أساتذة جامعة شخّصوا المشكلة وتوصلوا إلى أنها «صنيعة حكومية» مع ضعف الرقابة البرلمانية السابقة
الأزمة الإسكانية أكاديمياً... محاربة العنوسة بتحرير الأراضي!
| كتب وليد العبدالله وناصر المحيسن |
1 يناير 1970
09:55 ص
علي الزعبي:
• المسألة ليست في «أرض وقرض» بل رؤية شاملة وبنية
تحتية
عويد المشعان:
• عدم وجود مسكن يمنع تشكل عائلة جديدة ويهدد استمرار القائمة
خضر البارون:
• استفحال القضية سبّب التفكك الأسري
وعزوف الشباب عن الزواج
عماد دشتي:
• الحل بهيئة مراقبة الأسعار والشركات الأجنبية
... ومستعدون للمساعدة
بعدما أشبعت دراسة وتحليلا، وبعدما تربعت على عرش الأولويات الشعبية النيابية، فتحت «الراي» ملف الأزمة الإسكانية إكاديميا لتناقشها من وجهة نظر أساتذة الجامعة وفي أكثر من اختصاص، وكذلك رأي بعض طلبة الجامعة، تزامنا مع المؤتمر الإسكاني الذي يعقده مجلس الأمة اليوم برعاية سامية.
الأكاديميون والشباب اتهموا الحكومة بعدم الجدية في حل الأزمة الإسكانية التي تعاني منها البلاد، مؤكدين ان الحجج في مسألة «شح الأراضي» غير مقبولة ولا تمت للواقع بصلة» وطالبوا أعضاء مجلس الأمة بضرورة التشريع وإقرار قانون لمعالجة المشكلة الإسكانية.
وأكدوا ان التنسيق غائب بين وزارات الدولة في حل هذه المشكلة، وكل جهة تضع اللوم على الأخرى، والضحية المواطنون والشباب، كما رأى الأكاديميون ان أحد المشاكل الرئيسية للعنوسة عدم وجود مسكن ثابت فضلا عن ارتفاع الإيجارات.
لا بنية تحتية
رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الكويت الدكتور علي الزعبي رأى ان المشكلة في مطالبة المواطنين بضرورة توفير أرض وقرض بشكل سريع دون وجود رؤية واضحة، ويقصد بذلك أنه لا يمكن توفير أراض دون وجود بنية تحتية سليمة تخدم المواطنين بشكل كامل، فمع الأسف الدولة توفر أراضي ناقصة وان المتضرر هو المواطن، مشيرا الى احدى المشاكل تتعلق بمدينة صباح الأحمد الكائنة في منطقة العريفجان، حيث قامت الحكومة بمنح المواطنين أرضا وقرضا، وهذه المنطقة تفتقد للخدمات الرئيسية، كالصحة والتعليم، اضافة الى تهالك المجاري والشوارع، فالبنية شبه معدومة، والسؤال اذا كان توفير الأراضي بهذه الطريقة فما الفائدة من توفير ارض وقرض للمواطنين؟.
وأوضح الزعبي أنه بسبب التخطيط السيئ أوجدت مشكلة رئيسية وهي ازدحام المواطنين على مستشفى حكومي واحد، فعلى سبيل المثال يوجد في المنطقة العاشرة فقط مستشفى العدان، وكان في السابق يحتضن خمس مناطق هي الرقة والفنطاس والفحيحيل والصباحية، أما الآن فقد امتد ليخدم منطقة جابر العلي والظهر والقرين وام الهيمان والقصور وصباح السالم والمنقف وأبو فطيرة والوضع، في تزايد والمشكلة نفسها يعانيها مستشفى الجهراء والفروانية ومستشفى مبارك، وهذا أحد الاسباب التي ذكرتها سلفا انه عندما يتم توفير مناطق لا يتم توفير مستشفيات ومراكز صحية.
وقال الزعبي: إن على المواطن التفكير بشكل أفضل من الحكومة، وأقصد بذلك يجب أن يكون هناك حل شامل ورؤية موحدة للقضاء على مشكلة الأزمة الإسكانية، من خلال توفير بنية تحتية سليمة وبيئة كاملة ويصاحب المدن الاسكانية توفير مدارس ومراكز صحية ومستشفيات وتوفير إنشاء محطات كهربائية، مبينا ان احدى المشاكل الرئيسة التي تواجه المناطق الجديدة الطاقة الكهربائية حيث يتم شبك كيبلات كهرباء المدن القديمة مع الجديدة وبالتالي تصبح أعباء كهربائية زائدة على المنطقة الجديدة والقديمة وهذا يؤدي الى عدة سلبيات ومنها مشكلة القطع المبرمج.
