د. تركي العازمي / وجع الحروف

القيادي ... وتنازلات من أجل البقاء !

1 يناير 1970 06:32 ص
في عام 2002 كانت تربطني علاقة طيبة بأحد القياديين البارزين على الساحة... كان على خلق، ويعتمد ويعمل بسياسة الباب المفتوح وصاحب قرار وكنت معجبا به أشد الإعجاب ومرت الأعوام وأنا على يقين بأن المنصب القيادي مفسد بطبيعته لأن القيادي يتم ترشيحه للمنصب لتوافر عوامل عدة منها حسن السيرة والسلوك والرؤية وغيرها من الخصال الطيبة كالأمانة والنزاهة.... وبعد تسلمه للمنصب القيادي يتعرض لأمور لم يكن يعتاد عليها في وظائفه السابقة حيث الإغراءات وجهله ببعض التابعين له!

ذلك القيادي ذكرت له بعد الانتهاء من مناقشة رسالة الماجستير في عام 2007 «ربعك المحيطين بك ما ينشد فيهم الظهر... أحسن الاختيار فقد يأتي اليوم الذي يوقعونك فيه بحفرة لا خروج منها!».

لم يستمع لنصيحتي التي سقتها من باب تقديري له قبل أن يتغير... والنتيجة خرج من المنصب القيادي بشكل محزن بعيدا عن انعكاسات «الفلاشات» وبخبر صغير بعد أن كانت أخباره تتناقلها الصحف!

هذا هو حال قياديينا... يحاطون بمجموعة همها الأول والأخير البقاء على كراسيها والتمتع بالمزايا وإن لزم الأمر أن يعيثوا في الأرض فسادا «عادي»... أهم شيء البقاء!

واليوم... تذكرت حادثة ذلك القيادي عند مناقشتي لحال بعض القياديين ممن نسفتهم رياح التغيير بعد أن «فاحت ريحة فسادهم»... ولم يؤمنوا بقول «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك»!

أحدهم يقول لي «يا تركي حنا ما حنا أغبياء.....» وكنت أردد «الذكاء يعرف وهناك فرق بين الذكاء الذي يتم توظيفه أخلاقيا وذاك الذي يركز على «نشر المفسدة» قياديا وأخلاقيا وابتسامة تتبعها طعنة!

وآخر يتظاهر بأنه يفهم كل شيء ويصرح بما يعرف وما لا يعرف... «يعني بتاع كله» ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير من خلقه!

الغريب أن أحد القياديين غالبا ما ينبه تابعيه «يا أخي حط حاجز بينك وبين موظفينك...» وكنت من أشد المعارضين لهذا المبدأ لأن التواضع انعكاساته جميلة مادامت المهام الوظيفية في أطرها المرسومة وهو ما تعلمته من المشرف على عملي في أميركا عام 1990 عندما كنت أعمل مشغلا للمختبرات في الجامعة.

إن أخطر ما يواجهه القيادي يكمن في تنفيذه لتعليمات تخالف قناعاته لأجل البقاء في منصبه... يا أخي «بستين داهية» المنصب إذا كان المطلوب فيه ضرر لـ «الغلابة»!

لذلك، إذا رشحت لمنصب قيادي فكن على يقين بأنك مقبل على تنازلات من أجل البقاء فانتبه إلى كل ما فيه مس للسلوك الأخلاقي والمخالف للعادات والتقاليد وأما التنازلات المقبولة فلا بأس من المرونة في حدود المقبول وإياك و«فلس الحرام» فتدميره لا علاج له واختر فريق عملك من المخلصين ممن يوجهون لك النصيحة الصالحة، فالمناصب لا تدوم... والله المستعان!

Twitter : @Terki_ALazmi

[email protected]