يقول محمود العقاد: «إن الحزن هو طبيعة النفس البشرية، والفرح طارئ عليها، لذا كانت الابتسامة صناعة شيء ضد طباع النفس».
وفي هذا الوقت والزمن ما أحوجنا إلى الابتسامة الصادقة النابعة من القلب، والتي تعبر عن ما في الصدور، والحالة النفسية للإنسان كلما كانت عفوية وقت الفرح كانت الابتسامة أجمل وأصدق... وهناك أناس مجرد ذكرهم يجعلك تبتسم بسبب الشعور والمواقف والذكريات التي كانت معهم وبشاشتهم الدائمة.
ولكن ماذا عن الذين لا يقدرون على الابتسامة بسبب مرض أو عيب خلقي؟، وفي الوقت نفسه قلة ذات اليد والحاجة تمنع عنهم العلاج وهذه الابتسامة، فهم بحاجة إلى العون ومن يعيد ويصنع الابتسامة لهم من جديد... وجمعية العون المباشر وبفضل الله تعالى أعادت للكثيرين هذه الابتسامة عبر المخيمات الطبية التى تجريها في أفريقيا سنويا، وقبل أيام تم الانتهاء من مخيم الأمل الطبي الخامس الذي كان في جمهورية جيبوتي، حيث قام فريق الأمل الطبي بعمل أكثر من 250 عملية جراحية في مختلف التخصصات سواء كانت جراحة عامة، وأنف وأذن وحنجرة، وجراحة التجميل والتشوهات والحروق والمسالك وغيرها من العمليات، وبذل الفريق الطبي الكويتي جهدا كبيرا في هذه العمليات..
ولكن الملفت للنظر هي عمليات «الشفة الأرنبية»، وهو داء وراثي تعاني منه شعوب القرن الأفريقي بشكل ملحوظ، وهو تشوهات بالفم متباينة تحتاج لإصلاح الشفاه وسقف الحلق... إنك تقف عاجزا وأنت تشاهد هذا المرض بحيث يجعل الإنسان غير قادر على الابتسامة، والأكثر صعوبة هو أن لا يكون هناك سقف للحلق مما يجعل الطفل في معاناة مستمرة في طعامه وشرابه فضلا من أن الطعام قد ينتقل للأذن أو الأنف مما يسبب مضاعفات جانبية كثيرة والأطفال الرضع لا يسمح لهم المرض بشرب حليب الأمهات بسهولة...
فكان مخيم الأمل الطبي الخامس التابع لجمعية العون المباشر ومن قبله الرحمة العالمية وعبر مستشفاها مستشفى «الرحمة» قاموا بالعديد من العميات الجراحية لإصلاح خلل الفم والتي كانت السبب بعد الله عزوجل في إسعاد هؤلاء ورسم وصناعة الابتسامة على وجوههم من جديد، وكسر عزلتهم التي كانوا فيها، والتي فرضتها عليهم شفاههم ومنعتهم من مخالطة الأقارب والأصدقاء، وفي بعض الأحيان سببت لهم أمراضا نفسية..
ولو تحدثنا عن هذه العملية الإنسانية التي تعيد وتصنع الابتسامة نجد أن العملية الجراحية التجميلية تحتاج من الفريق الطبي المكون من 4 أطباء 3 ساعات تقريبا، وقد قام مستشفى «الرحمة» بجيبوتي بإجراء 150 عملية على دفعات في مشروع «قطار البسمة» والتي أعادت الابتسامة للمرضى من جديد.
رحم الله أبا صهيب العم عبدالرحمن السميط مؤسس جمعية «العون المباشر»، مهما تكلمنا عن هذا الرجل فلن نوفيه حقه، الذي أعاد بل وصنع الابتسامة على وجوه الفقراء والمحتاجين في أفريقيا، كانت حياته رحلة عطاء وانسانية بلا حدود، ضحى بالكثير من أجل رسالته وهي خدمة الفقراء والمحتاجين في القرن الأفريقي، وسيذكر اسم السميط كلما ذكرت أفريقيا.
ومن أجمل ما سمعت في وصف العم عبدالرحمن السميط هو ما قاله جاسم بودي في رثائه بوقت سابق عندما بدأ مقاله وقال: «حفر الجبل بإبرة. استهول كل من عرفه الأمر وقالوا إنه لن يحفر ولن يفلح. لكن من كان مثله يستمد العزيمة من الخالق لا يأبه لتشكيك مخلوق ولا ينتظر إلا ابتسامة تُرسم على وجه محتاج ورضى يضعه في ميزانه رب العالمين».
[email protected]