وأكد أن «التركيز على مسألة الأرض والقرض رؤية غير تنموية وغير جادة ولها أضرار في المستقبل، وأود أن أوجه رسالة الى الإخوة القائمين على حملة «ناطر بيت» سؤالي لهم في حال حصلتم على أراض وقرض، فما الفائدة اذا كانت البنية غير سليمة؟ وتفتقد للخدمات الرئيسية وأبناؤكم لا يستطيعون الذهاب الى المدرسة في المنطقة نفسها، وغيرها من الأمور الخدماتية لذلك يجب ان تؤخذ القضية بشكل كامل وبطريقة مدروسة علمية.
وواصل الزعبي حديثه، قائلا إن الرؤية يجب أن تكون متكاملة وبتعاون جميع الوزارات مع بعضها البعض، ولكن مع الأسف الحاصل بين وزارة الدولة أن كل وزارة لها رؤية منفصلة عن الأخرى، وهذا الأمر لن يأتي بنتائج وحلول الازمة الاسكانية لذلك بات من الضروري التعاون لحل المشاكل التي يحتاجه المواطنين.
انتشار العنوسة
بدوره قال أستاذ علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور عويد المشعان ان مشكلة الأزمة الإسكانية أحد الأسباب التي أدت الى عزوف الشباب عن الزواج، فكل شاب يتمنى أن يستقر، ويكون له منزل، وكل فتاة تتمنى ان تكون مستقلة بمنزلها، مؤكدا أن مشكلة العنوسة زادت بشكل كبير، وهذا نتيجة لعدم وجود مسكن يضم عائلة يحقق لها الاستقرار، وأضف الى ذلك ان حالات الطلاق كثرت بسبب المشكلة ذاتها أي اصبح عدم وجود منزل يهدد مصير عائلة ويفككها، والمصيبة الأكبر أن الإيجارات تجاوزت نصف راتب الشباب متوسطي الدخل، أي بمعنى وصل الايجار من 500 الى 600 دينار للشقة، وهذا نصف الراتب ناهيك عن المصاريف المعيشية الأخرى ولهذا السبب نجد الشاب لا يريد الزواج بسبب عدم وجود مسكن خاص.
وأضاف المشعان ان استمرار الازمة الاسكانية بات يشكل تهديدا مباشرا للأسرة الكويتية، خاصة متوسطي الدخل الذين يدفعون نصف راتبهم الشهري على الشقق فضلا عن الارتفاع الرهيب في أسعار المنازل، لذلك فإن أسعار المنازل تجاوزت قيمتها 300 الف دينار، وكذلك الأراضي. فسؤال الشاب المقبل على الزواج كيف يستطيع توفير هذا المبلغ وراتبه لا يتجاوز 1000 دينار؟ مضيفا أن التعليم والصحة أيضا متدهوران، مطالبا الحكومة بضرورة وضع أولوياتها في القضية الإسكانية والتعليم والصحة والأمر الغريب هل الحكومة لا تشاهد ولا تسمع ما يحتاجه المواطن.
واتهم المشعان الحكومة بالدرجة الأولى في عدم حل الازمة الاسكانية على الرغم من انها تمتلك القرارات لذلك، فهي المسؤولة عن توفير الأراضي وبنائها للمواطنين، فهناك مساحات كبيرة في الدولة وتبني وحدات سكنية كاملة ومدارس ومستشفيات، فالحكومة عليها إيجاد حل فوري في هذا الأمر، مضيفا أن مجلس الأمة مغيب والأعضاء يتحدثون أمام المواطنين انهم قدموا اقتراحات بهذا الشأن، وهذا ليس كافيا، فنواب الأمة قادرون على التشريع وإجبار الحكومة على توفير أراض، وليعلم النواب ان المواطنين أصبحوا واعين ويراقبون ويعرفون من يقف معهم وعلى المجلس تحقيق طموحات الشعب ويضعون القضية الإسكانية أولوية والصحة ثانيا والتعليم ثالثا.
