970
08:12 م
4 ابريل 2012: رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ينجو بأعجوبة من ثلاث رصاصات أطلقها قنّاص واخترقت أسوار «قلعته الأمنية» في معراب و»أفلت» منها بـ «فارق سنتيمترات قليلة».
4 ابريل 2014: جعجع «يضغط على الزناد» مطلقاً رسمياً بترشيحه من حزب «القوات» السباق الرئاسي في لبنان ومعركة «الثلاثة أصوات» النيابية التي يعتقد ان تأمينها سيكون كفيلاً بإدخاله قصر بعبدا بحلول 25 مايو المقبل.
واذا كانت محاولة شطْب «الحكيم» (اللقب الذي يطلقه القواتيون على جعجع) قبل عامين والتي أعطت إشارة انتهاء مفعول «هدنة الاغتيالات» التي أرساها اتفاق الدوحة (العام 2008) قوبلت في حينه بسلوك «انتظاري» لقوى 14 آذار على قاعدة «الصمود» داخلياً من ضمن سياسة «محسوبة» انطلقت من ان «الاولوية في المنطقة هي للوضع السوري ولا افق عربياً او دولياً لاي تحرك يمكن ان نقوم به على قاعدة خوض معارك للنهاية» كما قال جعجع نفسه في حينه، فان اندفاعة رئيس «القوات» الى الحلبة الرئاسية بإعلان اول ترشيح رسمي حمل في جوهره مجموعة أبعاد تعكس تبدُّل مقاربته للوقائع على «رقعة الشطرنج» الاقليمية هو الذي وضع خطوته في سياق إحداث «التوازن الاستراتيجي مع حزب الله»، موضحاً «اننا امام خيار من اثنين: إما ان نكمل كما نحن والنتيجة لا استقرار وتدهور مستمر على كافة الصعد وإما ان نستجمع قوانا بخطوة غير عادية لاحداث نقلة نوعية في محاولة للخروج معا مما نحن فيه الى الواقع الجديد المرتجى».
وقد يواجَه جعجع (61 عاماً) بأسئلة تتمحور حول ما الذي تغيّر ليرتدّ على «الواقعية» التي كانت حملت 14 آذار منذ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العام 2011 وإقصاء 14 آذار عن السلطة الى اعتماد سياسة خوض «معارك» مع «حزب الله» وحول سلاحه لا مجال فيها لفوز إلا «بالنقاط»، على قاعدة ان زمن التسويات الكبرى لم يحن بعد، ما يعني عدم وجود «وعاء» خارجي يمكنه ان يشكّل «القابلة» لولادة الحلّ المتكامل للوضع اللبناني برمّته ومن ضمنه سلاح «حزب الله».
ولأن جعجع هو القائد العسكري ابان الحرب الاهلية، ورمز «النضال» في نظر مناصريه الذين انتظروه ليخرج من «زنزانة الاضطهاد» التي قبع فيها 11 عاماً زمن الوصاية السورية، والسياسي «المبدئي» الذي قيل فيه انه «رجل المواقف لا المواسم» والذي نجح بعد الـ 2005 في إزالة ترسيمات الحرب و«العبور» الى المقلب الطائفي الآخر الذي كان يبدو «مستحيلاً» عليه، فانه بترشيحه الذي يستكمله بعد نحو عشرة ايام بإعلان برنامجه الرئاسي بدا موظِّفاً كل «خبراته» في معركة متعددة الجبهة قد تكون لها واحدة من ثلاث وظائف او الثلاث معاً:
* الفوز فعلاً في الانتخابات الرئاسية انطلاقاً من قراءة يملكها للواقع الاقليمي يشتمّ منها «رائحة» مسار مواجهة في المنطقة، ومن «بوانتاج» داخلي يجعل تأمين ثلاثة أصوات لضمان أكثرية النصف زائد واحد في الدورة الثانية «غير مستحيل».
* «تعطيل» ترشيح خصمه «التاريخي» اللدود العماد ميشال عون من فريق 8 آذار، باعتبار ان خوض جعجع السباق سيتسبب بحرق «الجنرال» الذي لن يكون قادراً في ظل دعم 14 آذار له (جعجع) على نيل اكثرية الثلثين في الدورة الاولى ولا اكثرية النصف زائد واحد (65 نائباً) في الدورة الثانية من الجلسة الانتخابية.
* ان يتحوّل ناخباً رئيسياً في الاستحقاق الرئاسي بمعنى ان يجيّر اي تنازل يمكن ان يقوم به لمصلحة مرشح آخر من 14 آذار يملك حيثية تمثيلية مسيحياً ولـ «روح ثورة الأرز» مثل النائب بطرس حرب وليس السير، اذا اقتضت تسوية ربع الساعة الاخير ذلك، بمرشح من نوع «لا لون ولا نكهة».
وبصرف النظر عن ايٍّ من هذه الاعتبارات تتحكّم بإعلان جعجع ترشيحه الذي جرى بعد اجتماعين للهيئة التنفيذية وللهيئة العامة في حزب «القوات»، فان الاكيد انها شكّلت إحراجاً لحلفائه قبل خصومه وحجزت له مكانة متقدمة بين المرشحين الاوائل والجديين في 14 آذار وبينهم الرئيس امين الجميّل والنائب حرب والنائب روبير غانم.
واذا كان الترشح الرسمي امس من داخل «البيت القواتي» طغى عليه البُعد الحزبي الصرف، فان الإعلان عن البرنامج الإنتخابي سيشكّل محطة سياسية بارزة اذ يُنتظر ان يحصل ذلك في احتفال كبير يتوقع أن يحضره قادة قوى 14 آذار، على ان تجري في الفترة الفاصلة عن هذه المحطة اتصالات مكثفة بين مختلف مكوّنات هذا الفريق لاختيار مرشّح واحد يخوض عبره الانتخابات الرئاسية، وسط معلومات عن ان الاتصالات التي أجراها جعجع مع حلفائه باركت ترشيحه ولم تتبناه ليُحسم الأمر من ضمن إجماع قوى 14 آذار.
وبعيد اعلان ترشحه، اكد جعجع «انني وضعت كل حلفائي باجواء بانتخابات الرئاسة و14 آذار لم تتخذ موقفا بعد، وحكماً ترشحي يبدأ من القوات والآن وُضع الموضوع على طاولة 14 آذار». واذ رأى ان «الوضع بالبلد لا يمكنه ان يكمل كما هو ويحتاج لنقلة نوعية»، لفت الى «ان لدي مشروعا لاخراج لبنان من الوضع الذي هو فيه وحلفائي اقرب الناس اليّ والدستور هو ورقة التفاهم للجميع».
وفي مستهلّ اجتماع الهيئة التنفيذية اشار رئيس «القوات» الى ان اعلان ترشيحه «قد يشكل مفترقا هاما في تاريخ لبنان الذي يعيش حال تدهور طال كافة جوانب حياتنا الوطنية فصورة لبنان في الخارج ضربت والثقة بلبنان اهتزت ما دفع بدول عربية الى منع مواطنيها من القدوم الى لبنان كذلك فعلت دول غربية». ولفت الى «ان حدود لبنان لم تعد واضحة المعالم بعد اختراقها على نطاق واسع ذهابا وايابا للقتال في سورية وسيادة الدولة استبيحت بفعل السلاح غير الشرعي بالداخل».