الجيش فجّر سيارة مفخّخة ثانية ومخاوف من عمليات جديدة
«النصرة» تنتقم ليبرود بتفجير انتحاري في البقاع
| بيروت - من ليندا عازار |
1 يناير 1970
07:11 م
لم يكن الانفجار رقم 14 الذي يضرب لبنان في غضون نحو ثمانية اشهر وتاسع عملية انتحارية تستهدف بيئة «حزب الله» منذ نحو اربعة اشهر، «عادياً» في توقيته ولا دلالاته المتصلة مباشرة بتداعيات الحرب السورية ولا سيما بعد التطور العسكري الاستراتيجي الذي تمثّل بسقوط مدينة يبرود على يد مقاتلي «حزب الله» والجيش السوري النظامي.
فالتفجير الانتحاري الذي وقع ليل الاحد في منطقة الهرمل وتحديداً عند مفرق النبي عثمان - العين قرب اللبوة والذي أسفر عن مقتل عنصرين في «حزب الله»، احدهما قيادي محلي يدعى عبد الرحمن القاضي، اضافة الى رجل وزوجته فارقا الحياة في المستشفى متأثرين بجروحهما وجرْح 11 آخرين، حمل «بصمات» مرحلة «ما بعد يبرود» التي تفتح لبنان على خطريْن متداخليْن هما:
* توقُّع موجة جديدة من التفجيرات تحت عنوان الردّ «على تبجّح وتشدّق حزب إيران من اغتصابهم مدينة يبرود بعمليّة استشهاديّة» على ما اعلنت «جبهة النصرة في لبنان» في بيان تبنيها انفجار النبي عثمان الذي كاد ان يلحق به امس تفجير آخر نجح الجيش اللبناني في منع حصوله، اذ قام بتفجير سيارة مفخخة من نوع جيب شيروكي فضية على طريق فرعية بين رأس بعلبك والفاكهة قرب عرسال، مطلقا عليها قذيفة «ار بي جي» بعدما كان طوقها صباحاً في أعقاب فرار مَن كان بداخلها على متن دراجة نارية برفقة أحد الأشخاص.
واعلن الجيش اللبناني في بيان له ان السيارة المشبوهة رُصدت بالقرب من مدرسة الراهبات «وعلى الأثر حضر الخبير العسكري الذي عاينها والعبوة التي بداخلها، والمقدرة زنتها بنحو 170 كيلوغراما، فقرر تفجيرها في مكان وجودها نظراً إلى خطورة تفكيكها وصعوبة نقلها».
* المخاوف التي تسود بلدة عرسال التي تهب عليها «رائحة البارود» من يبرود في ضوء التقارير عن فرار مئات المسلحين الى جرودها وسط توقعات بهرب المزيد اليها عندما تبدأ معركة السيطرة على فليطا التي تفصل بين عرسال ويبرود ومحيطها، الامر الذي يمكن ان «يصب الزيت على نار» الاحتكاك الآخذ في التزايد بينها وبين محيطها الشيعي ولا سيما اللبوة التي تشكل المنفذ الوحيد الى عرسال والتي غالباً ما تلجأ الى فرض حصار على البلدة بقطع الطريق الرئيسي المؤدي اليها وذلك رداً على سقوط صواريخ فيها من التنظيمات السورية المعارِضة او على التفجيرات وسط اتهام عرسال بانها «الممر» للسيارات المفخخة، علماً ان الجيش اللبناني الذي تنتشر حواجزه بكثافة حول عرسال فاصلةً بينها وبين المنطقة الجردية المتاخمة للحدود اللبنانية مع سورية، اتخذ امس مواقع جديدة اضافية على الطرق الترابية والمعابر عند السلسلة الشرقية، وعزز مراكزه السابقة في بلدتي الفاكهة والعين، تحسبا لتسلل السيارات المفخخة والمسلحين الى الاراضي اللبنانية.
وما جعل التفجير الانتحاري في النبي عثمان يكتسب دلالة خاصة يتمثل في الاعتبارات الآتية:
* انه شكّل رداً مباشراً على سقوط يبرود التي برّر «حزب الله» انخراطه بالمعركة فيها بانه لتجفيف منبع السيارات المفخخة التي تستهدف بيئته. واذا كان تفجير النبي عثمان أسقط في نظر اوساط قريبة من 14 آذار هذا الشعار «وأثبت ان حزب الله عوض ان يلاحق التكفيريين في يبرود سبقوه الى لبنان»، فان اوساطاً قريبة من 8 آذار اعتبرت ان اسقاط فليطة «يشكل محكاً اساسياً للحد فعلياً من خطر التكفيريين وسط استمرار تسرب السيارات من هذه النقطة»، موضحة ان الأجهزة الأمنيّة تأخذ في الإعتبار أن تقوم المجموعات المسلحة بالإنتقام بعد هزيمة يبرود ولكن من ضمن هامش حركة تقلّص بعد الضربة التي تلقّتها».
* انه جاء ليؤكد استمرار «فاعلية» المجموعات الارهابية بعد توقيف رؤوس فيها تقف وراء عدد من التفجيرات التي ضربت بيئة «حزب الله» وآخرها القيادي في «كتائب عبد الله عزام» نعيم عباس، وهي التوقيفات التي اوحت بضرب الشبكات الارهابية وتداعيها.
* ان تفجير النبي عثمان يعكس حجم التحديات امام «حكومة التعايش» بين فريقيْ 8 و14 آذار في الحكومة، ولا سيما على مستوى الوزارات الامنية التي هي في عهدة 14 آذار التي كرّر أفرقاء فيها امس ربط العملية الانتحارية بتداعيات قتال «حزب الله» في سورية، علماً ان بعض 14 آذار سبق ان حذّر من ارتدادات محاولة جعل «تيار المستقبل» بمثابة «مجالس الصحوة» على الطريقة العراقية.
وكانت العملية الانتحارية في النبي عثمان قد وقعت نحو الساعة العاشرة مساء اول من أمس، على وقع الاحتفالات التي كان مناصرو «حزب الله» يحيونها في عدد كبير من المناطق بالمواكب السيارة احتفالاً بـ «نصر يبرود» والتي ادت لإشكالات في بعض الأماكن.
ووقع الانفجار على الطريق الدولية وسط بلدة النبي عثمان عند محلة الجسر قرب محطة «العاشق»، حين فجر الانتحاري نفسه بالسيارة المفخخة بنحو 100 كيلوغرام من المواد المتفجرة ما ادى الى مقتل أربعة أشخاص وإصابة 11 آخرين بجروح، اضافة إلى احتراق عدد من السيارات ووقوع أضرار مادية جسيمة في الجامع والمباني المجاورة..
والسيارة التي انفجرت هي من نوع «نيو غراند شيروكي» كانت تحت مراقبة دورية لـ «حزب الله» حاولت مباغتة السائق وتوقيفه، ولما بالغ في السرعة اطلقت الدورية النار عليه، فاختار مكاناً مكتظاً وفجر نفسه فقُتل خليل خليل وعبد الرحمن القاضي اللذان كانا في عداد الدورية وسط تقديرات بان السيارة لم يكن هدفها المكان الذي فجرت فيه، وأنها كانت متوجهة إلى مكان آخر للتفجير وربما مدينة الهرمل.
وحرص رئيس بلدية عرسال علي الحجيري على نفي تقارير اشارت الى ان السيارة انطلقت من جرود عرسال لافتاً الى انها «إنطلقت من وادي رافق قرب القاع وليس لعرسال أي علاقة بها».