العرض والطلب
بدوره أكد استاذ علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور خضر البارون أن الأزمة الإسكانية في الكويت استفحلت بشكل مخيف وغير مقبول، حيث تشهد الفترة الحالية وجود فجوة بين الطلب والعرض في الوحدات السكنية التي بدأت بوادرها تظهر منذ 7 أعوام، ومع الاسف لم تبادر الحكومة والمجلس بوضع خطط واستراتيجيات لحل هذه المشكلة الخطيرة التي استفحلت بشكل خطير وضحيتها الشباب.
وقال البارون ان الشباب يبحث عن تحقيق طموحه وآماله وذلك من خلال بناء منزل العمر، ولكن اذا كان لا يتحقق الطموح فسنجد أمورا عكسية مردودها غير مناسب على الدولة، كأمور عزوف الشباب عن الزواج والتفكك الأسري والطلاق، لاسيما وأن المنازل وصلت أسعارها الى 500 ألف، والاراضي تجاوزت قيمتها 400 ألف في بعض المناطق والايجارات تجاوزت 400 دينار، لذلك من ينظر الى الاسعار المذكورة سيجد ان الشباب لا يفضل الزواج بسبب الغلاء المعيشي لهذا نجد انتشار مشكلة العنوسة بين فئة الشباب بشكل كبير، وهذا دليل أن مشكلة الاسكان أوجدت مشاكل أخرى أولا عزوف الشباب عن الزواج والتفكك الاسري وغيرها الكثير من الأمور الاسرية.
وبين البارون أن الحلول من القضية الاسكانية الإسراع في الخروج باستراتيجية اسكانية وطنية وتطبيقها وتفعيل دور القطاع الخاص في تطوير القطاع العقاري مع وجود تحفيز حكومي، والسماح للشركات العالمية الدخول في العقار حتى تقدم مباني جاهزة ذات جودة عالية بأسعار مناسبة وبناء مدن اسكانية في المناطق المختلفة، وهذا سيخفف الضغط عن مدينة الكويت الداخلية وستساهم بناء المدن في تخفيض الأسعار، مضيفا: ترجع أهمية الإسكان كحاجة أساسية لحياة الإنسان ويأتي المسكن في المرتبة الثانية بعد الغذاء من حيث الأهمية، فلا بد لكل إنسان من مسكن يؤويه ويخلد فيه للراحة ويشبع حاجاته الأساسية المادية والمعنوية، مؤكداً أن الدراسات الاقتصادية والاجتماعية أثبتت أهمية المسكن ودوره في رفع إنتاجية العامل وتحريك الاقتصاد.
وطالب البارون الشباب بمواصلة المثابرة والاصرار في مطالبتهم المستمرة حتى يتم انهاء الازمة الاسكانية فالاصرار يؤدي إلى نتيجة لذلك الشباب يواجهون قضية مستفحلة وستستفحل أكثر اذا صمتوا عن حقهم، مطالبا الحكومة بضرورة تغيير خطتها وذلك من خلال وضع حلول عاجلة تنهي هذه المأساة وأيضا على اعضاء مجلس الأمة تبني هذه القضية ووضعها اولوية، متمنيا ان يأخذ المؤتمر الاسكاني جميع الدراسات العلمية والخطط وينفذها فورا بعيدا عن التضخيم وألا تهمل وتنتهي في الادراج، مشيرا الى ان في حال عدم وضع حلول واقعية قابلة للتنفيذ في المؤتمر الاسكاني المقبل فإن الغد سيحمل ما لا تحمد عقباه لمن يقرأ الحاضر بوجود الطلبات الاسكانية بشكل كبير بلا حلول سليمة.
قرار سيادي
من جهته قال استاذ قسم الهندسة المدنية في جامعة الكويت الدكتور عارف الدرباس ان القضية الازمة الاسكانية لها ابعاد كثيرة، والحل لهذه المشكلة سهل جدا ويبدأ من خلال أخذ الدراسات وتطبيقها على أرض الوقع بشكل جدي إضافة الى وجود قرار سيادي من مجلس الوزراء ينهي هذه المعاناة التي تهم شريحة كبيرة من المواطنين، مشيرا الى انه من الناحية الهندسية مساحات الاراضي متوافرة في الكويت لاستيعاب السكان وعدد الطلبات المقدمة في الهيئة العامة للاسكان، والحكومة ملزمة بتوفير سكن لجميع المواطنين.
