«حزب الله» قاطع وسليمان ردّ بالدعوة لجلسة في 5 مايو

حسابات الاستحقاق الرئاسي في لبنان خيّمت على «حوار القصر»

1 يناير 1970 08:28 م
كان ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان «الغائب الأكثر حضوراً» في اجتماع هيئة الحوار الوطني العائدة «الى الحياة» بعد انقطاع لنحو 17 شهراً، وشكّل «الخيطَ» الذي تحكّم بغياب أفرقاء وحضور آخرين، فيما جاء «الكباش» المستمر بين رئيس الجمهورية و«حزب الله» حول «الخشب والذهب» في توصيف معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» ومشاركة الحزب في الحرب السورية وتنصّله من «إعلان بعبدا» بمثابة «الناظم» لموقف سليمان الذي أصرّ على الدعوة الى جلسة جديدة لـ «طاولة القصر» في 5 مايو المقبل رغم مقاطعة «حزب الله» الذي وجّه بذلك «رسالة قطيعة» الى رأس الدولة.

وفيما كانت الأنظار في بيروت على جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت عصراً على «وهج» تصاعُد الاعتراضات الشعبية التي تحاصرها والبرلمان مع اضراب المياومين في الكهرباء امس، واضراب المراقبين الجويين في مطار بيروت لساعتين اليوم والاضراب العام لهيئة التنسيق النقابية غداً، التأمت هيئة الحوار التي كانت مخصصة لاستكمال البحث في بند الاستراتيجية الوطنية للدفاع وسط «حسابات» لأقطابها أملت على البعض المقاطعة وعلى البعض الآخر الحضور، في مشهد ظهّر تمايزات داخل كل من فريقيْ 8 و 14 آذار حيال كيفية مقاربة موضوع الحوار و»جدواه» ولكنه عكس في الوقت نفسه رغبة الجميع في البقاء تحت سقف التفاهم الذي أرسى «تعايش الضرورة» في حكومة الرئيس تمام سلام.

واذا كان فريق 14 آذار، الذي تمايز عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالاستمرار في عدم المشاركة لعدم اقتناعه بجدية «حزب الله» في الحوار ولا سيما بعد قراره بالمقاطعة، أراد بمشاركته تسليف خطوة حسن نيات واستجابة لرئيس الجمهورية الذي يواجه هجمة شرسة من «حزب الله»، فان رئيس البرلمان نبيه بري انطلق في حساباته في الحضور من «حرية خيار» تركها له «حزب الله» باعتبار ان بري هو «عرّاب» فكرة الحوار التي انعقدت بنسختها الاولى في مارس 2006 في مقرّ مجلس النواب. اما العماد ميشال عون فأتت مشاركته في إطار «سياسة الوصل» التي يعتمدها في الفترة الاخيرة مواكبةً لترشحه الى الانتخابات الرئاسية وعدم رغبته في زج نفسه في صراعات استقطابية تُدخله في «سياسة القطع» مع أطراف دون أخرى.

وشكّلت مقاطعة «حزب الله»، الذي تضامن معه النائبان طلال ارسلان واسعد حردان الى جانب غياب النائب سليمان فرنجية المكرَّر، سابقة منذ انطلاقة الحوار، في خطوة أفرغت عملياً «الطاولة» من مضمونها الأهم باعتبار ان بندها الرئيسي يتمثل في الاستراتيجية الدفاعية التي تشكّل الاسم الحرَكي لسلاح الحزب.

وبدا واضحاً ان «حزب الله» الذي ربط امينه العام السيد حسن نصر الله تلبية الدعوة الى الحوار بانتخاب رئيس جديد، أراد بمقاطعته الردّ على مواقف سليمان التصاعدية سواء لجهة وصفه معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» التي يعتبرها الحزب ذهبية بانها «خشبية» او لجهة اعتراضه على انخراط الحزب عسكرياً في سورية او انتقاده تراجُع الحزب عن التسليم بـ «اعلان بعبدا» الذي أُقر في الحوار وينص على تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية.

وأرفق «حزب الله» غيابه بأجواء عمّمتها صحف قريبة منه اشارت الى ان «سليمان أخطأ في مبدأ الدعوة الى طاولة الحوار في الأيام الاخيرة من عهده»، لافتة الى أن «أحداً ليس بصدد تعويمه او التبرع بهدايا سياسية له في نهاية ولايته، وتحديداً بعد المواقف السلبية التي أطلقها حيال المقاومة»، وواصفة سليمان بـ «الرئيس السابق»، في ما بدا اشارة اضافية الى قطع الحزب الطريق على اي امكان لتمديد ولاية الرئيس الحالي، في حين قرأت اوساط 14 آذار في سلوك «حزب الله» رسالة الى الرئيس المقبل ومحاولة لرسم «خطوط حمر» استباقية امامه في ملف سلاح المقاومة.

واذا كان تحديد سليمان 5 مايو موعداً لجلسة اخيرة للحوار قبل انتهاء ولايته (في 25 مايو) فاجأ الاوساط السياسية وشكّل رداً اضافياً على «حزب الله»، فان سياق جلسة الحوار التي تطرقت الى مختلف الملفات السياسية والامنية في لبنان الى جانب لاتصور الذي كان سليمان وضعه للاستراتيجية الدفاعية، حمل اشارات اضافية الى «الود المقطوع» بين سليمان و«حزب الله».

فقد اشارت معلومات الى ان رئيس الجمهورية تعمّد في بداية جلسة الحوار «التشاوري» بث تسجيل يظهر موافقة جميع أطراف الحوار على اعلان بعبدا في جلسة 11 يونيو 2012 وذلك في ردّ مزدوج على فرنجية وعلى «حزب الله» الذي عاد ووصف الاعلان بانه «وُلد ميتاً ولم يبق منه الا الحبر على ورق».

اما الردّ الاكثر تعبيراً فجاء في البيان الختامي للجلسة وتحديداً في البند الثالث الذي ربط الاستراتيجية الدفاعية بالدفاع عن لبنان حصراً بعدما تطرق الى تداعيات الأزمة السورية في اشارة ضمنية الى انخراط «حزب الله» العسكري في هذه الازمة. وجاء في البند ان «التهديدات الإسرائيلية المتمادية ضد لبنان والمماطلة في تنفيذ كامل مندرجات القرار 1701 وتزايد مخاطر الإرهاب ولا سيما المخاطر الناتجة من تداعيات الأزمة السورية والسلاح المنتشر بصورة عشوائية بين أيدي المواطنين والمقيمين تستوجب التوافق على استراتيجية وطنية للدفاع حصرا عن لبنان».

ولم يغب الملف الامني عن مداولات هيئة الحوار مع بدء الخطوات التمهيدية لتنفيذ الخطة الامنية ولا سيما في طرابلس والبقاع الشمالي، وسط أجواء تشير الى تعمُد تأخير «الساعة الصفر» لبدء العملية في طرابلس افساحاً في المجال امام مغادرة قادة المحاور في باب التبانة وجبل محسن المنطقة تفادياً لصدامات مع الجيش قد تكون مكلفة على المدينة وخصوصاً مع اصدار القضاء امس 200 استنابة قضائية تشمل قادة المحاور وشخصيات بينها الزعيم العلوي علي عيد ونجله رفعت اللذين تزايدت المؤشرات الى انهما باتا خارج لبنان.