وثيقة وتاريخ / «إن قعدوا سلاطين وإن قاموا شياطين»
لتاريخ الكويت زمانان ... وفيهما لمع نجم أسرة الزمانان
1 يناير 1970
02:15 م
عائلة الزمانان من أشهر الأسر التي استوطنت الكويت، وهي من الأسر القلائل التي مزجت بين بادية الكويت وحاضرتها، وبرها وبحرها، وعبر تاريخ الكويت ما قبل النفط وما بعده أخرجت لنا هذه الأسرة الكريمة نماذج من رجال كرام يد ونفس، أهل فروسية وبأس، وكما قيل فيهم وفي أبناء عمومتهم العجمان «ان قعدوا سلاطين، وان قاموا شياطين»، فما أخبار هذه الأسرة؟
تنتمي عائلة الزمانان الى آل هتلان من قبيلة العجمان، وقد نزحت الى الكويت وسكنت في منطقة الشرق فريج الشملان، ثم انتقلت الى منطقة الفنيطيس في الأربعينات من القرن الماضي، حيث بنت هناك مسجدها الشهير من أرض تملكها أهداها لهم الشيخ عبد الله الجابر الصباح - رحمه الله - للسيد سعد بن سعد الزمانان العجمي.
فارس الكويت والعجمان غصاب بن سيف الزمانان
برزت شخصية في هذه العائلة، وهو الفارس غصاب بن سيف بن مبارك الزمانان، وهو من مواليد منطقة الشرق ويعتبر من الشخصيات الكويتية التي لها شهرة كبيرة، وكذلك في أوساط قبيلة العجمان الذين يفتخرون به كفارس سطر انواع البطولة في معارك الكويت، وشارك في معارك القبيلة.
وبسبب ضيق العيش في ذلك الوقت، ذهب الفارس غصاب الزمانان الى شيخ المنتفق السعدون وطلب من الفارس غصاب ان يقوم بحماية رعاياه في بادية الكويت في الشمال مقابل أجر أربعين فارس. وبعد ان أمضى فترة هناك عاد الى الكويت، وكان الوحيد الذي يرتدي الزي العسكري.
وقد قتل الفارس غصاب الزمانان في معركة الصريف سنة 1901 م.
وقد برز من أفراد هذه الأسرة الكريمة شخصيات كثر منهم: مبارك الزمانان الذي قتل في معركة الرقة ضد بني كعب سنة 1783 م.
ومنهم عبد الله بن سعد الزمانان وابنه محمد الذان وقتلا في معركة الجهراء سنة 1920 م.
ومنهم النوخذة محمد بن غصاب الزمانان الذي ركب البحر وشارك في معارك كثيرة دفاعاً عن الكويت.
قصة غريبة في سبب إغماء النوخذة محمد الزمانان
كان محمد بن غصاب مولعاً بالقنص ومدمناً للقهوة العربية. ومن الحكايات الطريفة ان محمد بن غصاب كان في رحلة قنص ومعه عدد من رجالات الكويت الأفاضل ومنهم ابن اخته عبد الله حسين الرومي وأحمد بن حسين وعبد الوهاب بن حسين وسالم الشملان، وكان محمد بن غصاب عفيف النفس حسن المعشر.
وأثناء رحلة القنص هذه سقط محمد بن غصاب مريضاً ولم يعرف أصحابه سبب هذا الاعياء المفاجئ، فأخذوه للمستشفى الأمريكاني... فلما عرف ابنه غصاب بالقصة، طلب من والدته تجهيز القهوة، فسقى والده منها، وتماثل بعد أيام للشفاء، وخرج من المستشفى وسط ذهول الطاقم الطبي.
وعند سؤاله قال: «لقد شعرت بالتعب والغثيان والاستفراغ بسبب نفاد القهوة، وخجلت ان أبوح لهم بذلك، الا ان الأمور قد سارت بغير المتوقع، وقد توفي - رحمه الله - سنة 1976.
العم غصاب الزمانان
طيب الصدر والمورد
ومنهم أيضاً سليل الطيب، العابد المنفق، المربي الفاضل العم غصاب بن محمد بن غصاب بن سيف بن مبارك الزمانان – رحمه الله - والذي سماه والده تيمناً باسم والده الفارس غصاب - رحمه الله - فهو من مواليد الشرق سنة 1920 م.
درس غصاب بن محمد في المعهد الديني في الخمسينات وعمل اماماً لمسجد الفنيطيس حتى تقاعده. توفي – رحمه الله – سنة 2011 م.
وللعم غصاب عدد من الأولاد جميعهم قد أكملوا الدراسة الجامعية في الكويت والولايات المتحدة ومصر وتقلدوا مناصب عليا في مختلف الوزارات والهيئات الحكومية، وأكملوا مسيرة آبائهم في الطيب وحسن الأدب.
مسجد الفنيطيس
... بين مطرقة تعدي لجنة ازالة التعديات وسندان وعود طارت مع السافيات!
منح الشيخ عبد الله الجابر الصباح السيد سعد بن سعد الزمانان – رحمهما الله – أرضاً في منطقة الفنيطيس في مطلع أربعينات القرن الماضي، فقام سعد الزمانان واقتطع جزءاً من هذه الأرض وبنى فيها مسجداً تولى فيه الامامة والأذان، وقد أم فيه جماعة من أهل الكويت، وقد اعتبر هذا المسجد مسجداً أثرياً بشهادة وزارة الأوقاف والجهات المختصة.
وقد أصدرت وزارة الأوقاف قرارات عدة بضرورة المحافظة على مسجد الزامانان (الفنيطيس القديم)، وضمه للمسجد الجديد القريب منه، ومنها قرار صادر في 20 / 5 / 1998 م من مدير ادارة الشؤون الهندسية، وكتاب آخر في 21 / 11 / 2011 م، وطالبت اللجنة المتخصصة بوزارة الأوقاف للمحافظة على المساجد التراثية بضرورة المحافظة على المسجد وصيانته، ونقل مواقع الدكاكين المقترحة بعيداً عن المسجد كما في محضرها في 22 / 11 / 1999 م، وغير ذلك من القرارات.
لكن، وفجأة، ومن دون سابق انذار ولا علم بالتاريخ أو الآثار، قامت لجنة ازالة التعديات سنة 2008 م بهدم هذا المسجد التراثي، تبعه القاء لوم من المسؤولين، ووعود ببناء مسجد آخر في مكان آخر لتخليد ذكرى مؤسسه من هذه الأسرة الكريمة.
والسؤال اليوم: أين المسجد البديل؟!
ومن باب الاهتمام الشخصي بالآثار التاريخية الكويتية عموماً، وبالمساجد خصوصاً، أدعو وزارة الأوقاف ممثلة بوزيرها الكريم الفاضل د. نايف العجمي اعادة فتح ملف المسجد، وضرورة اعادة بناء مسجد الزمانان في المكان نفسه، وعلى الطراز القديم أسوة بالمساجد الأثرية الأخرى.