وقال الدرباس ان اللجوء الى البناء العامودي بهدف انهاء مشكلة الازمة الاسكانية سابق لأوانه، فالمساحات والاراضي متوافرة، والكويت ليست كأميركا او الصين في اعداد المواطنين ولم تصل الى الكثافة الاسكانية القصوى، حتى تتوجه الى البناء العمودي فالحلول سهلة، ولكن نحتاج من ينفذ ويتبنى الدراسات العلمية وترجمتها على أرض الواقع، متمنيا من القائمين المؤتمر الاسكاني المقبل تطبيق الدراسات والتوصيات وتطبيقها على أرض الواقع في معالجة مشكلة الازمة الاسكانية وفي النهاية القضية.
أزمة كهرباء وماء
بدوره قال استاذ قسم الهندسة المدنية في كلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت الدكتور فوزي الكندري ان حل الازمة الاسكانية يحتاج الى تضافر الجهود لحلها في أسرع وقت قبل أن تستفحل أكثر من وقتها الحالي، متسائلا اذا كانت المشكلة تتعلق في الاراضي فالاراضي والمساحات موجودة ولكن الأغلب متمسك بها ولا يرغب في تحريرها كالنفط والدفاع، اضافة الى بعض الوزارات.
وأضاف الكندري قبل بناء أي مدن اسكانية جديدة يجب أن يسبقها وجود بنية تحتية متكاملة الخدمات، وأبرزها الماء والكهرباء وللعلم أن الكويت تعاني من مشاكل في توفير الكهرباء والماء والدليل على ذلك كل عام نجد حملات ارشادية بضرورة تخفيض استهلاك الماء والكهرباء تفاديا للقطع المبرمج فهذه إحدى اساسيات البنية التحتية، واذا كانت غير متوافرة فكيف ننشئ مدناً اسكانية تلبي طموحات المواطن، مؤكدا أن الكويت بحاجة عاجلة الى أكثر من مصفاة متخصصة في توفير الكهرباء والماء حتى نستطيع من خلالها بناء مدن وبنية تحتية آمنة لجميع المشاريع المختلفة.
وقال الكندري ان المسألة ليس فقط في تحرير الاراضي بل متعلقة بالدرجة الاولى في ايجاد الخدمات الاساسية والدولة في الوقت الحاضر غير قادرة على توفير الامور الاساسية من البنية التحتية وغيرها.
ارتفاع الأراضي
من جهته قال استاذ الاقتصاد في كلية العلوم الادارية بجامعة الكويت الدكتور محمود الشمري ان الإسكان من المواضيع المهمة جداً وعندما توضع الأولويات يأتي الإسكان في مقدمة تلك الأولويات بالنسبة للمواطن، مؤكدا ان مشكلة الإسكان ليست وليدة اللحظة أو الأمس بل موجودة منذ فترة طويلة، وحقيقة الأسعار العقارية أخذت في الآونة الأخيرة الارتفاع غير المنطقي والمقبول، معتبراً أن هذه المشكلة تدق ناقوس خطر خصوصاً إذا تأملنا الإحصائيات الأخيرة لعدد السكان في الكويت والتي تشير إلى أن حوالي 70 في المئة من المجتمع الكويتي اعمارهم من الثلاثين عاماً الى الاربعين، وهذا سن الشباب الذي يحتاج الى حلول عاجلة ودعم حكومي بضرورة توفير مدن اسكانية وتحرير الاراضي، تفاديا للمشاكل الاقتصادية التي قد تلحق بالشباب فرواتب الشباب لا تسمح لهم بشراء منزل أو أرض بسبب ارتفاع الاسعار الجنونية ناهيك عن غلاء الايجارات التي تجاوزت 500 دينار وفي حال اهمال القضية أكثر من وضعها الحالي ستصل الإيجارات للشقة الى 700 دينار وأكثر وتقابلها رواتب المواطنين التي لا تتجاوز ألف دينار.
وأضاف الشمري ان الدراسات والمقترحات كثيرة حيث طرحت العديد منها في الوقت السابق والحالي ولكن أهملت بلا أسباب، وهذا يشير الى أن الحكومة ليست لديها نية في حل الأزمة الاسكانية حتى أصبحت ككرة الثلج، مردفا ان الطلبات الاسكانية تجاوزت 120 الف طلب حسب الاحصائيات المنشورة في الصحف والعدد في تزايد مستمر والمصيبة الأكبر أن هناك طلبات مذ عام 1988 الى الآن لم يحصل اصحابها على منازل، متسائلا كيف نستطيع حل الازمة الاسكانية اذا كانت هناك طلبات منذ عام 1988 لم يتم منحهم منازل الى الآن.
