د. مبارك الذروة / رواق الفكر
إيّاك أن تكون ظالماً
| د. مبارك الذروة |
1 يناير 1970
12:36 ص
إياك ان تأكل لحم إخوانك.. إياك ان توالي الظلم والظالمين..
في الحديث القدسي «يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما...
فلا تظالموا..»
كان ابو ادريس الخولاني اذا ذكر هذا الحديث جثا على ركبتيه..من هول ما فيه!
وقد ذكر الله تعالى ان الظالمين بعيدون عن رحمة الله جزاء ما عملوا من ظلم فقال «ألا لعنة الله على الظالمين».
وما من يد إلا يد الله فوقها... ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
ولذلك من سنن الله: «وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا» يعني يسلط ظالماً على ظالم.
المتتبع لبعض وسائل لإعلام اليوم يشاهد ويسمع الكم الهائل من الظلم والعدوان والافتراء في تشويه صورة كل مصلح وداع للخير والإصلاح.
الاعلام الفاسد ومن يرعاه من الظالمين يشن حملة كاذبة فاجرة من التدليس ونشر السم وفق منهج تجزيئي مقتضب..يدعمه غلو وتطرف!
يرون الدمار والدماء والسجون والتعذيب وما تعانيه أمة محمد في مشارق الارض ومغاربها وكأن الامر لا يعنيها.. بينما لا يعنيها الا ملاحقة الغيارى على أوطانهم وامتهم من الاخيار والمصلحين!
يقول ابن القيم رحمه الله: فسبحان الله كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة، واحترقت كبد يتيم، وجرت دمعت مسكين.
هذا الاعلام هو لسان الظالمين شاءوا ام أبوا وهو الذي يزعم الاصلاح ونشر الحقيقة زورا وكذبا في الوقت الذي نجده يصرف نظره عن مظالم الشعوب وحقوقها!
ذلك الاعلام الذي صنعته مافيا النفاق وسدنة الأموال والكراسي نجده يلاحق كل نشاط إسلامي ويتهم كل داعية للحق والامر بالمعروف..
مخجل ان يستمر هذا البعض من الإعلام الفاسد في نشر الأكاذيب دون احترام لعقول الناس!
ومخجل أيضاً ان تنطلي مشاهد تلك المسرحيات على من يفترض انهم من رواد الثقافة والحرية وحقوق الانسان..
ان من لم يتربَ على حرية الرأي وكرامة الانسان فلن يتحمل رؤية شعب حر كريم!، ومن لم ينشأ على الحوار واحترام الاخر فلن يتقبل ان يخالفه احد او يحاوره..
كان أولى بدعاة الفتن والانغلاق وعبيد الدينار والكرسي ان ينشروا الوعي والنور والكرامة بين شعوبهم لينعموا ويسعدوا بدلا من الدعوة الى اجتثاث منابر الخير والاصلاح في المنطقة.
ان أولئك المرتزقة يعبثون بعلم او بجهل بمستقبل أبنائهم وشعوبهم حين يذيعون السوء ويوطنون الناس على الذل والهوان..
وانا والله أتساءل صدقا الا يعتقد أولئك انهم يظلمون الدعاة الاخيار؟
وهل ما يقومون به من افتراء وكذب سيقربهم الى الله؟
لقد انتفخت جيوبهم وتضاءلت أرواحهم حين جعلوا المعروف منكرا والمنكر معروفا! وحين بدلوا الآيات وحرفوها عن مواضعها! وحين اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا!
لماذا أصبحت كلمة الحق والإيمان مؤذية لهم؟
ولماذا اعتبروا كلمات الفاروق الحرة كأنها دعوة إلى الضلالة؟
ولماذا اتجهت برامج ذلك الإعلام نحو حرب ضروس على رجالات الاصلاح في كل مكان..
ترى؛ من المستفيد من ضرب الدعاة ودعوتهم بهذه الصورة البشعة والظالمة؟ وما النتائج المتوقعة من هذه الحرب الإعلامية الكذوب؟
انها السنن! وهي قصة التاريخ والحضارة تتكرر في كل زمان ومكان..
جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله في الحبس وهو سجان قال: يا أبا عبد الله! الحديث الذي روي في الظلمة وأعوانهم صحيح؟ قال: نعم، قال السجان: فأنا من أعوان الظلمة؟ قال له: أعوان الظلمة من يأخذ شعرك ويغسل ثوبك ويصلح طعامك، ويبيع ويشتري منك، فأما أنت فمن أنفسهم.
( فالسجان يقول لأحمد: أنا من أعوان الظلمة، أحمد يقول له: أنت من الظلمة أنفسهم).
متى يهلك الله الظالمين؟
نعم سيهلكهم الله كما اهلك من كان قبلهم..
« وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا»
لن يستمر هذا العدوان، ولن تقف دعوة الاصلاح
الأعمار قصيرة، والأرزاق والآجال مقدرة، ولنهاية الظلم وقت معلوم عند الله، ولكنكم تستعجلون!
وأخيراً فإن دعوة المظلوم سهم لا يرد، فيا بؤس الظالم المخذول ينام ملء عينيه والمظلوم يدعو عليه، يجأر إلى الله أن ينتقم منه، وأن يشتت شمله، ويعجل عقابه، وينزل به بأسه، ويحل عليه سخطه، ويأخذه أخذ عزيز مقتدر، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)، (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب)، ولو كان المظلوم فاجراً فدعوته مستجابة فجوره على نفسه، ودعوة المظلوم على الظالم تصعد إلى الله فما بالك بدعوة التقي الصالح أو العالم الرباني ومن بذل نفسه لله؟
فاللهم ابرم لهذه الامة امر رشد تعز به اهل طاعتك وتذل به اهل معصيتك..
ولكل اجل كتاب...