هيل: عندما يحارب أشخاص في سورية يجلبون الحرب والعنف إلى بلدهم

لبنان في «العناية المركّزة الدولية - الإقليمية»

1 يناير 1970 06:40 م
يبدو لبنان هذه الأيام وكأنّه دخل غرفة «العناية المركّزة» وسط معاينة دولية وعربية لصيقة لواقعه المعقّد الذي سرعان ما استهلك المفاعيل الايجابية لاستيلاد الحكومة الجديدة التي عبَرت البرلمان (نالت الثقة) وعبّرت عن «ربْط نزاع» فعلي بين طرفيْ الصراع في البلاد اي 8 و14 آذار وحلفائهما الخارجيين.

ويتركّز الاهتمام الاقليمي - الدولي على الوضع اللبناني من زاوية ملاقاة بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية (مدّتها شهران) المقبل، ومواكبة تداعيات التطورات العسكرية في الحرب السورية ولاسيما على جبهتيْ القلمون وريف حمص والتي تتدحرج «كرة نارها» في المقلب اللبناني من البقاع الى الشمال.

واذ كانت المخاوف من تسرُّب مقاتلين من الحدود السورية الى لبنان عبر عرسال بقاعاً ووادي خالد شمالاً زادت من وطأة الهواجس المتصلة بتشظيات الأزمة السورية لبنانياً، فان النقطة الاكثر «سخونة» ومثاراً للخشية تبقى طرابلس التي يتمّ التعاطي مع «حريقها» على انه مؤشر سلبي الى المنحى الذي يمكن ان يسلكه مسار الاستحقاق الرئاسي (موعد الحد الاقصى لارجاءه 25 مايو) في ظل «سوء الرؤية» اقليمياً ودولياً في لحظة اشتداد التجاذب الاميركي - الروسي حول اوكرانيا وشبه جزيرة القرم.

ومن هنا بدت المقاربة الدولية - العربية للواقع اللبناني «مرتابة» وهو ما عكسته مجموعة من المؤشرات والتطورات أبرزها:

* الاتصال الذي تلقاه الرئيس تمام سلام غداة نيل حكومته من الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي هنأه بالنجاح في تشكيل الحكومة الائتلافية، مؤكداً «أهمية اجراء استحقاق الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية ومن دون أي تدخل خارجي»، ومشدداً على «أهمية الوحدة الوطنية وتعزيز سياسة النأي بالنفس واستمرار الولايات المتحدة في دعم لبنان».

وما لم يقله اوباما مباشرة عبّر عنه سفيره في بيروت ديفيد هيل بعد زيارته سلام امس اذ اكد ان «دور الولايات المتحدة المساعدة مع المجتمع الدولي لتمكين اللبنانيين من ان تكون لهم فرصة في اختيار رئيسهم الجديد بالتوافق مع دستورهم وبحرية بعيدا عن التدخل الخارجي»، مؤكداً «أننا نريد المساعدة في حماية الاستحقاق الرئاسي وعدم تمكين التدخلات الخارجية من تحديد الخيار وهو حق للبنانيين فقط في القيام به».

وأشار الى ان «سياسة النأي بالنفس اللبنانية عن النزاع في سورية هي الأصح، لذلك ندعم ونحضّ على التزام اعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس فعندما يحارب أشخاص من لبنان في سورية او عن السوريين فهم يجلبون الحرب والعنف الى لبنان، ونرى التداعيات المأسوية لعدم الالتزام بالنأي بالنفس على مجمل الأراضي اللبنانية أكان في طرابلس او عرسال وهناك عدد كبير من التقارير الواردة حول التدخل السوري على الأراضي اللبنانية وان أفعال نظام الاسد تجبر السوريين على الهروب الى لبنان».

وأكد هيل أن «أميركا تدين الاعتداءات المتكررة على السيادة اللبنانية من القوات السورية وتدين القتال في طرابلس وكل الأفعال التي تعرض لبنان لخطر الانجرار الى الحرب الحاصلة داخل سورية»، لافتا الى ان «نظام الرئيس بشار الاسد هو الفاعل وليس هو ضحية العنف والارهاب وان دعم هذا النظام هو الذي يؤخر وضع حد للنزاع وبالتالي ازدياد المخاطر على لبنان».

* محادثات وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في بيروت والتي وضعها في سياق «الرسالة الى العالم العربي باستئناف مصر دورها العروبي والعربي»، وهو ما اكتسب دلالته لانه جاء عشية القمة العربية في الكويت. علماً ان لقاءات فهمي في لبنان شملت الى كبار المسؤولين عدداً من القادة السياسيين بينهم الرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع ووزير «حزب الله» في الحكومة حسين الحاج حسن.

وفي موازاة ذلك، يشهد لبنان عشية قمة الكويت وغداتها دينامية داخلية سياسية وأمنية في محاولة لاحتواء التوترات وتطبيع الوضع في ملاقاة الاستحقاق الرئاسي. وفيما يلتئم المجلس الاعلى للدفاع يوم غد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في اطار السعي لتنسيق الجهود لمواجهة ملف طرابلس والواقع الحدودي مع سورية، فان هذا الامر سيكون ايضاً محور اول جلسة عمل تعقدها الحكومة بعد نيلها الثقة يوم الخميس المقبل.

على ان المحطة الأهمّ في الاجندة الداخلية تبقى الدعوة التي وجّهها الرئيس سليمان امس الى أقطاب هيئة الحوار الوطني الـ 19 (انضم اليهم سلام كرئيس للحكومة) للاجتماع في 31 الجاري «للتوافق على كيفية مواجهة الأخطار المحدقة بلبنان وفي مقدمها المتأتية عن العدو الاسرائيلي وعن الارهاب وعن السلاح المنتشر عشوائياً بين أيدي المواطنين والمقيمين»، مشيراً في الدعوة، الى «دقة التطورات الراهنة وحجم انعكاساتها على الساحة الوطنية ربطاً بالأحداث المفصلية اقليمياً ودولياً»، ومحدداً جدول أعمال هيئة الحوار بمناقشة تصوره للاستراتيجية الوطنية للدفاع الذي قدمه في 20 سبتمبر 2012... «ومن ضمنها موضوع السلاح» في اشارة ضمنية الى سلاح «حزب الله».

وفي حين تقاطعت المعلومات عند ان سليمان وجّه الدعوات الى الحوار من دون اي تشاور مسبق مع القادة السياسيين المعنيين، ثمة ترقب لموقفيْن من الدعوات، الاول من «القوات اللبنانية» المتريّة حتى الساعة والتي كانت قاطعت آخر جولة من الحوار بحجة ما اعتبرته «لا جدّية حزب الله» ازاء مقاربة ملف سلاحه ورفضت المشاركة في الحكومة الحالية لانها لم تحصل على ضمانات كافية حول هذا السلاح وانخراط الحزب بالقتال في سورية. اما الموقف الثاني فلحزب الله واذا كان «الكباش» الكلامي بينه وبين سليمان على خلفية وصف الاخير معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» التي سقطت من البيان الوزاري بانها «خشبية» ودعوة الحزب للانسحاب من سورية، ستفضي الى عدم تلبيته الدعوة للحوار. علماً ان احد نواب «حزب الله» سبق ان ربط ضمناً قبل فترة قصيرة بين انتخاب رئيس جديد واستئناف الحوار حول «الاستراتيجية الوطنية للدفاع».