وتابع الشمري هناك طلبات إسكانية أكثر من العرض ويقابلها آلية غير منصفة حيث تقوم الحكومة بتوفير كل عامين او ثلاثة 200 منزل وخلال الأعوام الثلاثة تتضاعف الطلبات الى أكثر من 3000 طلب لذلك الطلبات أصبحت أكثر من التوزيع لذلك لا توجد استراتيجية واضحة لحل هذه المشكلة التي دقت ناقوس الخطر ويقابلها تجاهل من قبل الحكومة في عدم تطبيق الدراسات العلمية التي يقدمها المتخصصون، مؤكدا أن الهيئة العامة للاسكان وكذلك الأكاديميين المتخصصين لديهم العديد من الدراسات لحل هذه المشكلة ولكن لا توجد نية الى حلها.
وأشار الشمري الى أن الحل يبدأ من خلال توفير أراض سكنية بشكل مكثف لاسيما وأن هناك مساحات تتيح إمكانية بناء مدن إسكانية بخدمات متكاملة ولكن نحن بحاجة الى قرار فوري وجريء لإنهاء هذه القضية، مردفا ان احدى المشاكل التي تتسبب في ارتفاع أسعار الأراضي السكنية المعروضة في الخاص حيث ارتفعت أسعارها ووصلت إلى 400 ألف دينار في بعض المناطق ويقابلها ضعف في الرواتب وهذا يمنع أي مواطن يمتلك مسكناً خاصاً فيه.
هيئة لمراقبة الأسعار
من جهته قال أستاذ الاقتصاد في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت الدكتور عماد دشتي ان مشكلة السكن في الكويت مشكلة معقدة وباتت ككرة الثلج وبحاجة الى تعاون وضرورة البحث لها عن حلول مشتركة ودراسات علمية، فنحن كأساتذة على استعداد الى تقديم دراسات واستشارات تساهم في الانهاء من هذه المشكلة التي بدأت تأخذ منحى خطيرا بلا حل، مشيرا الى انه في السنوات السابقة أثبت عجز الدولة عن حل هذه الأزمة بمفردها وأنه آن الأوان لدعوة الأطراف ذات العلاقة ممثلة بالقطاع الخاص والخبرات الأجنبية لوضع حلول لهذه الأزمة، فالأزمة مرتبطة بعدد كبير من المشاكل يبدأ أهمها بأزمة الأراضي واحتكارها من قبل الدولة، وتمتد من ضعف إداري وعدم تكامل أو قصور في التشريعات المنظمة للملف العقاري والإسكاني.
وقال ان برنامج الحكومة مع الأسف مغيب على الرغم من وجود هيئة عامة للإسكان، فلا نجد لهم دوراً فعالاً في انهاء هذه المعاناة والمشكلة منذ القدم فمع الأسف في بعض الأحيان نسمع ان التغيير الوزاري المستمر له سلبيات على عدم حل المشكلة الإسكانية وهذا الأمر غير صحيح، فالحكومة يجب أن تضع خطة وتتابعها مباشرة في انشاء مدن إسكانية، والا تضعها بيد وزير حتى تكون الحجة عندما يتغير الوزير هو السبب في عدم حل المشكلة.
وتابع دشتي قائلا ان نسبة الشباب مرتفعة جدا في الكويت وتتجاوز 60 في المئة وأكثر ولا يمتلكون منازل فهذا الأمر في غاية الخطورة، مضيفا ان هناك حلولاً اقتصادية كثيرة لحل هذه المشكلة، ولكن السؤال هل الدولة جادة في إنهاء المشكلة، ومن ضمن الحلول إنشاء مدن اسكانية كالمتواجدة في ألمانيا وهولندا تحت إشراف شركات أجنبية تقوم بزراعة المدن، وإنشاء منازل من 200 متر الى 1000 والتكلفة لا تتجاوز 40 ألف دينار وبناء المنزل لا يتجاوز 6 اشهر، وهذا أحد الحلول الذي سيقضي على المشكلة، مؤكدا أن الإمارات بدأت تتجه الى بناء منازل ومدن شبيهة بهولندا وألمانيا بتكلفة أقل وهذا الأمر يحل المشكلة الإسكانية.
