في كل يوم جمعة، وكعادة بقية الأسر الكويتية، نجتمع في بيت العائلة على الغداء، وهي عادة استمرت وأسأل الله ألا تنقطع مع مرور الزمن، لأنها وبكل بساطة هي ما تجمعنا مع بقية أفراد الأسرة بعيدا عن مهام العمل ومشاغل الحياة اليومية، وعلى مدار الأسابيع الماضية تتعدد الأطباق والأصناف التي تزين طاولة الطعام، بينما هناك طبق واحد فقط يبقى مكررا في كل أسبوع وهو طبق (ورق عنب بالزيت) وإن كان في كل مرة يأخذ شكلا وطريقة ترتيب وطعما مختلفا!
تعجبت كثيرا وبعدها أخذتني الشجاعة لأستفسر عن السبب، فكان الجواب بكل بساطة، إننا وفي كل أسبوع نطلب من أحد البيوت التي تقدم خدمة إعداد الطعام نفس الطبق، بحيث نجرب في كل مرة بيتا معينا، علما بأن أسعار الأطباق تختلف من بيت لآخر.
وعندما زادت استفساراتي أكثر، علمت أن هناك بعض البيوت تقدم وجبات متنوعة وأصنافا مختلفة، كما أن لبعضها قوائم طعام مطبوعة ومصممة بطريقة تضاهي أرقى المطاعم. لعل الفكرة مشجعة وتساعد ربات المنازل على شغل أوقات فراغهن وإيجاد مصدر دخل آخر لهن بالإضافة إلى تشجيعهن على استكشاف مهاراتهن وصقلها وغيرها من الفوائد الأخرى. ولكن ماذا عن الجانب الآخر؟
أتساءل، هل تخضع هذه المطابخ التي تقوم بإعداد هذه الأطعمة إلى إشراف وزارة الصحة والبلدية والجهات الرقابية الأخرى؟ هل تساءل المعنيون، ماذا يمكن أن يحدث لو أصيب أي شخص بحالة تسمم أو أصابه مكروه من جراء تناول هذه الأطعمة؟ وهل يخضع العاملون في هذا المجال إلى الفحص الطبي الشامل والذي يفرض على المطاعم العادية لضمان سلامة الأطعمة وبالتالي عدم انتقال الأمراض المعدية؟
ومن جهة أخرى، فإن استمرار الوضع على ماهو عليه، يعني أننا قد ظلمنا أصحاب المطاعم والمحلات التي تقدم نفس أنواع الأطعمة التي تقوم تلك البيوت بتقديمها. فمثلا يقوم صاحب المطعم بتحمل رسوم ومشاق استخراج التراخيص والموافقات من الجهات المعنية لممارسة نشاطه، أخذا بعين الاعتبار طول فترة الدورة المستندية والروتين والبيروقراطية الذي أصبح متأصلا في أداء الأجهزة الحكومية، كما أنه يلتزم بسداد إيجار المطعم وبتحمل تكاليف تصميمه وتجهيزه وبالقيام بالفحص الطبي الدوري على جميع عماله واتباع إجراءات الأمن والسلامة والنظافة وغيرها من التكاليف والالتزامات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، وهي بلا شك لا تنطبق على أصحاب البيوت ممن يقدم خدمة توفير الأطعمة بمقابل مادي، ولاشك أن في ذلك غيابا لمبدأ العدالة وتساوي الفرص وتحقيق روح التنافس بين مقدمي هذه الخدمات!
لست بصدد الدعوة لوقف نشاط تجارة تقديم الأطعمة عبر المنازل، لأنني كما ذكرت لها فوائد عديدة قد لا يسع المجال لذكرها، إلا أنها تحتاج بلا شك إلى تنظيم صحيح وسليم من خلال سن التشريعات والقوانين المنظمة لها من قبل وزارة التجارة والصناعة وتحديد آلية وطرق مراقبتها لضمان جودة ونظافة المنتجات المقدمة وذلك عن طريق وزارة الصحة والبلدية وغيرها من الإجراءات الواجبة لمنع حدوث أي إشكال مستقبلا لا قدر الله، والله من وراء القصد.
Email:
[email protected]