وقال دشتي ان مشكلة تحرير الأراضي قصة مختلقة ولا تمت للواقع بصلة لذلك يجب أن تكون هناك وقفة جادة في توفير أراض فهل يوجد أكثر من الأزمة الإسكانية الحالية ومع الاسف الحكومة لا تريد حل هذه المشكلة.
واكمل دشتي أن الشباب المقبل على الزواج ذات الدخل المتوسط لا يستطيع شراء منزل للمحافظة على أسرته، كما انه لا يعقل شباب رواتبهم لا تتجاوز 800 دينار وإيجارات الشقق تصل الى 500 دينار وأكثر، مؤكدا أن الدول المتقدمة لديها هيئة خاصة لمراقبة الإيجارات المرتفعة فعلى سبيل المثال أميركا والإمارات يراقبون قيمة الإيجار ويضعون حداً معيناً ولا يسمحون برفع قيمة الإيجارية بشكل متواصل، لذلك على الحكومة الكويتية اتباع ذات النهج وتشكيل هيئة لمراقبة إيجارات ووضع حدود معينة، حتى نقضي على هذه المشكلة.
وأكد دشتي المشكلة الاسكانية لن يتم حلها ما لم تقم الدولة بتوفير الاراضي بشكل سريع حيث انه في غضون سنوات معدودة ستتفاقم المشكلة بشكل اكبر ويصعب ايجاد اي حلول لها في المنظور القريب حيث ان ارتفاع اسعار الاراضي يعتبر من اهم الحلول التي يجب البحث لها عن حل بين كافة الجهات الحكومية المسؤولة.
واشار دشتي الى أن القضية الإسكانية في الكويت تعتبر حساسة من الناحية الاقتصادية ومن الواضح أن هاجس الحصول على مسكن العمر اصبح حلما يتمنى أي شاب تحقيقه، مؤكدا أن أداء الحكومة بالنسبة للقضية الإسكانية شكل إحباطا بالنسبة للمواطنين نظرا لصعوبة الحصول على السكن سواء لهم أو لأولادهم، مشيرا الى أن المعطيات الحالية توضح أن الحكومة غير قادرة على معالجة المشكلة الإسكانية ليس الآن أو على المدى الطويل.
الشباب: الأسعار الجنونية
تحبط مستقبلنا وطموحنا
استطلعت «الراي» آراء الشباب حول مشكلة الازمة الاسكانية وبداية يقول الطالب خالد المطيري إن أزمة الإسكان في الكويت زادت بشكل جنوني فالطلبات الإسكانية تزاد في كل يوم وكل عام ولا يقابله أي حلول في إيجاد منازل للشباب، مشيرا الى سعر ايجارات الشقق بدأ يأخذ منحنى خطيراً حيث تتجاوز 400 وتصل الى 600 دينار الذي أدى إلى عزوف العديد من الشباب عن الزواج وتفضيلهم الجلوس في المنازل.
وأكد المطيري أن الأصل في الزواج السكن والاستقرار، وتكوين أسرة تحس بالاطمئنان والراحة، ولكن أزمة الإسكان في الكويت كانت سبباً رئيساً في تأخير سن الزواج، فالأزمة الإسكانية تعد محوراً من محاور أزمة الشباب لذلك على الحكومة معالجة هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن.
من جهته قال الطالب وليد الديحاني ان عزوف الشباب عن الزواج ظاهرة ليست بجديدة إنما هي موجودة منذ القدم وهذا بسبب عدة عوامل ومنها الأزمة الاسكانية التي عجزت الحكومة عن حلها حتى تجاوزت الطلبات الاسكانية الى أكثر من 108 آلاف طلب حسب ما نقرأه في الصحف بشكل يومي وأيضا مشكلة زيادة الايجارات الباهضة التي تتجاوز للشقة في بعض المناطق 600 دينار إضافة الى مشكلة البطالة إذ لوحظ أن الشباب بعد التخرج لا يجدون وظائف تناسب طموحهم المستقبلي.
وطالب الديحاني الحكومة بضرورة وضع رؤية كاملة في توفير مدن سكانية وإيجاد وظائف فورية للشباب الخريجين وإعادة قبل أن يعزف الشباب عن الحياة وليس فقط الزواج.
من جهته قال الطالب موسى الميموني ان الأزمة الإسكانية تقف عثرة بالفعل أمام الشباب وتجعلهم يفكرون مئة مرة قبل الإقبال على الزواج وذلك نتيجة الى عدم وجود منزل ثابت وهذا الأمر تتحمله الحكومة بسبب عدم حل مشكلة الأزمة الإسكانية اما المشكلة الأخرى فتتعلق بارتفاع الإيجارات التي تبدأ من 400 دينار وتصل الى 600 وهذا الأمر يهدد معيشة الزوجين في ضل الأمور المعيشية الغالية لاسيما وان ارتفاع الأسعار شمل كل شيء مهم في حياتنا، وأن عدم وجود خطة تتماشى مع هذا الموضوع لتحسين دخل الفرد أو مكافحة هذا الغلاء، سبب مهم في عزوف الشباب عن الزواج.
بدوره أكد خالد الحريش أن مشكلة الازمة الاسكانية منذ القدم وهذا دليل قاطع أن الحكومة لا تريد هذه المشكلة وهي من فاقمت المشكلة وجعلتها تكبر ككرة الثلج والآن الضحية الشباب ومصيرهم الاسري أصبح مهددا فلا يستطيعون الزواج بسبب غلاء الايجارات ولا توجد منازل فعدم حل المشكلة الاسكانية صاحبها عزوف شبابي كبير عن الزواج.
وطالب الحريش الحكومة بضرورة توفير أراض وبيوت بشكل عاجل وتسليمها الى شركات متخصصة وفق جدول زمني معين حتى نقضي على هذه المشكلة التي بدأت تتجه بالشباب الى منحنى خطير.
انتشار العنوسة
أكد أستاذ قسم علم النفس الدكتور عويد المشعان أن هناك حاجة متزايدة لمزيد من المساكن والوحدات السكنية، فالدراسات والإحصاءات المتداولة تشير إلى عجز في توفير منازل للشباب، وهذا يؤدي الى مشكلة أكثر خطورة وهي انتشار العنوسة بين فئة الشباب والمتضرر من ذلك الأسر الكويتية، مؤكدا أن مشكلة السكن والإسكان تفاقمت وهذه المشكلة تحولت إلى قضية وهم من هموم المجتمع.
إنجاز المعاملات
قال أستاذ قسم الهندسة المدنية الدكتور فوزي الكندري دائما نجد تبادل الاتهامات بين الحكومة ومجلس الامة في حل مشكلة الازمة الاسكانية وغيرها لذلك في اعتقادي ان هذا الأمر ليس مسؤوليتهما وأقصد بذلك أن الشعب الكويتي يمثل 70 في المئة من العاملين في الجهات الحكومية، ولا يؤدون عملهم بشكل جيد فالبعض منهم يعمل في الوزارات الحكومية وعند مراجعتهم لإنجاز معاملة تستغرق من ثلاثة ايام الى اسبوع مع العلم أن بعض المعاملات لا تتجاوز ساعة او ساعتين لذلك يجب أن نعرف كمواطنين ما هو لنا وما علينا أي نحن علينا تحمل مسؤوليتنا في القيام بإنهاء القضية الاسكانية وغيرها.
بناء منازل في 6 أشهر
ذكر أستاذ علم الاقتصاد الدكتور عماد دشتي أن هناك أكاديميين رواتبهم مرتفعة وقدموا منذ عام 20 عاما على طلبات اسكانية والى الآن لم يتم توفير أرض ومسكن لهم، لافتا الى أن القضية أهملت وبسبب الاهمال عجز المسؤولون عن حلها مطالبا بضرورة وجود حلول عاجلة لانهاء هذه القضية من خلال الاتفاق مع شركات اجنبية متخصصة من المانيا وهولندا وكوريا لبناء المدن الاسكانية واغلاق هذا الملف، مؤكدا أن الشركات الاجنبية قادرة على بناء منازل خلال 6 اشهر بقيمة لا تتجاوز 60 ألف دينار حسب المساحة.
مدينة المطلاع
قال أستاذ علم الاقتصاد الدكتور حمود الشمري ان العقول والإمكانات موجودة ولكن القرار مفقود في حل القضية، إذ ذكرت إحدى الدراسات انه في عام 1988 سيتحول المطلاع الى مدينة إسكانية والى يومنا لم نشاهد منزلاً واحداً وهذا دليل انه لا يوجد تطبيق فعلي لاحتياجات المواطن وتطبيق الدراسات العلمية التي تحل مشكلة الأزمة الإسكانية.